بمناسبة قصة جسر المشاة في شارع مكة

قصة جسر المشاة في هذه المقالة هي حالة دراسية لظاهرة أردنية في التعامل المؤسسي (وسائل الإعلام والكتاب والصحفيين) والشعبي والمجتمعي مع الحدث. وهي ليست حالة نادرة، بل يمكن أن نجد كل يوم حالات كثيرة يجري حولها جدل وإشاعات واختلاف، دون أن تكون القضية التي نتجادل بشأنها واضحة أو معروفة جيدا، ودون وعي للقضية المختلف حولها؛ بل إن القصة الأصلية تضيع، ويتحول الجدل والنقاش إلى موضوعات أخرى بعيدة.اضافة اعلان
الخبر نشر في أغلب المصادر مبتورا غامضا، لا يجيب عن الأسئلة البديهية الرئيسة، ويغص بالتستر على الجهة الحقيقية وراء تفكيك الجسر! ثمة رغبة أن يمرر على أن لصوصا، وأحيانا يقال لصوص ظرفاء سرقوا الجسر.
أحد الصحفيين الأصدقاء علّق على صفحتي في "فيسبوك" قائلا: "لا يمكن أن يفكك الجسر لأجل بيعه، لأن تكاليف تفكيكه تفوق ثمن بيعه المتوقع. ولا يتوقع أن جهة تجارية مهتمة بشراء قطع من الإسمنت، ماذا ستفعل بها؟ من هو اللص الذي يستأجر آليات بمئات الدنانير لأجل بيع قطع اسمنتية أو خردة؟". وأظن أنه أوضح ما كتب حول الحادثة. والزميل هاني البدري ألمح في مقالته في "الغد" إلى أن لصوصا أو رجال أعمال يريدون تفكيك الجسر، ولكنك تحتاج إلى تركيز وإرشاد لتلاحظ التلميح والتساؤل. ومسؤول في أمانة عمان أوضح أن الأمانة استقبلت طلبات من المجاورين لموقع الجسر لإزالته.. هناك متضررون/ منزعجون من وجود الجسر لا نكاد نجرؤ على الإشارة إليهم حتى في عزّ الربيع العربي والوعود الحكومية بالحريات والشفافية والنزاهة.
قرأت حول الموضوع قدرا كبيرا من الأخبار والتعليقات والمقالات، ولم أفهم القصة، لولا إشارة الصديق الصحفي في "فيسبوك"! كيف نتوقع أن تكشف قضايا الفساد والتجاوزات الكبيرة.. والكبيرة جدا؟
كيف نميز بين الرأي (الرأي الذي ليس الصحيفة) والمعلومة؟ كيف نميز بين الخبر والموقف؟ كيف نتعلم أن نحدد المعلومة أو نعرفها قبل أن نخوض في نقاش وجدل حول القصة؟ هناك من يدافع عن سرقة الجسر لأنه ليس مفيدا، ويمكن للفقراء أن يستفيدوا من ثمن بيعه في شراء خبز لهم ولأطفالهم!
قبل فترة من الزمن، هاتفني شخص (نسيت اسمه) وكان غاضبا جدا، ويتحدث بانفعال وحدّة، وهددني وتهجم علي (يحدث هذا كثيرا) وحتى الآن لم أفهم القصة، ولا أعرف لماذا كان غاضبا ولماذا يريد أن يقتلني (البعض يكتفي بتهديدي بالشكوى للقضاء)! وذهبت كل محاولاتي لإقناعه ليخبرني بـ"السالفة" عبثا، وأظن أنه لم يسمعني بإذنه!.. كيف نتعلم الاستماع؟!

[email protected]