بنت بنوت!!

 

أليس من الأولى وقبل أن نتعلم حب الشعارات والقوالب الجاهزة المريحة، أن نحب الانسان  الذي هو أغلى ما يملكه الوطن؟

اضافة اعلان

في زحمة التحركات السياسية والدبلوماسية وأخبار رفع أسعار الوقود العالمية .. وتداعيات فوز كتلة الرابع عشر من آذار في لبنان وقوة أحمدي نجاد الـ 50.1% التي أشعلت نارا فارسية جديدة .. وبين أوراق متسللة تحت غطاء مناهضة مشروع الوطن البديل .. وابان الحركات التنظيرية الناهضة  لتعليم مناهج في حب الأردن ...

ضمن تلك الورشة التي لا تنقطع أنفاسها عن الشهيق والزفير .. استحليت أن أقص عليكم قصتين قصيرتين تصلحان لأي مكان وكل زمان ما عدا .. قبل النوم !!

القصة الأولى بطلتها امرأة , والقصة الثانية بطلتها امرأة أيضا !!

البطلة الأولى أسمها سمر أما الثانية فاسمها .. سحر . حرف واحد يفرق بينهما , وسنوات من الادراك والدهاء والقلق والانتظار ...

سمر كانت في يوم من الأيام فتاة ( مثل أي فتاة ) عمرها ثماني سنوات. وحين أقول مثل أي فتاة فقد تقصدت أن أذكركم بالفستان الوردي المنقط والجدائل الذهبية المشدودة والضحكة البريئة الطاهرة .. كان ذلك قبل عشرين عاما, حين ائتمنت والدتها أخاها الخارج من طور المراهقة توا , وبدأ يطرق أبواب الشبوبية الفائرة والطاقة المتفجرة ... ائتمنت على ابنتها حضن خال قضى نصف عمره في منزل أخته وزوجها يأكل ويشرب ويستحم ويهاتف صاحباته من الليل حتى بزوغ الفجر من هاتف منزل أخته الأرضي!!

خال شاهد سمر وهي في اللفة وهرب بعيدا يوم نزعوا ملقط سرتها عن بطنها الغض ... تعلم نظرية بافلوف الترابطية حين كان يدخل من باب الدار فتبتسم سمر وترفع ذراعيها أن يحملها الى المروحة فوق!!

طبعا وبعد هذه المقدمة الدرامية, لكم أن تستشعروا خطرا كان يحدق باثنين ليسا غريبين في البيت .. فما أن غاب الأهل وحل الظلام ... كان لسمر وخالها تجربة أخرى من العلاقة لم تعد انسانية بعد!! لم يعد الخال خالا ولا بقيت ابنة الأخت بنتا .. ليست بنتا على الاطلاق!!!

قطع / على طريقة كتاب الدراما , حيث ... سحر .. والتي باختصار كانت لديها عائلة كبيرة .. أخوة وأخوات وأعمام وأخوال, لم يجرؤوا على  التقليل من شأن تدليلها والاحاطة برغباتها ومتطلباتها وهفواتها!! سحر كبرت من دون جرح داخلي عميق تخفيه عن الأعين والفهم والأسئلة .. كبرت وكبر دلالها واتسعت دائرة مطالبها حتى غدت كرة نار منطلقة متحررة محرقة ... مزعجة في كثير من الأحيان!! ولأنها لا تفهم كيف تضبط رغباتها وتضع لالحاح أسئلتها حدا, لم يكن غريبا أن تستفيق عصر ذات يوم على خبر نهاية عهدها بالبكارة .. بكت قليلا على (حظها) وتلفعت بثوب الندم لخمسة أيام ليس أكثر .. لأنه ما ان حل صباح خميس آخر الا وكانت ساقاها تسابقان ريح الشباب ورائحة السعادة التي عرفت لها طعما آخر .. وهذه المرة .. هذه المرات ... من دون الشعور بالندم ولا الحزن ولا الضياع!!

قطع / قبل عدة أيام تصادف موعدان في غاية التعقيد والسخرية معا .. كان عرس سمر .. وكان عرس سحر .. سمر التي عاشت سنواتها الثماني والعشرين وهي مختبئة خلف سرها اللعين غير مطمئنة للحظة اللقاء الذي لم يكن الا مخيفا رهيبا قاتلا .. لكن كان لا بد أن يأتي بعد أن مرت سنوات العمر وقبل أن تقتلها أسئلة الأهل المربكة حول عزوفها عن الزواج ...

أما سحر فقد كانت ليلتها ليلاء ... لا خوف ولا ريبة ولا أسئلة .. لأن الاجابة كانت حاضرة وجاهزة بعد أن استفاقت قبل أسبوع من التخدير الذي لجأت اليه أثناء العملية (اياها) ... سمر تدخل غرفة الفندق مذعورة ومهزومة ومنزوعة السلاح ... سحر تدخل غرفة مقابلة آمنة مطمئنة مدججة بالسلا !!!

هل أدلكم على النهايتين؟ أم أنكم بتم تعرفون مجتمعكم جيدا؟ بتم تفهمون ما معنى طلب تقرير الطب الشرعي لعذرية فتاة ما والذي استفاقت الأردن على وقع حقيقته المرة قبل أيام حين سكبت جريدة الغد ماء باردا على وجوه خربها النعاس الثقيل. هل صرتم تقدرون تحرج مفتي عام المملكة من البت في تشريع فحص العذرية قبل الزواج؟ ان كان كذلك, أو ان لم يكن .. فاعلموا أن سمر طلقت في يوم صباحيتها .. وبدأت منذ تلك اللحظة حربا دفاعية عن شرف لم تفقده أبدا. أما سحر فهي اليوم وحتى نهاية هذا الشهر في رحلة عسل طويلة تشمل دولا أوروبية جميلة وغناء وتليق بالكذبة الكبيرة, والتي صدقها مجتمعها بسطحية رؤيته وسذاجة أحكامه ...

وأخيرا لا تعليق لدي ... لكنه سؤال أوجهه لكل من يتحرى طريقه ليحب بلده ... أليس من الأولى وقبل أن نتعلم أن نحب الشعارات والقوالب الجاهزة المريحة .. أن نحب الانسان أولا (الذكر والانثى) ... الذي هو أغلى ما يملكه الوطن؟ اليس من الأجدر أن نحب عقولنا وسماحتنا وطيبتنا وذكاءنا وننتصر بكل تلك الأسلحة على حزب التخلف والموت الذي هو حقيقةً ألدُ أعداء الوطن؟

*كاتبة وصحافية أردنية