بن غوريون تجسس على أبناء الطوائف الشرقية

هآرتس بقلم: عوفر أديرت 7/5/2021 في إحدى صفحات مذكراته، وصف دافيد بن غوريون الأهداف التي يتجسس عليها جهاز التجسس في إسرائيل قبل أن تكمل عامها الأول. القائمة، بخط يد رئيس الحكومة الأول، شملت "المنشقين" (منظمة ايتسل ومنظمة ليحي اللتان لم تخضعا لسلطة المؤسسات المنتخبة لليشوف)، "الطوائف الشرقية (بالأساس المهاجرين من شمال افريقيا في التجمعات السكنية المؤقتة للمهاجرين)، "أحزاب" (خصومه السياسيين) وماكي (الحزب الشيوعي الإسرائيلي). القائمة عددها في مذكراته بعد اللقاء بينه وبين آيسر هرئيل، رئيس الموساد ورئيس الشباك الأول، الذي احتج أمامه على عدم المصادقة له على ما يكفي من الإجراءات والميزانيات. منذ العام 1949، الموعد الذي كتب فيه بن غوريون هذه القائمة، بقيت هذه القائمة سرية في مذكراته. فقط مؤخرا، بعد 72 سنة على كتابتها و48 سنة على موته، تم السماح بنشرها. معهد الأبحاث "عكفوت" الذي يعمل في أبحاث النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني ويناضل من أجل رفع المنع عن وثائق محفوظة في أرشيف الحكومة، هو الذي يقف من وراء النشر الجديد. أعضاء المعهد توجهوا إلى معهد بن غوريون الذي يملك المذكرات وطلبوا رفع الحظر عن أجزاء واسعة في المذكرات، التي لا يوجد أي سبب مرئي للعيان لإخفائها عن الجمهور في العام 2021. بعد الفحص الذي أجراه معهد بن غوريون مع أرشيف الدولة، الذي يخضع له أرشيف المعهد، تمت الاستجابة لطلب رفع الحظر عن جزء من الوثائق. في المرحلة الأولى تمت إزالة الشطب والإخفاء من مذكرات بن غوريون بين الأعوام 1948-1953. والاطلاع على المذكرات بالصيغة غير المراقبة لا يكشف حقا أسرار دولة سرية، لكن بالتأكيد يمكن من تعميق فهم الأحداث التاريخية المختلفة، بالأساس أفكار ومشاعر الكاتب تجاهها. في 26 أيلول (سبتمبر) 1948 تطرق بن غوريون في المذكرات للاجئين العرب الذين هربوا أو طردوا من قراهم في حرب الاستقلال. بن غوريون يوثق محادثة أو لقاء أجراه مع يوسف فايتس، مدير قسم الأراضي والغابات في الكيرن كييمت. من هذا اللقاء يتبين أنهما خافا من محاولة لاجئين عرب العودة إلى بيوتهم في إسرائيل. "هناك حالات وصل فيها لاجئون من الرملة واللد إلى غزة عبر رام الله. لأنه من غزة يعتقدون أنه من السهل عليهم العودة إلى الرملة واللد. ما العمل؟"، كتب في المذكرات. ومن غير الواضح اذا كان هذا اقتباس لفايتس أو تعبير عن افكار بن غوريون نفسه. الإجابة تأتي في الجزء الثاني من الجملة. "... يجب أن نلاحق بلا توقف... أيضا في الجنوب يجب أن نلاحق وندفع اللاجئين نحو الشرق، لأنهم لن يذهبوا إلى البحر وإلى مصر لا يسمح لهم بالدخول"، كتب وتطرق إلى دفعهم نحو الأردن. "من يعالج الملاحقة" تساءل بن غوريون في مذكراته وأجاب: "شيلوح، وتساعده لجنة فايتس". شيلوح هو رؤوبين شيلوح، من رؤساء المخابرات والقائد الأول للموساد. اللجنة كانت "لجنة الترانسفير"، التي تم تشكيلها في ذروة حرب الاستقلال من أجل فحص سياسة الحكومة في موضوع اللاجئين الفلسطينيين، ولدقة أكبر، كيفية تشجيعهم على الهجرة من البلاد. في 2 نيسان (أبريل) 1950، كتب بن غوريون في مذكراته أن "الأمور في النقب ليست على ما يرام". ويكتب بالتفصيل عن قتل واغتصاب عربيات من قبل جنود الجيش الإسرائيلي وعن رد الجيش المصري. "مرة أخرى ألقى جنودنا (مغاربة) القبض على فتيات عربيات، قاموا باغتصابهن وقتلهن. وكرد على ذلك قام المصريون بوضع لغم وكمين وقتلوا خمسة من رجالنا -ثلاثة جنود ومدنيين". بعد شهر، كتب بن غوريون في مذكراته عن الوضع الصحي والنفسي لنائب رئيس الأركان في حينه، الذي أصبح بعد ذلك رئيس الأركان الثالث، مردخاي مكليف، في أعقاب لقاء أجراه مع زوجته اوريت. "موتكا تعب ومحبط، يوجد عليه عبء ثقيل. حسب رأيه يفوق قواه الجسدية والنفسية"، كتب بن غوريون. "لا توجد حياة عائلية، لكن هذا لا يهمها لأنه لا مناص من ذلك"، أضاف بتطرقه لزوجته. في نهاية الفقرة، كتب بن غوريون "أنا متأسفة على عدم وجود حياة عائلية نبيلة، لكن في جيلنا يجب علينا أن نتحلى بالقسوة. الأمن ليس بالأمر السهل أو اللين. وإذا كانت هناك حاجة سيرسل وزير الدفاع رجال مثل موتكا أيضا ليقتلوا. موتكا مطلوب للجيش، وحسب رأيي يجب عليه أن يبقى فيه". كالعادة في مذكرات بن غوريون، ليس من الواضح اذا كان الحديث يدور عن اقتباس لزوجة مكليف أو عن أمور فكر بها بن غوريون نفسه أو خليط بينهما. موضوع آخر تم رفع المنع عنه الآن ويظهر في المذكرات هو الردود على قضية إغراق سفينة السلاح التابعة للايتسل "ألتلينا" التي أثارت اليشوف، والتي حدثت في حزيران 1948. في المذكرات يصف بن غوريون نقاشا صاخبا في الحكومة في أعقاب ضغوط لإطلاق سراح أعضاء ايتسل الذين اعتقلوا بعد تبادل لإطلاق النار مع الجيش الإسرائيلي. في المذكرات يمكن القراءة عن أعضاء كنيست ووزراء يسمون "حقير"، "ممسحة"، "نذل"، "وضيع" (ليس دائما واضح من هو المقصود). أيضا تطرق بن غوريون الذي قال فيه "إن الحقير يجب أن يستقيل" لأنني "قلت له إنه يجب أن يدفع ثمن الرصاصات التي أطلقها على اليهود". هذا الموضوع لخصه كما يلي: "هذا هو الوضع في الحزب. أنا يائس من ذلك". في مقطع آخر الذي تم إخفاؤه وسمح بنشره الآن فقط، يتحدث بن غوريون عن لقاء أجراه في 1951 مع آرنست بريغمان من آباء العلوم في إسرائيل والذي كان المسؤول عن عدد من المشاريع العسكرية-العلمية. "جاء لي د. بريغمان. قاموا بإعداد مادة حساسة تتسبب بالسرطان. وهي تمكن من فحص السرطان في بداية تكونه"، قال بن غوريون بغير توسع. إن كشف أجزاء كانت ممنوعة -عشرات المقاطع في أرشيفات مختلفة- استمر نحو سنتين، من اليوم الذي قدم فيه المؤرخ وباحث "عكفوت"، آدم راز، طلبه. أيضا بعد الكشف ما تزال هناك مواد كثيرة محظورة في مذكرات بن غوريون وفي وثائق أخرى محفوظة في أرشيف معهد بن غوريون. إضافة إلى ذلك، توجه أعضاء "عكفوت" أيضا إلى أرشيف الدولة وطلبوا رفع الحظر عن وثائق كثيرة أخرى من الفترة محل النقاش، التي لا يوجد أي سبب ظاهر للعيان للاستمرار في إخفائها عن عيون الجمهور. "رفع التعتيم (الجزئي) عن مذكرات بن غوريون هو خطوة مهمة"، قال ليئور يفنه، مدير عكفوت، وأضاف "إن التعتيم على وثائق الأرشيف هو فجوات تخفي في داخلها أجزاء مهمة من تاريخ الدولة والمجتمع. هذا التعتيم بقي في مكانه أيضا لسنوات كثيرة بعد أن سمح القانون بكشف مضمونها، ضمن أمور أخرى، بسبب غياب الموارد أو الوعي أو الرغبة لدى هذه الأرشيفات. آدم راز أضاف في هذا السياق بأن بحثا تاريخيا لا يمكن أن يكون كاملا من دون أن يتوجه الباحث الذي يقف من خلفه إلى الأرشيف بحثا عن وثائق ما تزال محظورة، وطلب كشفها. كشف المقاطع المحظورة في مذكرات بن غوريون يدل أيضا على السهولة التي كان يتم فيها حظر الوثائق التاريخية. وهو يكشف أنه في حالات كثيرة، حسب أقوال يفنه، "لم تكن حماية المصالح الأمنية أو العلاقات الخارجية أو الخصوصية"، هي التي تقف في خلفية ذلك، بل حاجات أخرى تماما، الحفاظ على الصورة العامة لمؤسسات وشخصيات كهذه أو تلك أو منع معلومات ونقاشات تتعلق بأسس النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. في حالات أخرى مقاطع تم حظرها عشرات السنين من مذكرات بن غوريون كانت متاحة في الوقت نفسه في أرشيفات أخرى. وهذا يثبت إلى أي درجة لم تكن هناك سياسة ثابتة وموحدة ومنظمة للحظر على وثائق الأرشيف.اضافة اعلان