بوابة إلكترونية للتربية الإعلامية.. خطوة في الاتجاه الصحيح

من المبادرات التي استوقفتني مؤخرًا اطلاق وزارة الثقافة البوابة الإلكترونية للحملة الوطنية لنشر التربية الإعلامية والمعلوماتية «ثقتنا» والمسابقة التفاعلية «صدقني».اضافة اعلان
هذه البوابة التي تأتي في اطار تنفيذ ما تضمنته الخطة التنفيذية للمبادرة الوطنية لنشر التربية المعلوماتية والاعلامية للاعوام 2020-2023م التي تمّ اقرارها من قبل مجلس الوزراء. هذه الخطة التي صرح وزير الثقافة لدى اطلاقها في مؤتمر صحفي في شهر حزيران (يونيو) من العام الحالي بأنها تهدف إلى الانتقال من النظرة السائدة حول التربية الإعلامية كأداة للحماية والدفاع إلى فهم أعمق وأشمل، بوصفها أداة للتمكين والمشاركة والابتكار. وأنّ الهدف الاستراتيجي للخطة يتمثل بادماج مفاهيم التربية الاعلامية والمعلوماتية ومهاراتها في النظام التعليمي الأردنيّ ونشرها في المدارس والجامعات وتضمينها في أنشطة المؤسسات الثقافية والشبابية ومؤسسات المجتمع المدني ونشر الوعي بها من خلال وسائل الإعلام وفي المجال العام . وأنّ المنظور الذي اعتمدته الخطة يقوم على فهم الاعلام المعاصر ومحو الأمية الإخبارية ومحو الأمية المعلوماتية والمواطنة الرقمية لايجاد حالة من الثقة العامة والتحصين المعرفي في مواجهة الاشاعات والتضليل وأنّ هذا المنظور يلتزم بمبادئ حقوق الإنسان والحق في حرية التعبير والعدالة الجندرية.
إن الظرف الراهن المتمثل في انتشار فيروس كورونا المستجد وما رافقه من أحداث متلاحقة وسعي خلف المعلومة وانتشار للشائعات سواء بسبب نقص المعلومات تارة أو بسبب نقص الوعي والقدرة على التعامل مع تدفق المعلومات الهائل من قبل الأفراد، يؤكد مجددا أننا بحاجة ماسة لمثل هذه الخطط الطموحة التي تعدّ خطوات في الطريق الصحيح نحو السعي لتعزيز المنعة الذاتية وتعزيز مواطن القوة لدى المجتمع بصورة عامة.
في منتصف شهر أيلول (سبتمبر) كنت قد نشرت مقالًا في صحيفة الغد بعنوان «التربية المعلوماتية لم تعد ترفًا» أشرت خلاله إلى أنّ الاشكالية المتجذرة في تلقي المعلومات والأخبار بين الجمهور وتداولها على نطاق واسع دون تمحيص أو نقد بناء لمضمونها والركون إليها والتعامل معها على أنهّا مصدر أوليّ ونهائي، يبني الأفراد توجهاتهم وسلوكهم سندا لها، تجعلنا ندرك أننا بعيدين كل البعد عن مفهوم التربية الاعلامية التي أمست حاجة ملحة في زمن تتسارع فيه وتيرة المعلومات وتؤثر فيه وسائل الاعلام على حياة الافراد سواء على المستوى المعرفي والاداركي وفي الاتجاهات والمواقف وما ينتج عن ذلك من التأثير في السلوك الذي ينتهجه الأفراد في حياتهم اليومية وفي القرارات التي يتخذونها.
ولكن وفي ظل وجود وعي بأننا امام تحد معلوماتي، وفي اطار وجود خطة تنفيذية ومبادرات تطلق لمأسسة مفهوم التربية الاعلامية ونشر مفاهيمها ومهاراتها بين الأفراد لتجاوز هذه التحديات وفي سياق ما تبنته الخطة التنفيذية للمبادرة الوطنية لنشر التربية الاعلامية والمعلوماتية من العمل ضمن مسارات عدة تتمثل في ترسيخ هذه المفاهيم والمهارات وادماجها في النظام المدرسي والجامعي وفي اطار عمل المؤسسات الشبابية والثقافية وفي المجتمع المدني والمجال العام، لا بدّ وتحقيقًا لهذه الرؤية بعيدة الأفق والمدى من تضافر جهود الأطراف المعنية جميعًا وتوفير الدعم الدائم والمستمر لتجسيد ما وردّ في هذه الخطة على أرض الواقع والنهوض بمضامينها وتحقيق ما تصبو إليه من أهداف وصولا إلى افراد قادرين على التعاطي مع المعلومات، لديهم المهارات اللازمة لمعالجة المضامين الإعلامية وتحليل وتفسير ما يشاهدونه أو يسمعونه أو يتلقونه.