بورصة عمان والانتقال نحو المستقبل

يوسف محمد ضمرة غابت بورصة عمان في العديد من الفعاليات الاقتصادية، لكنها كانت حاضرة في ورشة عمل الانتقال نحو المستقبل "تحرير الإمكانيات لتحديث الاقتصاد"، ضمن أعمال لجنة قطاع الأسواق والخدمات المالية بهدف إيجاد حلول واقعية تنشط السوق المالي الذي يعاني من التراجع وضعفا بحجم التداول منذ نحو عقد ونصف من الزمان. بورصة عمان ليست مكاناً للمضاربة، فالتحديات التي تواجهها ما تزال ماثلة؛ منها ما يتعلق بضحالة حجم التداول وضعف الصناديق المحلية والأجنبية في الدخول للاستثمار فيها، وبالمختصر فإن النزعة الفردية بالاستثمار هي المسيطرة عليه، وبالتالي التذبذب يكون طبيعيا في ظل عدم وجود صانع للسوق وعدم وجود استثمارات طويلة ومتوسطة المدى من قبل الصناديق المختلفة. بورصة عمان من أوائل اسواق المال العربية، لكنها وللأسف تُصنف من بين الأسواق المبتدئة، بخلاف أسواق مال عربية انشئت بعدنا لكنها استطاعت أن تجد موطئ قدم لها ضمن الأسواق الناشئة وبالتالي ضمنت وجود حصة من الاستثمارات العربية والأجنبية لأن الصناديق عند تشكيل محافظها توزع نسبها بين تلك التصنيفات. لا شك أنّ السوق المالي بعد أن شهد طفرةً غير مسبوقة في السنوات التي خلت ووصلت أحجام التداول في البورصة الى نحو 150 مليون دينار قد كانت جاذبة، لكن لم يواكب هذا التحسن تطوير لا في الأدوات ولا في التشريعات للحفاظ على مكانتها، فتراجعنا بشكل مخيف. بتحليل التراجع وهو ما ناقشته اللجنة تبين أن ضعف الحاكمية الرشيدة قاد إلى عوامل عديد صبت في مجملها بالعودة الى الخلف. منذ سنوات لم تدرج شركات في بورصة عمان، وبتفحّص الشركات بعد أن قسّمت السوق الى ثلاثة اسواق بناء على معايير منحت فرصة لمساعدة المستثمرين وخصوصا الفرديين المبتدئين، كان السوق الاول، على سبيل المثال، تمتاز شركاته بكونها قوية وذات توزيعات منتظمة، بخلاف السوق الثالث الذي فيه شركات ضعيفة الأداء ومنذ سنوات لم توزّع أي عوائد على مساهميها، ولا ننسى أن بعض الشركات التي كانت مدرجة وتبخرت أصولها نتيجة انحرافها عن غاياتها التي أنشئت من أجلها إلى جانب سوء إداراتها حتى أن بعضها تم تحويله لهيئة مكافحة الفساد، مما يعني بأن الجهات الرقابية التي تراقب عليها تحمل مسؤولية رغم أنها أوجدت من أجل حماية المستثمرين، ما تسبب في اهتزاز الثقة بالشركات المدرجة كاملة. وخلال الحوارات التي هدفت الى تعميق سوق رأس المال، تم التطرق إلى شركات التعدين كشركة البوتاس العربية ومناجم الفوسفات الاردنية ونتائجهما الرائعة، وامتلاكهما احتياطيات تصل لمليارات الدنانير في ميزانياتهما ووصفها البعض "بجوهرة السوق المالي"، وتم دعوتها الى الاستفادة من تلك الانجازات حتى يتسنى تعميق سوق رأس المال والتدرج وصولا إلى الانتقال من سوق مبتدئ الى سوق ناشئ، وضرورة التباحث مع ادارات هذه الشركات لجعل جزء من توزيعاتها أسهماً مجانية الى جانب ما أعلنت عنه بعض الشركات من نسب توزيعات نقدية ممتازة لأن حجم الأسهم الحرة يساعد على تنشيط السوق. لا شك أن إعادة بورصة عمان كوعاء للمستثمرين المحليين والأجانب له منافع عديدة؛ فمن جانب المستثمر المحلي عند تحقيقه أرباحا فينفقها داخليا مما ينشط الطلب، بينما المستثمر الاجنبي يجلب العملات الصعبة والكثير الكثير من المنافع في حال تم تحقيق ذلك. المقال السابق للكاتب  للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنااضافة اعلان