بورصة عمان والخسائر الدفترية

فرض قانون ضريبة الدخل الجديد والذي أقر في نهاية الشهر قبل الأخير من العام 2018 ، ضريبة متاجرة على الأسهم. وتعاني بورصة عمان مسبقا من خسائر تكبدتها منذ الأزمة المالية العالمية في العام 2008، حيث تراجعت قيمتها السوقية من 42 مليار دينار إلى نحو 16 مليار دينار حالياً. ثم في أعقاب الانهيار الذي حدث بعد إقرار قانون الضريبة الجديد، تباحثت الحكومة مع هيئة الأوراق المالية والعاملين في السوق للتوصل إلى مخرج يتمثل في فرض ضريبة مقطوعة بدلاً من الإقرارات الضريبية التي يحسم على أساسها مقدار الضريبة. وكانت بورصة عمان قد شهدت بيوعات لصناديق أجنبية في ظل توفر بدائل استثمارية في أسواق المنطقة التي تُصنف كأسواق ناشئة، فيما تصنف بورصة عمان كسوق مبتدئ. اقتنعت الحكومة بعد التراجع الكبير والخسائر التي منيت بها السوق بأنها لن تحقق مبلغ 12 مليون دينار الذي كانت قد رسمته محاسبياً، بل إنها ربما ستخسر أكثر في العام المقبل عندما يقدم كبار دافعي الضرائب خسائرهم في السوق شحيح السيولة. تجدر الملاحظة أن التراجع في القيمة الدفترية قد ألحق الضرر بصندوق الاستثمارات العامة المملوك لوزارة المالية، وكذلك صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي. ويُجبَر القانون وفقا للتصور الأولي قرابة 250 ألف مساهم في بورصة عمان على تقديم إقرارات ضريبية، مما يشكل عبئاً غير مجدٍ على ضريبة الدخل والمبيعات. تراجعت الحكومة بعد مشاورتها المذكورة باعتبار أن 1.6 دينار لكل ألف هو مبلغ مكلف ويرفع الكلفة الاستثمارية في بورصة عمان، فخفضته حالياً إلى 80 قرشاً لكل ألف. ومع ذلك، يشكك الكثيرون في تحقيق الحكومة إيرادات. وهم يرون أن مضار هذه الترتيبات ستكون أكثر من نفعها على صعيد الاقتصاد الكلي، وخصوصا من ناحية جذب الاستثمارات التي ينبغي أن تصنف أسرع الطرق في ظل المنافسة مع أسواق الجوار. وفق كافة المقاييس، أثبتت التجربة أن فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية فكرة فاشلة في العديد من الدول التي طبقتها، وآخرها مصر. وقد ظهرت بمجرد وضع تلك المادة الخسائر الدفترية السريعة. وقد حاول العديد من المعنيين في السوق تلافيها برفع التقييمات وحماية أنفسهم من الخسائر التي ستتجلى في الميزانيات. كما أن إعادة بعض المستثمرين الأجانب الذين نفذوا بيوعاتهم خلال نحو شهر لن تكون سهلة، في وقت نبحث فيه نحن والدول الأخرى عن أي استثمارات جديدة تتدفق إليها. وبذلك، أظهرت تبعات القرار المحاسبي الذي افترض أن قانون ضريبة الدخل سينشط النمو فشل هذا القرار. وخير مقياس هو ما حدث في بورصة عمان. كما أظهرت التجربة ضرورة إجراء دراسة وافية عن الإيجابيات والسلبيات والخروج بصورة كلية عن طبيعة التشريعات عندما تنفرد بها الحكومة من دون البحث والتشاركية مع القطاع الخاص.اضافة اعلان