"بوكسات" في كل مكان!

عقدت العزم على التسجيل في نادٍ لكمال الأجسام، صحيح أحتاج لأشهر طويلة حتى يتم نفخي مثل المنطاد كوني ثلاث أواقي لحم ولكن، في النهاية ستصبح كلمتي مسموعة في البلد أكثر من كلمة الملقي!اضافة اعلان
يبدو أن المستقبل في البلد لأصحاب العضلات لا لأصحاب الشهادات، فصاحب العضلات موضع ترحيب واحترام اينما ذهب، خصوصا اذا اظهر عضلاته المكتوب عليها حياتي عذاب او امي الحنونة.. بينما عضلاتنا نحن لا تنفع حتى لكتابة "لتشييك مزارعكم"!
من منّا لا يشاهد صاحب العضلات ولا يبلع ريقه، بينما انا من يشاهدني يبلع ترمس أو زر بندورة، واذا ما دخل اي مؤسسة فان معاملته جاهزة، بينما انا حتى تنتهي معاملتي يكون ترمب قد انهى مدته الرئاسية.
في احدى المرات حضرت احدى المشاجرات ولأن فلسفتي زائدة تدخلت للفصل، كنت انادي عليهم بتوحيد الله والشر مش مكسب وكلنا اخوان، وعندما وجدوا أن الحصيني انصح مني تركوا خلافهم والتفتوا إليّ بما دخلك؟! حينها أكلت بوكسا في مرحلة الذهاب وشلوتا في مرحلة الاياب واليوم عيوني ترمش مثل غمازات السيارات بينما البنكرياس ذكر لي الاطباء انه اصبح في الجهة المقابلة لمكانه الأصلي!
حين يحضر صاحب العضلات للفصل في مشاجرة لا يناديهم بأي عبارات لتطييب الخواطر كل مايقوله: وله انت وإياه، فتنزل السكينة والطمانينة عليهم وبقدرة قادر يتحابون اخوانا وكأن شيئا لم يكن.
كل يوم نسمع عن اعتداء على معلم او طبيب، ويبدو اننا لم نعد بحاجة لارسال الطبيب لدورة متقدمة في علاج السكري والمعلم لدورة في اساليب التربية الحديثة، يبدو ان الحاجة اصبحت ماسة لإرسالهما لدورة تايكواندو او جودو او ملاكمة!
ببوكس تستطيع علاج قريبك وتأمين الدواء، وببوكس يهرع اطباء الاختصاص، وببوكس يتم تأمين السرير لمريضك، واذا كان مريضك بحاجة الى الدم فأيضا ببوكس تستطيع الحصول على جركن دم من بنك الدم دون حاجة للتبرع.
ايضا ببوكس تستطيع ان يصبح ابنك متفوقا، وببوكس يدخل ابنك المدرسة ويخرج وقتما يشاء، وببوكس يدخن ابنك في ساحة المدرسة، وببوكس قد يحصل ابنك على جائزة حفظ القرآن وهو لا يحفظ إنا اعطيناك الكوثر.
حتى الآن البوكسات محصورة في وزارتين التربية والصحة، وقد تنتشر الظاهرة إلى باقي وزارات ومؤسسات لدولة فيتم الاستغناء عن وضع طابع على المعاملة بوضع بوكس على صباح الموظف.
وقد يأتي وقت لا يكون مرجع الوزارات للتعيين ديوان الخدمة المدنية، بل ستصبح تبحث عن الموظفين في أندية الملاكمة والكاراتيه، الحاصل على حزام أسود ستكون له الاولوية في التعيين في مؤسسات الدولة.
كما لن نبحث عن اصحاب الخبرات للتعيين بل سنبحث عن اصحاب الأسبقيات، وذلك ضمن اطار خطة وطنية شاملة للدفاع عن النفس.
اذا لم نتحرك لوقف هذه الظاهرة، سيأتي وقت وتختفي الواسطة والمحسوبية ليحل محلها البوكس، وقد يأتي احدهم وزيرا عن طريق بوكس او ضربة تايكواندو، وقد نجد ان اكثر من نصف مجلس الوزراء مطلوبون للتنفيذ القضائي!
لم نعد بحاجة لندوات توعية للوقاية من المخدرات او التدخين، بل أصبحنا بحاجة ماسة لندوات توعية للوقاية من البوكس.
لن يكفي تشديد العقوبات لوضع حد لهذه الظاهرة قبل أن تتفاقم، بل يكفي أن يأتي المريض ويجد من يقيس له الضغط!