بومبيو والمزيد في الجعبة الأميركية!

تؤكد تصريحات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، التي نقلتها أمس قناة "سي إن إن" حول توجه بنيامين نتنياهو لضم مستوطنات الاحتلال في الضفة الغربية لاسرائيل، ما كان اكده نتنياهو عشية الانتخابات الاسرائيلية، من ان ضم كل المستوطنات بأراضي الضفة "سيتم تدريجياً، وبالتنسيق مع الولايات المتحدة".اضافة اعلان
بومبيو ذاته كان تجنب قبل اكثر من اسبوع الرد على سؤال في الكونغرس الاميركي حول موقف الولايات المتحدة من اعلان نتنياهو عزمه ضم المستوطنات، لكنه يوم امس كان واضحا، باتجاه التمهيد لاعلان موافقة اميركية رسمية على هذا الضم المخالف للشرعية الدولية والناسف لكل اسس عملية السلام التي ينادي بها العالم. بومبيو قال أمس إن "حديث رئيس وزراء الإسرائيلي حول فرض السيادة الإسرائيلية على مستوطنات الضفة الغربية لن يضر بخطة واشنطن المنتظرة للسلام"!
ولتفسير تناقض ما يطرحه تجاه المستوطنات مع مبدأ حل الدولتين والقرارات الدولية التي يفترض ان تحكم اي عملية تسوية، قال بومبيو للقناة التلفزيونية الأميركية: "أعتقد أن الرؤية التي سنعرضها (يقصد بخطة التسوية او ما سميت بصفقة القرن) ستختلف كثيرا عن النموذج المتبع سابقا.. كانت لدينا أفكار عديدة لمدة 40 عاما، ولم تحقق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.. فكرتنا هي عرض رؤية تضم أفكارا جديدة مختلفة ومتميزة، وتحاول إعادة تأطير وحل مشكلة كانت مستعصية".
وبذلك؛ وبعد سلسلة القرارات التي اتخذتها ادارة ترامب، وتحديدا في قراري القدس والجولان المحتلين والاقرار بسيادة الاحتلال عليهما، تكمل هذه الادارة الأسوأ في انحيازها للكيان الاسرائيلي، عدائها للحقوق العربية وللشرعية الدولية بالتمهيد للموافقة على ضم المستوطنات لكيان الاحتلال، ما يكشف بكل وضوح عن طبيعة "صفقة القرن" التي تبشر الولايات المتحدة بنشرها وطرحا قريبا، والتي توئد كما هو واضح وعبر اجراءات عملية متراكمة على الأرض، حل الدولتين وحتى حل الدولة الواحدة.
بضم المستوطنات لكيان الاحتلال، وهي التي تقطع اراضي الضفة الغربية المحتلة، وتسيطر على المواقع الاستراتيجية فيها، فان ملامح خطة التسوية الاميركية تكون قد اتضحت، حيث الهدف هو إضفاء الشرعية على تسمين كيان الاحتلال بضم المستوطنات ومناطق واسعة من الضفة المحتلة، وابقاء كانتونات معزولة للفلسطينيين لا تمنح املا باقامة دولة حتى بالحد الادنى، ما يفتح الباب –كما يخططون- لتصبح هذه المناطق طاردة للفلسطينيين.
الحديث الواسع عن أحلام الصفقة من أموال واستثمارات ستضخ إلى المنطقة لا تعدو عن كونها أوهاما، حتى لو وصل جزء منها فلن يكون إلا على حساب السيادة والحقوق والارض للشعب الفلسطيني، وبما يمس أيضا المصالح العليا للأردن والامة العربية. فيما تسعى الإدارة الأميركية عبر صفقتها إلى تطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل وإدخال الأخيرة عنصرا فاعلا بتحالفات الاقليم علنا ورسميا.
طبعا؛ ما لم تعرفه الولايات المتحدة وادارة ترامب المتصهينة هو ان ارادة الشعوب الحرة هي أقوى من كل الاسلحة والضغوط واوجه القوة المادية التي يمتلكها المحتلون وداعموهم، وان الشعب الفلسطيني الذي قدم مئات الاف الشهداء والجرحى والاسرى في سبيل قضيته وحقوقه الوطنية، لن تجبره كل قوى الارض على التوقيع اليوم على التنازل عن حقوقه الوطنية الثابتة. كما ان الامة العربية، رغم كل حالة التشرذم والتقسيم والضعف التي تمر بها لا يمكن ان تتنازل عن حقوقها وتاريخها في فلسطين.
نعم؛ تمتلك اسرائيل والولايات المتحدة اليوم كل أدوات القوة والسطوة لكنهما تفتقدان الحق والشرعية الدولية والانسانية، وكل المستقبل سيكون للحق والشرعية وإن طال الزمن!