بيان النسور الحكومي شامل ومدعم بالبرامج والعبرة في الالتزام والتطبيق

عمان - الغد - وصف أكثر من سياسي بيان الحكومة، الذي قدمه رئيس الوزراء عبدالله النسور لطلب الثقة على أساسه من مجلس النواب، بأنه "شامل"،لكنهم أكدوا أيضاً بأنه لم يأت "بما هو خارج عن المألوف" في بيانات الحكومات السابقة.اضافة اعلان
وحتى الاستثناء الذي قدمه النسور في تضمينه للبيان الحكومي لخطة عمل وبرامج حكومية تنفذ على مدار الأعوام الأربعة المقبلة، فإن نوابا اعتبروا أن البرامج قد لا تكون مُلزمة للحكومات التي ستخلف النسور، أو حتى لحكومة الأخير نفسها.
وبحسب نواب، فإن الحكومات أسقطت الاعتبار من كل ما هو استراتيجي، لذلك فإن الاستراتيجيات الحكومية ما تزال رهينة الأدراج، ويمكن استذكارها فقط في مناسبات محددة.
صحيح أن ردود الأفعال النيابية الأولية على بيان الحكومة جاءت في أعقاب فوضى افتعلها نواب، بعد رفض رئيس مجلسهم سعد هايل السرور فتح النقاش على أحداث مسيرة إربد، التي وقعت يوم الجمعة الماضي، إلا أن ردود الأفعال أيضا اتسمت بثباتها على مواقف نواب من الحكومة ورئيسها أصلا.
ويرى نواب، لم يفصحوا عن مواقفهم بعد من حجب الثقة أو منحها للحكومة، أن النسور أخطأ عندما رفع سقف الطموحات من بيان الثقة، خصوصا أن البيان لم يأتِ بجديد أو اختراق لبيانات حكومية سابقة.
لا يعول نواب على "بيان الثقة"، وهم في خاطرهم حكومات سابقة "أطربتهم بجميل البيانات، وخرجت بدون أن تعيد قراءة ما التزمت به أمام مجلس النواب عند طلب الثقة".
ويبدو أن نوابا شحذوا أقلامهم سلفا، وهم يضمرون أصلا نقد الحكومة عند انطلاق مراثون مناقشات بيان الحكومة غدا؛ وهو النقد المستند إلى معايير: تشكيلة الفريق الحكومي، اختصار عدد من المناطق والجهات من التمثيل الحكومي، عدم التزام رئيس الوزراء بمخرجات مشاوراته مع الكتل النيابية، تخوفات النواب
من اتخاذ الحكومة لقرارات اقتصادية قد تمس حياة المواطنين، فضلاً عن رغبة نواب في كسب جولة من معركة استعادة ثقة الشارع من خلال حجب الثقة عن الحكومة.
بعيدا عن مواقف نواب من بيان الحكومة، فإن البيان جاء مرتبا وفق الأولويات المحلية والإقليمية، وجاء متضمنا للائحة الأولويات الوطنية استنادا إلى فكر تكامل أدوار الإصلاح وليس تقديم قطاع منها على الآخر، وهو ما يستند إلى مبدأ الإصلاح الشامل والعميق وتحت عنوان عريض "مرحلة النهضة الوطنية والشاملة".
في الشق الذي يهم النواب مرحليا، وهو التأسيس لمرحلة الحكومات البرلمانية، فإن البيان لم يقدم أكثر من تطلعات النسور في أن تتشكل الحكومات البرلمانية قبل نهاية العام الحالي، وتأجيل تطبيقات الحكومة البرلمانية بصيغتها الديمقراطية التي تكرس مبدأ "الأمة مصدر السلطات" لحين تعديلات قانوني الانتخاب والأحزاب، وهو ما تعهد النسور بتقديمه لمجلس النواب.
وبذلك قد لا نكون على موعد قريب من ولادة أولى الحكومات البرلمانية، حتى يتسنى للكتل النيابية المزيد من فرص الاستقرار السياسي والبرلماني، ويتسنى للنواب الجدد والمستقلين اكتساب المزيد من الخبرة والقناعة بضرورة العمل البرلماني الجماعي والمشترك.
بيان الحكومة جاء طويلا، ومحصنا بخطة عمل وبرامج حكومية، ركزت في كثير من جوانبها على مبدأ التنمية الشاملة والمستدامة من خلال دعم اقتصادات المحافظات وتوزيع مكتسبات التنمية بعدالة، ومن خلال الالتزام بمبدأ تطوير النظام الإداري والذهاب باتجاه اللامركزية المدعومة بمنهجية واضحة بعيدة عن العشوائية.
لعل برامج التنمية في المحافظات، والتي التزمت بها الحكومة في بيانها؛ ما فيه خطوة تُسجل لها، خصوصا وأن كلام الرئيس جاء واضحا في تثبيت موازنات تنمية المحافظات من خلال صندوق الدعم الخليجي، وأن هذه المشاريع قُطع وعد تنفيذها.
كما أن البيان قدم شرحا واضحا لتداعيات الوضع السوري على المملكة، وحقيقة الخطوات التي تنوي الحكومة القيام بها على هذا الصعيد، فشرح تداعيات تدفق اللاجئين على الحدود الأردنية السورية والمخاطر الأمنية المترتبة على تزايد التوتر العسكري داخل سورية، يرتب مسؤوليات اللجوء الدبلوماسي للأمم المتحدة، وشرح التداعيات الاقتصادية والإنسانية والسياسية للانعكاسات السلبية للملف السوري على الأردن.
بيان الحكومة وإن جاء مشفوعا بحسن إلقاء الرئيس، وكان خاليا من سقطات اللغة، ومدعوما بالبرامج والاتجاهات التنفيذية، فإنه قد يصطدم بواقع نيابي لا يحسم مواقفه من قراءة البيانات.
بالمجمل الحكومة قدمت حجتها في طلب الثقة، والنواب سيردون؛ بدون أن يكون هناك أي اتصال بين شدة القصف النيابي وارتفاع سقف ردهم وبين الموقف الدقيق من الحكومة منحا للثقة أو حجبا لها.