"بيت الضيافة" بعجلون.. مقصد الباحثين عن الحياة الريفية

thumbs_b_c_a49ef814cb584f2566ee274c27dc0f9b
thumbs_b_c_a49ef814cb584f2566ee274c27dc0f9b
عجلون- يحرص كثيرون على عيش حياة البساطة، عبر استعادة تقاليد ورثوها عن آبائهم وأجداهم، إلا أن معظمهم يصطدمون بقلة الخبرة والمعرفة حول كيفية الممارسة والتطبيق. الشعب الأردني، كبقية شعوب العالم، تتنوع ثقافاته الفرعية بين البادية والريف والمدينة والمخيم، ويشتهر كل منها بعادات وتقاليد تميزه عن غيره. صباح بني سلمان "أم أحمد" سيدة تعيش في قرية كفرنجة التابعة لمحافظة عجلون شمال البلاد، قادها حبها وتمسكها بـ"الخبز البلدي" المصنوع بأفران تقليدية، إلى إنشاء مشروع ريفي خاص، تحول مقصدا للباحثين عن تجربة الماضي بنكهة الحاضر. مراسل "الأناضول" زار بني سلمان (44 عاما) في منزلها الذي تحول إلى وجهة سياحية، بعدما جعلته "بيت ضيافة" ومكانا يرى فيه الزائر منتجات أردنية اندثرت، وأصبح وجودها نادرا. تعودت "أم أحمد" على تناول الخبز البلدي، معتمدة بذلك على والدتها، لكن مرض الأخيرة وتوقفها عن ذلك، دفع السيدة إلى الاعتماد على نفسها، رغم الصعوبات التي واجهتها، وفق ما قالت للأناضول. وتشير إلى أن "الصعوبة الأولى كانت تكمن في طريقة صنع العجين، ثم في صناعة الخبز على أفران الطابون (يوقد بروث المواشي) وأفران الوقدة (يوقد بالحطب)". وتمضي قائلة: "بدأت الاعتماد على النوع الثاني من الأفران (الوقدة)، وصنعت مجسما لفرن من طين، ولكنني طورته إلى الباطون، حتى لا يتكرر كسره، كما كان يحدث معي". وتضيف: "أُعجب الكثيرون بالفكرة، وشجعت نساء المنطقة على صناعة الخبز، لكنهن كنّ يبحثن عن فرن شبيه بفرني، ومن هنا جاءتني الفكرة". وتوضح: "قمت بتصميم قالب من حديد للفرن، ثم تشكيله من الباطون بطريقة البناء ذاتها، وبدأت أبيعه لمن يرغبن في ذلك". وتتابع "أم أحمد": "ذاع صيتي، وأصبحت معروفة على مستوى المملكة، وعزز من ذلك مشاركتي في أحد البازارات بالعاصمة عمان قبل 4 سنوات، ما عزز فكرة توسيع المشروع لدي". وتردف: "بعد ذلك، تلقيت دعما من إحدى المنظمات الكندية من خلال شركة سياحية محلية، وتمثل ذلك في مساعدتي على تجهيز منزلي ليكون بيتا للضيافة، يجد فيه الزوار بساطة العيش، ويحقق لهم مفهوم السياحة الزراعية الريفية". وبذلك، دخل "بيت الضيافة" الذي تديره "أم أحمد" المسار السياحي في المنطقة، وراحت السيدة النشيطة تستقبل مئات الزوار والسياح أسبوعيا، وتقدم لهم أشهى وأطيب الأطباق الريفية المصنوعة على الفرن، وأبرزها معجنات الزعتر والكشك (خليط من اللبن المجفف مع برغل القمح). وسط وهج النار المنبعث من الفرن ودخان يغطي وجهها، تقول "أم أحمد" بنبرة عزّ وفخر: "تعاملنا مع الزوار لا يختلف عن تعاملنا مع بعضنا في البيت، فكأنهم من أهل الدار، وهذا ما جعل المكان يعج بهم على مدار الأسبوع". وتستدرك: "أكثر الحجوزات تكون في عطلة نهاية الأسبوع، الجمعة والسبت، وبعض الزوار يسألون عن المبيت، لكن الإمكانية لا تسمح بذلك حاليا". الهدوء والسكينة في المكان وأصوات حفيف أوراق الشجر، وخضرة أوراق الزيتون والرمان، وزقزقة العصافير، ومناظر المعدات والأواني التراثية المعلقة على جدران "بيت الضيافة"، تضفي على المكان روعة وتخطف أنظار الزوار. وصباح بني سلمان هي من النساء القليلات اللواتي يحرصن على إحياء الموروث التاريخي المتعلق بصناعة الخبز البيتي والمأكولات التراثية، وقد أصبحت عنوانا واضحا للباحثين عن ذلك.-(الاناضول)اضافة اعلان