بين سيناء.. دمشق والقاهرة.. يراوحون وينزفون

طفل يمشي بين ركام منزله المدمر في الغوطة الشرقية أمس -(ا ف ب)
طفل يمشي بين ركام منزله المدمر في الغوطة الشرقية أمس -(ا ف ب)

يديعوت أحرونوت

أليكس فيشمان

كل شيء عالق. لقد أثبتت نهاية الأسبوع الأخير، بأنه في الزمن القريب القادم لا يتوقع أي تحول دراماتيكي في الشرق الاوسط. فالروس لم يوقفوا بعد الاضطراب الداخلي في سورية. والمصريون لم ينجحوا بعد في السيطرة على داعش في سيناء، وفي محادثات القاهرة تبين بانه لا يوجد أي مؤشر حقيقي على المصالحة بين الفلسطينيين وأنفسهم. كله تلاعب على الرأي العام، أماني، عناوين رئيسة لا تصمد ووثائق عليلة كتلك التي صدرت عن مؤتمر القمة في سوتشي حول سورية وقمة الفصائل الفلسطينية في القاهرة.اضافة اعلان
الشرق الاوسط يواصل المراوحة في المكان، وبالأساس يواصل النزف. فبعد أن خسروا داعش واعلنوا عن انهيار الدولة الاسلامية في سورية وفي العراق أغرق رجالها في نهاية الاسبوع شمال سيناء بدماء اكثر من 300 مواطن مصري. منذ أسابيع طويلة ونحن نسمع بان الضربات التي تلقاها داعش في سيناء، والاتفاقات بين مصر وحماس أضعفت قوة التنظيم في شبه الجزيرة وقلصت عدد مقاتليه إلى النصف. وتنسم المصريون خيرا من العمل الذي قاموا به في السنة الاخيرة مع القبائل البدوية في سيناء، والذي تضمن استثمارات في البنى التحتية وفي السياحة وتوفير أماكن عمل للبدو في مصر ذاتها وفي مدن القناة.
لقد أعطت مصر الاحساس بان إزالة تهديد داعش سيناء يبدو في الافق. وتبين في نهاية الاسبوع ان هذا كان خطأ بصريا، وان المصريين لم يغيروا حقا سلم الاولويات القومية لديهم ولم ينفذوا حقا معالجة جذرية في اهمال بلدات المحيط النائية في سيناء. وبدون تجنيد حقيقي للسكان في سيناء، فان الجيش المصري الثاني سيبقى يراوح في المكان وينزف هناك لسنوات طويلة اخرى. تماما مثل الجيش السوري، الجيش الروسي وحلفائهما –الاتراك والايرانيون– سيواصلون المراوحة في سورية في محاولة لإطفاء حرائق العصيان المدني، حركات الجهاد والاكراد.
كان هناك في وسائل الاعلام الروسية من وصف مؤتمر القمة الذي نظمه بوتين في سوتشي الاسبوع الماضي مع شريكيه في "الانتصار" في سورية، أردوغان وروحاني، كـ "قمة يالطا الثانية". في تلك القمة، بعد الحرب العالمية الثانية، اقتسم تشرتشل، روزفلت وستالين اوروبا فيما بينهم. هنا جرى الحديث عن تقسيم سورية. وليعش الفرق الصغير. نتائج القمة في سوتشي تتلخص في وثيقة عديمة المعنى، مليئة بالادعاءات، تعلن عن ان الزعماء الثلاثة يأملون في أن تكون "انتخابات ديمقراطية وشفافة في سورية برعاية الامم المتحدة" – ليقولوا لنا ان شيئا جوهريا لم يخرج من هناك.
وحسب مصادر روسية، كان هناك عدم توافقات اكثر مما كان توافقات. في المستقبل القريب ستعقد لقاءات اخرى بين وزراء الخارجية ورؤساء الاركان، الذين سيحاولون وضع خطة متفق عليها تخدم مصالح الاطراف الثلاثة. كما ان اللقاء الذي خطط له هذا الاسبوع بين مندوبي القبائل السوريين الذين كان يفترض أن يتصالحوا مع نظام الاسد تأجل إلى نهاية كانون الاول.
بالتوازي، يواصل الروس الحفر في كل مكان في الشرق الاوسط حيثما يمكنهم أن يغرسوا قدما اخرى. في نهاية الاسبوع زار السلطة الفلسطينية ولدى نظيره في إسرائيل رئيس الاستخبارات الخارجية الروسي – سيرجيه نريشكين. زيارة نادرة. ما الذي يبحث عنه هنا؟ أين يحفر الروس في النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني؟
ومن مؤتمر القمة في القاهرة أيضا خرجت تصريحات فارغة من المضمون. مؤتمر بين 11 تنظيما فلسطينيا، بحث في ورقة موقف وضعتها على ما يبدو المخابرات المصرية. لم يوقع أي تنظيم على هذه الورقة، وهي على أي حال لا تلزم احدا. وكان يفترض بالمؤتمر ان يعطي دفعة عملية لمسيرة المصالحة، والتي الكرزة التي في قشدتها هي فتح حقيقي دائم لمعبر رفح. هذا لم يحصل. تماما مثلما هي صلاحيات الحكومة في غزة لم تنتقل حقا إلى السلطة في رام الله. وحتى البيان الذي صدر هناك عن اجراء انتخابات في السلطة حتى نهاية 2018 لا يساوي كثيرا إذ أن ابو مازن يمكنه أن يؤجلها كما يشاء.
إذن من يخاف هنا من السلام والسكينة برعاية روسية، ايرانية في سورية، يمكنه ان يهدأ. لا تسوية في سورية، الأميركيون لن يغادروا بعد، وبين شركاء "النصر" توجد مصالح متضاربة لن تسمح بتسوية تؤدي إلى استقرار سلطوي، والحرب الاهلية ستندلع مرة اخرى. وحتى من قلق من اتفاق المصالحة الفلسطيني يمكنه أن يتنفس الصعداء.
بسبب تلاعبات الزعماء السياسيين وخلق وهم حل في اوساط الفلسطينيين في غزة، ينبغي لإسرائيل الان ان تستعد لإمكانية نشوب العنف، ولا سيما من القطاع، في ضوء الاحباط وسقوط توقعات السكان. وفي سيناء، مثلما في سيناء: مثلما خافوا هنا بعد ان فقد السيطرة الاقليمية التي كانت له في العراق وفي سورية، سيصبح داعش منظمة ارهابية اجرامية تعمل اساسا ضد المدنيين في كل مكان ينجح فيها في زرع الخلايا وتثبيت نفسه.