بين فرح بقدومه وكآبة تعتري النفس.. "الخريف" يعود بتفاصيله الهادئة

64964
64964
تغريد السعايدة لا يدرك الإنسان طبيعة تلك المشاعر التي تصاحبه في هذا الوقت من العام؛ حيث يطل الخريف برياحه ونسماته العليلة، وتتساقط أوراق الشجر، معلنة انتهاء الصيف وبداية فصل آخر. مشاعر غامضة، لكن يتصدر فيها الحزن لدى العديد من الأشخاص الذين يجدون في فصل الصيف وأشعة الشمس الساطعة معنى حقيقيا لكل شيء، في حين أن الخريف لا يشبه باقي الفصول، فيه من الهدوء الكثير وكأنه بداية للاكتئاب وتضاؤل اللحظات المفرحة، وإن كان ذلك غير ظاهر. حزن غير مبرر يشعر به كثيرون في هذه الفترة من كل عام، وهي “الانقلاب الخريفي”، فرغم كل محاولات الشاب “أحمد” بالخروج من دائرة الاكتئاب والحيرة التي يعيشها في هذه الفترة، إلا أنه يستحضر لحظات الألم العميقة، وعلى الرغم من مرور ما يقارب العام على وفاة والدته إلا أنه يرى في أجواء الخريف واقتراب الشتاء حالة من اندفاع الحزن والشوق. يقول أحمد، إنه لطالما كان يرى في أيام الخريف أجواء من الاعتدال المناخي الجميل واقتراب الشتاء بأجوائه الدافئة، ولكنه لهذا العام، ارتبطت هذه الأجواء بذكرياته مع والدته التي توفيت، ويحاول الخروج من هذه الحالة “المزاجية” من خلال الأصدقاء وأجواء العمل، لكن كل ذلك مؤقت ويعود لما كان عليه. ولكن، وفي الوقت ذاته، يرى كثيرون أن الخريف ما هو إلا فترة انتقالية جميلة بين الفصول، وخروج من أجواء الصيف المكتظة بالمناسبات وموجات الحر المتتالية، والدخول في فصل لطيف ومعتدل وهادئ يفضله كثيرون في هذه الفترة. في وصف بعض مظاهر فصل الخريف، يقال “إن الورقة التي لم تسقط في فصل الخريف، خائنة في عيون أخواتها، وفية في عين الشجرة، ومتمردة في عيون الفصول”، لذلك قد يجد كثيرون أنفسهم غير قادرين على تحديد محبتهم أو امتعاضهم من هذه الأجوء الخريفية التي تشبه في تضاربها وصف تلك الورقة”. تمتلئ صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بالكثير من العبارات النثرية التي تحاكي فصل الخريف، وصور لأوراق الشجر التي تتساقط معلنة قدوم الخريف، ويوم الجمعة الماضي أول أيامه، وفق تقويم فصل الخريف لهذا العام. وفي هذا الفصل يتساوى طول الليل مع النهار تقريبا، حتى يبدأ النهار بالتناقص التدريجي، ويستمر فصل الخريف بكل تقلباته حتى العشرين من شهر كانون الأول (ديسمبر)، ليبدأ بعدها الانقلاب الشتوي والانتقال لفصل الشتاء الأكثر برودة في الأجواء، وتتوالى المنخفضات الجوية شديدة البرودة. أمل جمال، عبرت عن حبها لهذه الفصل لكونه يتمتع بالهدوء الذي تبحث عنه في كل عام بعد فصل الصيف، عدا عن الألوان الجميلة التي يضفيها على الأجواء بشكل عام وتراه “فصل الرومانسية والهدوء بامتياز”. وتعتقد أمل أن الخريف فصل ملائم للأشخاص الهادئين، في حين أن الصيف في حياتها الاجتماعية مليء بالمناسبات الاجتماعية والجلسات واللقاءات، ومع مرور الوقت يبدأ الشخص بالبحث عن الهدوء وهذا ما تجده في “فصل الخريف”. هي قررت أن تبدأ بتغيير ديكور المنزل، وتجهيز الجلسة الشتوية في إحدى غرف المنزل؛ حيث بدأ الطقس يتغير في برودته مع ساعات المساء، وشيئا فشيئا ستنتقل الجلسات العائلية للداخل، ما يتطلب بعض التغييرات لإضفاء أجواء مميزة. جميع تلك المشاعر المتقلبة والمتضاربة تصب في “الحالة النفسية للإنسان”، لذا من الأهمية بمكان أن يهتم الفرد بحالته المزاجية واختيار أجواء عائلية تحد من الضغوط النفسية، وهو ما تؤكده الاختصاصية النفسية الدكتورة خولة السعايدة. وترى السعايدة أن الإنسان هو من يصنع يومه وحالته النفسية تنعكس على مشاعره وأحاسيسه مهما كانت الظروف المحيطة في بعض الأحيان، لافتة إلى أن الشعور بالحزن والاكتئاب في هذه الفترة هو شعور طبيعي بسبب تغير المناخ وغياب الشمس لساعات أطول وتقلص ساعات النهار، التي يشعر فيها الإنسان بضيق الوقت بشكل عام. هذه الحالات المضطربة في المزاج والنفسية، تبين الدراسات المتخصصة أنها تصيب الإنسان عادة مع تغير المواسم، وفي فصل الخريف على وجه التحديد، ووفق دراسات منشورة تسمى بـ”الاضطرابات العاطفية الموسمية” واختصارها (SAD)، ووصل الاستنتاج إلى أن النساء يصبن به أكثر من الرجال وقد يكون سبباً في “الاكتئاب والحزن واستنزاف الطاقة”. ونشر أحد المواقع المتخصصة في العلاج السلوكي المعرفي والنفسي، أن هذه الحالة تبدأ بانتهاء فصل الصيف والتفكير بأن فصل الخريف جاء يرافقه ملل وحزن وإحباط، حتى وإن لم يكن هناك سبب مقنع لهذا الحزن، إلى الحد الذي قد يحتاج به بعض الأشخاص المتأثرين بشكل كبير بهذه الحالة إلى مساعدة طبية أحياناً من المختصين في المجال ذاته. لذلك، تؤكد السعايدة أهمية أن يساعد الإنسان نفسه على تجاوز هذه المرحلة، خاصة وأنها مرتبطة بفصل الخريف و”مؤقتة”، ولا يجب أن تصل إلى كونها حالة مرضية، بل تحتاج إلى تغيير في التفكير والسلوك اليومي “الروتين” الذي قد يساعد على الاستمتاع بهذه الأجواء بدلاً من التفكير في صعوبتها ومساوئها من الناحية النفسية. وتعتقد السعايدة أن الإنسان عليه أن يفكر في كيفية استغلال هذه الفترة والتمتع بجمال المناظر الطبيعية التي تحدث فيها، والبحث عن المتعة والراحة في المنزل من خلال إحداث بعض التغييرات بما يتلاءم مع أحوال الطقس والتحضير لقدوم فصل الشتاء، واللجوء إلى كل شيء قد يساعد على تغيير المزاج والمتعة مع الآخرين. اقرأ أيضاً: اضافة اعلان