بين يدي الرئيس

حدثني من أثق به بأن نظام رخص المهن في أمانة عمان بحاجة لإعادة نظر شمولي وكامل، حتى يكون أكثر عدالة وواقعية. ويسترسل شارحا رؤيته ومدافعا عنها بالقول إن بقاء الحال كما هو عليه الآن يجعل صاحب المصلحة العادية (مطعم حمص، محل خضار، دكانة) والذي ينتمي للطبقة المتوسطة يدفع من أجل الحصول على رخصة مهن أكثر أو بما يعادل ما يدفعه مالك فندق أو صاحب بنك  للحصول على الرخصة ذاتها.اضافة اعلان
المفارقة أنه يوجد ضمن رخصة المهن التي يحصل عليها صاحب فندق ما يقرب من 7-10  مهن تزاول داخل المنشأة بناء على الرخصة الأساسية (رخصة مهن الفندق)، حيث يرخص للفندق مقابل ما يعادل او يحادد 1000 دينار؛ رخصة مهن تشمل: دراي كلين، مطعما، كوفي شوب، بارا، ديسكو، محال اكسسوارات ونثريات وصالونات حلاقة وخلافه! وكلها داخل المنشأة الواحدة.
والمفارقة أيضا أنه يتم الترخيص لـ"الكوفي شوب" الذي يقدم خدمة "ارجيلة" مثلا بناء على المساحة حيث ترتفع قيمة الرخصة لتصل آلاف الدنانير، فيما يتم تقديم "ارجيلة" في الكوفي شوب الخاص بالفندق دون استيفاء القيمة عينها، ويتم الاكتفاء برخصة المهن الخاصة بالفندق.
الحقيقة ان الامر صادم، اذ لا يعقل ان يدفع صاحب بقالة صغيرة القيمة ذاتها التي يدفعها  مالك فندق، مع ان الفندق يوجد فيه محال متعددة واعمال مختلفة، ما يعني ان بقاء الأمور كما هي عليه  ظلم لاصحاب المصالح المتوسطة والعادية .
اطلعت شخصيا على وثائق لرخص مهن تثبت ذلك، كما اطلعت على مقاربات بين رخصة مهن واخرى، رأيت فيها بام العين تفاوتا واضحا بينهما، وهو امر يرفع من وتيرة الشعور بظلم اصحاب المصالح العادية.
وقبل ان يقول قائل ان الانطمة هي التي تحكم عمل الجميع، فانني هنا اقول: ان كان الظلم ذاك بحكم نصوص قوانين وانظمة، فان الحق اوجب ان يتبع، ويتوجب المبادرة  فورا لاعادة النظر في تلك الانظمة والقوانين غير العادلة في التعامل مع الناس، وعدم ظلم فئة على حساب اخرى، اذ لا يعقل ان يدفع صاحب البقالة نفس المبلغ او اقل قليلا واحيانا اكثر مما يدفعه مالك  فندق كبير.
انا هنا لا ادعو للبطش بالاغنياء او المستثمرين الذين يحصل بعضهم على تسهيلات واعفاءات حكومية لا يحصل عليها اصحاب المهن الصغيرة، او ايقاع الظلم عليهم، ولكني في نفس الوقت لا ارى ان مساواة اصحاب المهن من الطبقة الوسطى الذين يملكون محال عادية ومتواضعة بالكاد تكفي لسد رمقهم، باولئك الذين يملكون فنادق كبرى او بنوك في رخصة المهن امر عادل، والحل وحتى تتحقق العدالة التي نتحدث عنها، وحتى يتحقق مبدأ المساواة، انه يجب تخفيض رخص المهن التي تستوفى من اصحاب المحال العادية لاقل من النصف واكثر، فلا يعقل ان يدفع الفندق الف دينار، ويدفع محل الفلافل والمطعم 700 دينار مثلا، واحيانا تكون المفارقة ان الفندق قد يدفع 400 دينار وترتفع القيمة المستحقة على محال صغيرة لاكثر من الف دينار، ايعقل هذ؟!.
لهذا كله؛ فانه بات واجبا ان  يتم اعادة النظر بنظام رخص المهن من اساسه والتفكير بشكل جدِي بطريقة حديثة وابداعية في اليات التطوير، والخروج من عقلية ان عمان مدينة صغيرة لن تتوسع او تكبر، وتقديم انظمة تخدم عمان اليوم وبعد 100 عام، بمعنى ان تكون الانظمة التي تقدم عصرية تراعي اي تطور لاحق قادم؛ وتاخذ بالاعتبار عدم الظلم.
دولة الرئيس: لا يجوز ابقاء الامر بهذا الشكل من عدم العدالة بالتحصيل، وحتى لو كان ذلك يتم عبر انظمة وقوانين فان السكوت ظلم، ويجب معالجته بسرعة، فالبنك الذي يدفع رخصة مهن تساوي 500 دينار ويحق له بموجبها فتح فرع له لا يبعد عن فرعه الرئيسي مسافة 1000 متر دون ان يدفع رخصة مهن جديدة لا يجوز مساواته مع بقالة تبيع علكة شعراوي وقبقاب غوار.