تأبين "سنديانة فلسطين" الراحل الشاعر سميح القاسم بمركز الحسين الثقافي

جانب من حفل التأبين- (تصوير: محمد المغايضة)
جانب من حفل التأبين- (تصوير: محمد المغايضة)

 عزيزة علي 

عمان - في أجواء مزجت بين الحزن والفرح، وبين الموسيقى والشعر، نظم صالون اسكدنيا للموسيقى وملتقى الفعاليات الشعبية الأردنية الفلسطينية أول من أمس حفل تأبين سنديانة فلسطين وبرتقالتها الحزينة الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم.اضافة اعلان
الحفل، الذي أقيم في مركز الحسين الثقافي، أداره الفنان والمخرج مصطفى أبو هنود واشتمل على عرض فيلم قصير عن منجزات القاسم وجلسات حوارية، وقراءات شعرية، وأغاني من قصائد القاسم.
وعقدت في الحفل جلسة حوارية استذكارية للقاسم شارك فيها الشاعر د.عزالدين مناصرة، والروائي رشاد أبو شاور ووزيرة الثقافة د.لانا مامكغ، حيث استعرض مناصرة بعض محطات جمعته مع القاسم خلال مشاركتهما بالكتابة في مجلة "الأفق الجديد" التي كان يرأس تحريرها الراحل أمين شنار، حيث سلط الضوء على العديد من المواقف والعلاقات الإنسانية التي حفزته على رفد الثقافة العربية بألوان من الإبداع.
وأشار مناصرة إلى أن صاحب قصيدة "منتصب القامة أمشي"، أسهم هو وشعبه المرابط في فلسطين 1948، في "تجذر الهوية الفلسطينية التي كانت مقموعة قبل العام، 1964، وترسيخ المنحى العروبي للهوية العربية الفلسطينية".
من جهته، قال الروائي والقاص رشاد أبو شاور إن صاحب قصيدة :"يا عدو الشمس.. لن أساوم/ وإلى آخر نبض في عروقي.. سأقاوم"، كان مثقفا وشاعرا ملتزما بقضية شعبه الفلسطيني وأشواق أمته العربية، وهو صاحب قصيدة مقاومة تدين ممارسات الاحتلال في فلسطين.
ورأى أبو شاور أن: "محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد"، أكملوا مشوار الشعراء الفلسطينيين الراحلين من أمثال "عبدالرحيم محمود، إبراهيم طوقان وأبو سلمى"، الذين ضحوا بدمائهم في سبيل فلسطين، لافتا إلى المعارك التي خاضها القاسم من أبرزها: "رفضه لتجنيد العرب الفلسطينيين الدروز في جيش الاحتلال الصهيوني"، ودفع القاسم ثمن هذا الرفض بالاعتقال.
ونوه إلى أن الراحل أطلق اسم "وطن محمد" على نجله البكر ليثبت أنه عربي فلسطيني درزي، ومن أجل أن يقول للاحتلال: "هذا وطننا ونحن عرب فلسطينيون"، مخاطبا القاسم بقوله: "نهج المقاومة ليس نهجا مرحليا عابرا إنه تعبير عن كرامة الإنسان".
من جانبها، رأت وزيرة الثقافة الدكتورة لانا مامكغ أن القاسم أثرى القصيدة العربية بمفردات تحاكي هموم ومعاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال مثلما تؤكد طموحات أمته في الحرية.
وأضافت الوزيرة أن القاسم أحد أبرز أعلام الثقافة العربية ويتوجب على المؤسسات والأفراد توثيق نتاجه الإبداعي ليكون في متناول الأجيال القادمة، لافتة إلى أن الراحل ظل وهو العاشق لتراب وطنه فلسطين "مسكونا بالأردن حيث كانت مدينة الزرقاء مسقط رأسه تتكرر دوما في أحاديثه وكتاباته وذاكرته المتدفقة".
ثم قرأ الشاعر إبراهيم نصر الله ثلاث قصائد منها قصيدة مهداة الى القاسم بعنوان "صباحا على باب الشاعر الإسباني فدريكو غارثيا لوركا" إلى سميح القاسم "ندقُّ على باب لوركا صباحا/ وندعوه أن يحتسي شاينا/ جمعنا له من بساتين (عكا) ثلاثين أغنية وحصادا/ ووعلين من بر موالنا/ ندق على باب لوركا/ وندعوه أن يرتدي خضرة الأندلس/ على عجل ثم يلحقنا".
كما قرأ قصيدة بعنوان "أبجدية" قال فيها: "مر ذات مساء سنونو/ فصحت على عتبة الدار: يا جدتي.. تلك أغنيتي/ همست لي: صدقت/ وقالت كلاما كثيرا عن الطير/ ثم استدارت، وأشارت إلى ضحكة - طفلة/ سألتني: وما تلك؟/ قلت لها: وردتي"، وقرأ نصرالله قصيدة بعنوان "ذاهب للقائك" قال فيها: "انتظرني إذن في/ سوف أوافيك بعد قليل/ خرجت صباحا لألقاك فيك/ ولكنني لم أعد بعد/ أجلس هنا وأستعر دفتري ودواتي وأكتب/ قصيدتك الآن".
وتضمن حفل التأبين على مشهديات سمعية بصرية وموسيقية ورقصات وأغنيات تراثية جرى فيها تلخيص السيرة الذاتية والإبداعية للشاعر الراحل، حيث قدم الفنان كمال خليل أغنيتين من شعر سميح القاسم "منتصب القامة أمشي"، و"دولا"، وقدمت أوركسترا المعهد الوطني للموسيقى ومغنية الأوبرا الأردنية زينة برهوم مجموعة أغان.
بدورها، أشارت ضحى عبدالخالق عن صالون اسكدنيا للموسيقى إلى أن هذا الحفل يأتي تكريما للشاعر الإنسان ولتاريخيه، وقضيته العادلة حيث نتذكره في مكان ولادته الأردن، فنتذكر الأبجدية التي هو سيدها، ومعها.
ورأت عبدالخالق أن القاسم لم يرحل بل ربما عبر نحو الخلود مبدعا وهو الذي أوصانا بالشعر وبالأرض، وقد طالب بأن يدفن على سفح جبل حيدر خيارا للشمس والضوء والحرية مشرفا بنفسه وروحه على فلسطين أمنا، قد استحق القاسم حياته وكفاحه طائرا أو راقدا ولكن ليس بمستريح الى حين.
ومن ملتقى الفعاليات قال كمال هديب: "إن القاسم شاعر عربي فلسطيني قدم للشعر الحديث العديد من القصائد التي تركت الكثير في نفوس أبناء الشعب الفلسطيني والعربي على حد سواء وإن هذا العمل نقدمه تكريما للقاسم".

[email protected]

azezaali@