تأهيل النواب الجدد مهم أيضا

ماهر أبو طير

على الأغلب سنكون أمام مجلس نواب جديد من حيث سيطرة الأسماء الجديدة، وقلة الأسماء القديمة العائدة، وهذا يعني أننا أمام مجلس نواب مختلف.اضافة اعلان
عدد النواب العائدين، ممن كانوا نوابا في مجالس سابقة سيكون قليلا، وهذا أمر حدث في انتخابات سابقة؛ إذ إنه ليس كل النواب القدامى ترشحوا، كما أن بعضهم ترشح، وقد لا يفوز، أو يعود نائبا، وعلينا التنبه هنا الى قضية سبق أن أثيرت، دون أن يهتم بها أحد.
كل انتخابات يتم التحذير من القصة نفسها، ولا تعرف لماذا لا يتم الوقوف عند هذا التحذير على الرغم من أهميته الكبيرة، فهو ليس مجرد إثارة للسلبية، لكنه أمر مهم.
أغلب النواب لا يعرفون شيئا عن طبيعة مهمة الرقابة والتشريع، وليس لديهم خبرات سابقة، وأغلبهم أيضا لا يعرف كيفية إدارة وجوده النيابي، ولا يعرف شيئا عن النظام الداخلي، ولا الدستور الأردني، ولا القوانين، وهو هنا يأتي ويواجه سيناريوهات متعددة، إما تتم السيطرة عليه من النواب السابقين أصحاب الخبرة، أو يتحول الى متفرج داخل البرلمان يتعلم ببطء، إذا قرر التعلم، أو يمارس الحياد، ولا يفعل موقعه كنائب، مفضلا أن يكون ممثلا لعائلة أو جهة، ويلبي طلباتها الاجتماعية واحتياجاتها الاقتصادية، باعتباره واجهة.
في انتخابات سابقة، دعوت أنا وغيري الى تأهيل النواب الجدد، وعقد دورات لهم، على مدى شهرين، لمعرفة حقوقهم الدستورية والقانونية، وطبيعة اللجان، وتعريفات دوري الرقابة والتشريع، وتزويد كل نائب بخبرات كافية في مكتبه، من أجل أن نساعد النائب في بلورة قراره، بعيدا عن الموقف الشخصي، والصوت المرتفع أو حتى المنخفض، ولم يهتم أحد بهذا الاقتراح، ولربما يراد أن لا يوسع النائب أفقه كثيرا، رغم أن هذا يسبب خللا كبيرا في دوره النيابي، ويهرب إما الى حضن نائب خبير، أو يتحول الى شخص حيادي لا يعرفه الناس.
نحن الآن في زمن كورونا، والاجتماعات ذاتها تبدو مستحيلة أو صعبة، لكن هذا لا يمنع عن الإعلان عن هذه الدورة للنواب عبر وسائل الاتصال الحديثة، فلا بد من شرح كل شيء.
سمعة النواب السابقين سلبية، بسبب قضايا كثيرة، من بينها قلة الخبرة، أو قلة المشاركة والفاعلية، أو حتى الغياب، ومهادنة الحكومات أيضا، لكنك حين تسأل النواب لماذا يفعلون ذلك يقولون لك إنهم تحت ضغط مطالب دوائرهم الانتخابية، سواء المطالب الفردية أو الجماعية، ولا أحد في قواعدهم يتفهم أن ممارسة كامل الدور الرقابي والتشريعي، سيؤدي الى حجب الحكومة الموجودة، أي حكومة، كل التسهيلات الممكنة، وتتعمد الحكومات أن تعاقب النائب الذي يرفع سقفه بحجب كثير من التسهيلات عنه بما يؤدي الى إضعافه، وهذا يعني عمليا، أن كثرة من النواب تتخلى عن الدور الرقابي والتشريعي، لصالح خدمة الدائرة الانتخابية.
في كل الأحوال، الطعن فيما مضى، ليس مفيدا اليوم، وعلينا أن نلمس نية حقيقية للإصلاح داخل البرلمان، عبر تأهيل النواب الجدد، خصوصا أن هناك مشاكل سوف تتولد أيضا، بسبب مشاكل الجلسات في ظل وباء كورونا، ولا يوجد ما يمنع من إعطاء الفرصة للنواب القدامى لمنح خبرتهم للنواب الجدد عبر جلسات عمل قبل بدء البرلمان لنشاطاته، أو حتى اللجوء الى أصحاب الخبرات من النواب السابقين، الذين لم يعودوا نوابا.
استرداد الثقة بالنواب، أمر مهم جدا، مثلما أن استرداد الثقة بكل المؤسسات أمر حيوي.