"تاكسي جو" وأوبر وكريم

خطوة جيدة وإلى الأمام إيجاد تطبيقات ذكية لخط سير التكسيات الصفراء كما ورد في مذكرة التفاهم بين شركة زين وشركة "عبر الطرق" (المسجّلة في أمانة عمان)، كما طالعتنا الزميلة رجاء سيف في الأول من أمس في "الغد".اضافة اعلان
التطبيق المنشود يأتي لتطوير وتنظيم خدمات التكاسي الصفراء، التي تعاني من حالة من العشوائية والفوضى وغياب التنظيم، وسوء الخدمات، مقارنةً بالخدمة الجديدة المتقدّمة التي تمنحها شركتا أوبر وكريم للمواطنين، إذ حلّت مشكلة كبيرة للعائلات الأردنية والشباب، وحتى على صعيد فرص العمل خلقت هاتان الشركتان مجالاً واسعاً للشباب الأردني.
هل يمكن، فعلاً، أن يحل التطبيق الجديد "تاكسي جو" المشكلة ويعطي التكاسي القدرة على المنافسة مع أوبر وكريم؟
الجواب هو لا بكل تأكيد، وأحسم بذلك، لأنّني عاينتُ بنفسي الفرق بين الخدمتين، خلال الأسابيع الماضية، عندما كانت سيارتي الخاصة في الصيانة لمدة عشرة أيام، جرّبت خلالها التكاسي الصفراء وأوبر وكريم، فوجدتُ الفرق شاسعاً وكبيراً بين الاثنين!
في البداية، ولمحدودية معرفتي بالتكنولوجيا فضّلت الاعتماد على التكاسي، فكانت الكارثة المحقّقة، فترة طويلة من الانتظار، ويمرّ تكسي فارغاً من دون أن يلتفت إليك، وفي حال حالفك الحظّ بالعثور على واحد، وغالباً ما وقعتُ مع حالات كارثية، من رفض لتشغيل مبرّد الهواء (الكونديشين) إلى غياب النظافة، وفي أغلب الأحيان سيارات مهملة، وملابس غير لائقة للسائق، ومسجل إجباري على ذوق السائق، وغالباً ذوقه سيئ (للأسف)، وعليك أن تتحمل كل كوارثه، وفي إحدى المرّات كنتُ أشكّ بأنّ السائق تناول المخدرات لأنّ تصرفاته لم تكن طبيعية أبداً.
المسألة ليست في ربط شركات التكاسي بالتطبيق الذكي، وإن كان ذلك أمرا إيجابيا، بل بإيجاد حلول تنظيمية جذرية لعشرات الآلاف من المواطنين الأردنيين الذين يعملون في هذا المجال، وكثير منهم يعمل بطريقة "الضمان"، فيطلب منه صاحب التكسي أو الشركة مبلغاً ثابتاً، كل يوم، وعليه أن يسابق الوقت، من دون وجود تأمين صحي ولا ضمان ولا أي حقوق، فتصبح المعادلة من يستطيع أن يتحايل على الآخر ويسرق: سائق التكسي مع المواطن، وصاحب الشركة مع السائق، وهكذا!
تلقيت رسالة الكترونية من سائق محترم، على درجة عالية من الثقافة والتعليم، وفيها شكوى مريرة، وقصة العداد التي لا تنتهي، مثل رفع أسعار المحروقات ورفع الأجرة والتخفيض المتبادل، والنسبة بين المتغيرين، وهي معادلة خرجت منها تماماً شركتا أوبر وكريم، ومعاناتهم مع أصحاب السيارات، وهي قصة نأمل من وزير النقل الحالي جميل مجاهد، وهو الخبير في هذا المجال أن يجد لها حلولاً ثورية جوهرية.
هل يمكن تجميع التكاسي ضمن شركات كبرى، و/ أو وضع شروط واضحة، مثل حسن السلوك، وشهادة عدم محكومية، ومدة صلاحية للتكاسي، والنظافة واللباس، والضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، والرواتب الشهرية بدلاً من الضمان اليومي، وهكذا؟ حلول جذرية وإلاّ فإنّ شريحة  سائقي التكسي ستتحول إلى قنبلة موقوتة مع مرور الوقت والضغوط التي تتعرض لها، ونحن نتحدث عن عشرات الآلاف من السائقين.
على الجهة الأخرى فإنّ مشكلة عدم الترخيص لشركتي أوبر وكريم جعلت علاقة الأمن معهم مثل توم وجيري، (ونحن نهوى هذه اللعبة في الأردن! حتى بين الحكومة والمعارضة!) إذ يضطر السائق إلى التواري عن الشرطة، وفي أحيان يجبر الركاب على الجلوس في المقعد الأمامي والكذب على شرطي السير، وهي ظاهرة غير مقبولة، ولا تتناسب مع الخدمة المتميزة التي تقدمها هذه الشركات وما تقوم به من حلول كبيرة، وعلى الدولة إيجاد حلّ حضاري وبسرعة، لا يعتمد فقط على كم ما يمكن أن تحصله من أموال من الترخيص!