تجميد "وادي عربة".. خيار ضروري لحماية "الأقصى"

تُسرّع دولة الاحتلال الإسرائيلي من إجراءاتها ومشاريعها العدوانية في القدس المحتلة والمسجد الأقصى خصوصاً، لتكريس هيمنتها وسيطرتها غير الشرعية على المدينة والمسجد، ونسف أي أفق لإعادة محتملة مستقبلا للسيادة العربية على هذه المقدسات؛ وذلك عبر فرض الأمر الواقع، بتوسيع مشاريع الاستيطان، وقضم مزيد من الأراضي والممتلكات العربية، واعتداءات متكررة ومتواصلة على البنية التحتية للمسجد الأقصى، وأخيرا محاولة الكنيست الصهيوني إقرار قانون لتقسيم المسجد بين المسلمين واليهود.اضافة اعلان
ويستغل الاحتلال الإسرائيلي وحكومته اليمينية اليوم الانقسام الفلسطيني، والانشغال العربي بصراعات "داحس والغبراء" التي تولدت على هامش "الربيع العربي" وفي القلب منه، للمضي قدما في مشاريع التهويد للقدس والأقصى المبارك، وتكريس ابتلاع الجزء الأكبر من الضفة الغربية المحتلة، ووأد أي إمكانية لتبلور مظاهر سيادية للدولة الفلسطينية، التي من المفترض الوصول إليها بعد ماراثون المفاوضات المتعثرة والعبثية. وما قصة مشروع الجدار الإسرائيلي الجديد في الأغوار، للفصل بين الضفة الغربية المحتلة وبين الأردن، إلا خطوة عدوانية أخرى تصب في هذا السياق.
وإذا كان الشعب الفلسطيني وقيادته يتحملان اليوم العبء الرئيس في الاشتباك المباشر مع هذه المخططات الإسرائيلية، وسط ضعف وتشتت واضحين في استغلال إمكانات الشعب الفلسطيني النضالية الكبيرة، خاصة في ظل الانقسام، والانجرار وراء المفاوضات العبثية؛ نقول في هذا الوقت، فإن الأردن لا يمكن إلا أن يكون في قلب هذه المواجهة مع الصلف والعدوان الإسرائيلي، الذي يسعى إلى ابتلاع ما تبقى من حقوق عربية في القدس والضفة الغربية المحتلتين.
طبعا، لا يمكن لأحد أن يطالب الأردن بما هو فوق طاقته، في معركة شرسة يجب أن يتصدى لها العرب والمسلمون للدفاع عن مقدساتهم. لكن المملكة تملك الكثير من أوراق الضغط والمناورة، ليكون لها موقع مؤثر في هذه المواجهة المصيرية، تحديدا حول مستقبل القدس و"الأقصى" والمقدسات عموماً، خاصة وأن إسرائيل ذاتها قد اعترفت للأردن، بموجب اتفاقية وادي عربة، بدوره في المقدسات والقدس.
قد تبدو فكرة النائب بسام المناصير الأخيرة منتجة في سياق قدرة الأردن على استخدام أوراق ضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف بعض الإجراءات العدوانية في حرم "الأقصى" والقدس.
فمقترح المناصير الذي ضمنه في مذكرة نيابية، بوضع مجلس النواب مشروع قانون لتجميد اتفاقية وادي عربة مع إسرائيل، هو خطوة إيجابية ومهمة في سياق الرد على مشروع مقترح داخل الكنيست الإسرائيلي، بإقرار قانون إسرائيلي جديد يقضي بتقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود.
فهذا المشروع الإسرائيلي العدواني يندرج ضمن تقاسم الأدوار بين الأطراف الصهيونية الحاكمة، وضمن عمل استراتيجي لهذا الكيان لابتلاع "الأقصى"، وصولا إلى إقامة هيكلهم المزعوم، وتكريس السيادة الإسرائيلية على القدس وابتلاع ما تبقى من حقوق للشعب الفلسطيني، كما لمليار مسلم في أولى القبلتين وثالث الحرمين.
وهو بمعنى مباشر أيضا، اعتداء على حق أردني وسيادة أردنية، ضمنهما الدور التاريخي والاتفاق الفلسطيني-الأردني، وأُقرا أيضا في اتفاقية السلام مع إسرائيل. لذلك، يبدو من المنطقي، بل والمطلوب، الرد على هذا المشروع الإسرائيلي بمشروع أردني ينزع القانونية والشرعية عن اتفاقية السلام والعلاقات مع إسرائيل، وبما يعري عدوانية هذه الأخيرة، وعدم التفاتها لديكور السلام المزعوم مع العرب والأردن.
قانون لتجميد اتفاقية وادي عربة هو خطوة منتجة ومهمة، يمكن للأردن من خلالها أن يؤثر على اندفاعة إسرائيل العدوانية لابتلاع ما تبقى من حقوق في القدس و"الأقصى".

[email protected]