تحاشي مفاجآت مرحلة غامضة

سيبقى الملف السوري محتدما في العام الجديد 2013. ومصالح الأردن تقتضي العمل على تحاشي أي مفاجآت قد تهدد أمننا أو تضر بنا. والأردن طرف من أطراف عديدة. وعليه، فمن المؤكد أنه ليس كُليّ القدرة، وليس الفاعل الوحيد أو الرئيس في هذا الملف. وإذا كانت التقديرات تشير إلى أن سقوط نظام بشار الأسد مؤكد، فإن الأردن مهتم بأن يكون التغيير في سورية آمنا، لأنّ هذا السقوط لا يعني، بالضرورة، تمكّن المعارضة السورية من قيادة انتقال ناجح للسلطة. والمقاربة الأردنية تقوم على رفض التدخل العسكري الخارجي، وعلى ضرورة الحفاظ على وحدة الأرض والشعب والجيش في سورية، والعمل على حماية مؤسسات الدولة السورية من الانهيار أو اختراق جماعات متطرفة لها. اضافة اعلان
إدانة قوى المعارضة السورية جميعها القرار الأميركي بوضع "جبهة النصرة" على قائمة الإرهاب مقلق للغاية، وحسابات المعارضة في ذلك حسابات تنبع من الخوف على الشعبية والخوف من ردود فعل الشارع والقواعد التنظيمية التي ما تزال تفكّر بطريقة "معاقبة أميركا وسام لنا"! وهي طريقة تفتقد إلى إدراك الحساسية العالمية إزاء الفكر الذي تعتنقه "الجبهة"، والأدوات التي تستخدمها في الانخراط في السياسة والشأن العام.
مرحلة ما بعد الأسد لا شك غامضة، والقلق بشأن هذا الغموض مبرر أردنيا. ومن المهم التواصل مع قوى المعارضة السورية، والتحرك الدبلوماسي على الساحة الإقليمية والدولية، لتبديد عناصر هذا القلق. ومبادرة رياض حجاب الأخيرة مهمة، لكنها غير كافية؛ إذ يجب توسيع الوعي الذي تضمنته، أي محاربة فكرة "الاجتثاث والتطهير"، كما ظهرت في النسخة العراقية ما بعد سقوط نظام صدام حسين. وهذا معناه حماية مؤسسات الدولة السورية من الانهيار أو التفكك، والحيلولة دون حدوث فراغ سياسي، سيكون أرضا خصبة للفوضى والانفلات الأمني وغياب الاستقرار، وسيادة منطق تصفية الحسابات وغياب القانون، وما تنطوي عليه هذه المخاطر من عنف وانتهاكات وفظائع.
وعلى الرغم من أن الواقع على الأرض يقول إن سورية أصبحت ساحة صراع إقليمي ودولي، وميدانا لمحاور وتحالفات إقليمية ودولية، فإن في التفكير الأردني في مرحلة ما بعد الأسد تطلعا إلى أنّ "التغيير الآمن" في سورية يفترض أن يخلق ديناميكيات ومواضعات جديدة، من شأنها، في المحصلة، إذابة الجليد بين عمّان وبغداد؛ إذ ثمة أوساط سياسية عراقية فاعلة ومهمة تدعو اليوم إلى عدم القطع مع المعارضة السورية الحالية التي تحرز تقدما عسكريا كبيرا.
مسألة الصعود الإخواني المحتمل في سورية ستضخ مجددا مزيدا من الدماء في الاستقطابات العربية والمحاور الإقليمية، وتجعلها أكثر حدة في العام 2013. والمقاربة التركية-المصرية-القطرية تختلف عن المقاربة السعودية أو الإماراتية بهذا الشأن، ناهيك عن المقاربة الإيرانية. والأردن ليس غائبا عن هذه الأجواء، وهو قلقٌ سيصحبنا طيلة العام الجديد الذي نوشك على استقباله، مدججين بالأمل بأن يكون أكثر خيرا وأمناً.

[email protected]