"تحديات المناخ السياسي" واشتراطات التمويل تواجه الأحزاب بالانتخابات المقبلة

figuur-i
figuur-i

هديل غبّون

عمّان – منذ صدور الإرادة الملكية لإجراء الانتخابات النيابية، سارعت أحزاب سياسية إلى الإعلان عن مشاركتها في الاستحقاق الدستوري للمجلس التاسع عشر، فيما تراقب أحزاب معارضة ووسطية مآلات أزمة نقابة المعلمين والمناخ العام لحسم موقفها، وسط حالة امتعاض سياسي في الوقت ذاته من قانون الانتخاب الذي ستجرى الانتخابات بموجبه للمرة الثانية على التوالي دون تغيير.اضافة اعلان
وتواجه الأحزاب، تحديات محورية لخوض غمار الانتخابات المقبلة، في مقدمتها استحقاقات نظام تمويل الأحزاب الجديد لسنة 2019 وتعليماته التنفيذية لسنة 2020، وكلاهما وسّع اشتراطات الحصول على التمويل، وفرض رقابة مشددة على أوجه الانفاق والصرف.
ولعل من أبرز ما تضمنه النظام الجديد، اشتراطات تنظيم القوائم الانتخابية والائتلافات الحزبية والإفصاح عنها والالتزام بها والتي ارتبطت جميعا بحوافز مالية، في محاولة لمأسسة تمثيل الأحزاب في القوائم الانتخابية وظهورها بتكتلات واضحة تحمل أسماء أحزابها، ولاحقا تحت قبة البرلمان.
واشترط نظام المساهمة، الحصول على حوافز تشكيل القوائم باسم الحزب، أن تكون القائمة حصريا من أعضاء الحزب، ما سيدفع بالعديد من الأحزاب إلى تشكيل قوائم مختلطة دون أن تحمل أسماء أحزاب سياسية، مع السعي لتأمين مصادر تمويل أخرى للمشاركة في الانتخابات.
وتعكس تجربة انتخابات 2016 النيابية، تمثيلا متواضعا للأحزاب السياسية في البرلمان التي احتفظ فيها مرشحو تلك الأحزاب بتمثيلهم لأحزابهم تحت قبة البرلمان، مقابل تنصل العديد من المرشحين بعد الفوز من حواضنهم الحزبية.
وامتنعت وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية في وقت سابق عن إعلان القوائم النهائية للحزبين الفائزين في انتخابات 2016، لاعتبارات تتعلق بإشكاليات داخلية تنظيمية لدى الأحزاب، وإثبات عضوية مرشحيهم بحسب، حيث رفضت الوزارة حينها الإعلان عن "قائمة أسماء الحزبيين البرلمانيين"، تاركة القرار للأحزاب للإعلان عن نوابها.
وخاض تلك الانتخابات 42 حزبا من أصل 50 حزبا مرخصا آنذاك، غمار الانتخابات النيابية، فاز 11 حزبا منها بمقاعد برلمانية، وبواقع فوز 37 حزبيا وائتلافيا، مثلوا أحزابا من جبهة العمل الإسلامي (من خلال التحالف الوطني للإصلاح 15 نائبا)، وحزب التيار الوطني بواقع 7 نواب، وحزب المؤتمر الوطني زمزم بواقع 5 نواب، وحزب الوسط الإسلامي بواقع نائبين اثنين، وحزب العدالة والإصلاح بواقع نائبين اثنين أيضا، و6 مقاعد نيابية فاز بمقعد واحد كلا من حزب الجبهة الأردنية الموحدة، وجبهة العمل الوطني، وحزب الوفاء الأردني، وحزب البعث العربي التقدمي، وحزب العون الأردني وحزب الاتحاد الأردني.
وأمام انتخابات 2020، يواجه 48 حزبا مرخصا حتى نهاية حزيران (يونيو) الماضي، هذه التحديات الجديدة، حيث أعلن عدد من الأحزاب مشاركته في الانتخابات المقبلة، من بينها حزبا التيار الوطني والاتحاد الوطني وائتلاف تيار الأحزاب الوسطية وعدد من أحزاب المعارضة.
وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن الاتجاه العام لائتلاف الأحزاب القومية واليسارية حتى الآن يميل نحو المشاركة في الانتخابات، حيث حسمت 4 أحزاب موقفها من المشاركة، هي: الشيوعي، والبعث العربي الاشتراكي، والحركة القومية، والشعب الديمقراطي (حشد) بشكل مستقل، فيما لم يحسم حزب الوحدة الشعبية موقفه للآن، خاصة أنه اشتكى مرارا من المضايقات التي لحقت بكوادر الحزب، في مقدمتها توقيف أمينه العام، سعيد ذياب، على قضية منشور سياسي له خلال الأسابيع الماضية.
وقالت مصادر في الائتلاف، لـ"الغد"، إن هناك تطلعات داخله للتوافق بالاجماع على قرار المشاركة، وعبر قوائم مشتركة وبرنامج موحد للانتخابات المقبلة"، مبينة، أنه "دون هذا التوافق لن يكون هناك معنى للمشاركة".
وكان الائتلاف قد أصدر بيانا في السابع والعشرين من تموز (يوليو) الماضي، رفض فيه ما تعرضت له الهيئات القيادية في نقابة المعلمين من تجميد وإغلاق مقارها لعامين.
الأمينة العامة الأولى لـ"حشد"، عبلة أبو علبة، قالت إن الحزب سيشارك في الانتخابات "رغم سوء قانون الانتخاب والقائمة النسبية المفتوحة"، فيما شددت على أن المناخ العام السائد في البلاد والحريات العامة غير مهيأة، داعية في الوقت ذاته الحكومة إلى تهيئة الأجواء العامة لذلك.
ورأت أبو علبة، أن "المناخ العام لا يتوقف فقط عند ملف المعلمين، بل يشمل التضييق على الحريات عموما، وعلى عمل وسائل الإعلام وقضية نقابة الأطباء والتضييق على المجتمع المدني كاتحاد المرأة في انتخاباته ونادي الوحدات وغيرها"، مضيفة "سنرفع مذكرة لرئيس الحكومة من خلال وزارة الشؤون السياسية حول ذلك، كل الأجواء العامة لا تتناسب مع حرية العمل السياسي التي تقتضيها الانتخابات النيابية حتى لو قررت الهيئة المستقلة للانتخاب إلغاء التجمعات.. حرية التعبير عن الرأي عنصر رئيس من أجل إنجاح الانتخابات".
وعن اشتراطات نظام المساهمة المالية للأحزاب، أشارت أبو علبة إلى أن "هذه الاشتراطات مقيدة وتحد من مشاركة أي حزب إضافة إلى نظام القائمة النسبية المفتوحة، وهناك مسؤولة وطنية تقتضي من الجميع أن يقدم وجهة نظره في كل القضايا دون تضييق، خاصة أن هناك ملفات كبيرة خارجية وداخلية، بما في ذلك قرار الضم والضم والتدخل الأميركي الصهيوني وقضايا أخرى اقتصادية وغيرها".
من جهته، لم يحسم حزب جبهة العمل الإسلامي، قراره القطعي بالمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة من عدمها، حيث ما يزال القرار معلقا رغم وجود توجه سابق نحو المشاركة، كان قد بحثه مجلس شورى الحزب قبل أزمة جائحة كورونا.
وبحسب مصادر من الحزب، فإن القرار تم تأجيله في حينه لسببين، الأول متعلق "بالإعلان عن مزيد من ضمانات النزاهة" لإجراء الانتخابات، إضافة إلى المناخ العام السياسي "السلبي" في البلاد.
وبينت المصادر أن أصواتا بدأت ترتفع داخل "شورى العمل الإسلامي"، تميل نحو مقاطعة الانتخابات، إلا أن القرار لم يحسم بعد.
من جهته، قال الناطق الإعلامي باسم الحزب، ثابت عساف، إن "هناك عدة تحديات رئيسة تواجه الحزب في ملف الانتخابات، هي أولا الظروف السياسية القائمة وغياب الأفق السياسي"، والهجوم على ما سماه "الأطر المنتخبة والضغوطات الأمنية على الأحزاب، ومحاولات التدخل المسبق في الترشيحات خاصة ما يتعلق بترشيحات الكوتا"، مضيفا، "هناك خشية من هندسة الانتخابات قبل أن تبدأ والتأثير على خيارات المرشحين، وأيضا نحن بحاجة إلى مزيد من ضمانات نزاهة العملية الانتخابية، عدا عن نظام التمويل للأحزاب الذي وضع اشتراطات تعجيزية خاصة إلزام الحزب بترشيح فقط أعضاء لديه في قوائمه لتحمل اسمه دون حلفاء".
كما لا تخفي أحزاب سياسية مخاوفها من المشاركة في الانتخابات المقبلة، لعدة اعتبارات من بينها ما قالت إنه "المناخ العام السلبي والمحتقن الذي لا يشجع على المشاركة"، بحسب الناطق باسم حزب الشراكة والإنقاذ، خالد حسنين.
وأضاف حسنين، الذي سيخوض حزبه حديث التأسيس الانتخابات للمرة الأولى، أن الحزب ما يزال يتدارس موقفه من المشاركة في الانتخابات، وأن هناك العديد من الخيارات أمامه، مرجحا أن يحسم الحزب موقعه خلال أيام.
ورجح أن لا يخوض الحزب الانتخابات بشكل مستقل، بل عبر ائتلاف أو تجمع حزبي أو تجمع لقوى وطنية سياسية، في الوقت الذي لم يحصل الحزب على تمويل للآن منذ تأسيسه بداية 2018.
ورغم مخاوف التمويل والدعم لخوض الانتخابات، إلا أن حسنين عبّ عن خشية الحزب من "استمرار المناخ العام السلبي في الشارع غير المهيأ لخوض الانتخابات المقبلة على خلفة أزمة قضية المعلمين"، قائلا، "نخشى من التدخلات في الانتخابات المقبلة على ضوء حالة الاحتقان في الشارع اليوم وإجراء الانتخابات مهما كانت هذه الأجواء غير مهيأة وأن تكون المعركة محسومة مسبقا".
لكن الأمين العام لحزب العدالة والإصلاح، ورئيس ائتلاف تيار الأحزاب الوسطية، نظير عربيات، أكد بدء أحزاب التيار وحزبه بالتحضير للمشاركة في الانتخابات، بعد اتخاذ الهيئات القيادية القرار بالمشاركة.
وبين أن "هناك تحديات جديدة لخوض غمار هذه الانتخابات، من أهمها حسم خيارات الترشيح للقوائم والمرشحين"، قائلا، إن "هناك توجها لتشكيل قائمة باسم حزب العدالة والإصلاح وقائمتين للتيار كل قائمة ستضم خمسة مرشحين".
وأشار عربيات إلى أن توزيع المرشحين هو التحدي الأكبر على الدوائر الانتخابية استنادا إلى ثقل كل حزب في أي من الدوائر الانتخابية في المحافظات.
وقال إن عملية الترشح يتم بحثها من خلال خلية مركزية، وإن تسمية القوائم باسم الائتلاف ما تزال قيد النقاش.
وكان الحزب الوطني الدستوري، أصدر بيانا في السادس من آب (أغسطس) الحالي، باسم أمينه العام، أحمد الشناق، قال فيه، "إن الحكومة لم تخلق أجواء ملائمة حتى الآن لإجراء الانتخابات النيابية".
من جهتها، قالت الأمينة العامة لحزب "أردن أقوى"، رولى الحروب، إن الحزب اتخذ في وقت مبكر قرارا بالمشاركة في الانتخابات، مؤكدة أن الحزب لن يعتمد على "التمويل الحكومي"، واصفة في الوقت نفسه التقسيمات للحوافز في النظام وتعليماته بأنها "كوميدية".
وأوضحت أن "المبالغ المخصصة بشكل محدد لأوجه الانفاق وسقوفها، لا تبلي احتياجات حملة انتخابية واحدة"، مضيفة، "للأسف الحكومة لم تفعل شيئا لمحاربة المال السياسي وللتحالفات العشائرية لتكون لصالح الحزبية".
ويسعى حزب "أردن أقوى" إلى بناء قوائم مشتركة مع قوى سياسية أخرى في عمان والزرقاء ومادبا وإربد، بحسب الحروب.
وتتفق الحروب مع سابقيها، في أن الأجواء العامة "مثبطة ومتأزمة وأن هناك دعوات للمقاطعة، خاصة وأن المجلس النيابي الثامن عشر عمق أزمة الثقة مع الشارع، وأن الحكومة الحالية، فقدت في إدارة جاءحة كورونا الإنجاز الذي حققته، بسبب عدة ملفات".
وفرض نظام المساهمة وتعليماته، تخصيص دعم مالي لكل قائمة ترشح للحزب بقيمة ألف دينار، على أن لا يتجاوز مجموع المبالغ 10 آلاف دينار، مع اشتراطات قبول الهيئة المستقلة للترشيحات استنادا إلى قانون الهيئة المستقلة للانتخاب وتعليماتها، وأن يعلن الحزب عنها رسميا محملة باسمه، وكذلك نشر القوائم في صحيفتين يوميتين واسعتي الانتشار على الأقل، وعلى الموقع الإلكتروني للوزارة، فيما تضمن النظام تخصيص 20 ألفا لكل حزب في حال ترشيح 6 مرشحين على الأقل قي قوائم الترشيح.
وفيما يخص دعم تشكيل الائتلافات (5 أحزاب فأكثر) وبقيمة 30 ألف دينار، ألزمت التعليمات كل ائتلاف ببرنامج انتخابي ودعائي موعد وإعلان الأحزاب المؤتلفة عن ذلك.
وحددت التعليمات سقوف الإنفاق على الحملات الانتخابية موزعة على 1500 دينار للمقرات الانتخابية في كل دائرة أعلن الحزب عن ترشيح قائمة فيها، وأن لا تزيد نفقات المطبوعات على 2500 دينار، وأن لا تزيد نفقات وسائل الإعلام الأخرى على 2500 دينار أيضا.