"تحدي القراءة العربي 2017" يغرس المزيد من المعرفة لبناء أوطان المستقبل

متخصصة في الثقافة والمواضيع الاجتماعية
متخصصة في الثقافة والمواضيع الاجتماعية

باميلا كسرواني


"الثقافة والقراءة والمعرفة، أقوى وسائل المقاومة، وليس تحرير الأرض فقط، بل العقول أيضاً"، بهذه الكلمات عبّرت الفائزة بتحدي القراءة العربي 2017، الفلسطينية عفاف رائد شريف عن أهمية القراءة والمعرفة في حياة الإنسان، بعد انتهاء الحفل الختامي للدورة الثانية الذي أقيم في الـ19 من الشهر الجاري في أوبرا دبي. واعتبرت شريف أن القراءة تضيء دروب العلم والمعرفة، وتساعد على مواجهة الأمية والجهل والفقر، معتبرةً أن تحدي القراءة العربي، مبادرة "استثنائية"، ساهمت بفعالية في استخراج الأفكار العامة والتفصيلية وفوائدها. اضافة اعلان
كما عبّرت عن سعادتها الغامرة بتتويجها بطلة للتحدي وسط العديد من المهارات والمواهب العربية مهدية اللقب إلى كل الشعب الفلسطيني ومعتبرةً أن فوزها رسالة فخر واعتزاز.
فوزٌ باللقب وإنما أيضاً بمبلغ مالي قيمته 150 ألف دولار. وهنا تقول خلال حديثها مع الصحفيين إن مبلغ الجائزة كبير، متابعةً: "جزءٌ من المبلغ سأخصّصه للعمل الإنساني والجزء الآخر لدراستي لأنني أريد تكثيف جهودي لدراسة الطب، فأنا لدي رسالة في هذا العالم؛ لا أحب أن أرى إنساناً يعاني وسأدرس الطب لأداوي الناس والجرحى من آلامهم وأوجاعهم".
ولا شك أن هذا الفوز تحوّل حقيقة بفضل الإرادة والعزيمة والإصرار التي تشدّد عليها شريف هي التي تخبرنا أنها ركزت خلال التحدي على تنوع الكتب المختارة والقراءة في المجالات كافة، وخصصت 6 ساعات يومياً مؤكدة: "من لا يقرأ سيظل خارج صفحات التاريخ". وكشفت أن كتاب "الهزيمة" لكريم الشاذلي، أكثر الكتب التي تأثرت بها خلال مشوار التحدي، إذ ذكر الكاتب فيه أن النصر في هذه الحياة يناله الشخص الذي يتحمل أكبر قدر من ضرباتها دون أن ينكسر".
 والمزيد من الفائزين..
إلى جانب الطالبة الفلسطينية، خصّ "تحدي القراءة العربي" المدارس بجائزة أفضل مدرسة على مستوى الدول المشاركة والتي بلغت قيمتها مليون دولار. وهذا العام، كانت الجائزة من نصيب مدرسة الإيمان من البحرين. وأشارت لنا مديرة المدرسة، فرات طليمات، في لقاء على هامش الحفل الختامي أن المدرسة بدأت متواضعة قبل 23 عاماً مع عشرات الطالبات إلا أنها تطوّرت وازداد عدد طالباتها بشكل كبير. وتأتي هذه الجائزة، بالنسبة لطليمات "تتويجاً لمسيرة من الجهد والعطاء والتفاني في إنجاز رسالة تعليمية، قوامها توفير بيئة حاضنة للثقافة والاطلاع".
وأكدت لنا:  "نشجّع الطالبات على المشاركة في مختلف أنواع المسابقات، مثل التمثيل والخِطابة والقراءة وقد نظّمنا العديد من الفعاليات والمبادرات القرائية والمعرفية مثل أفضل مستعيرة وأفضل قارئة ضمن المدرسة بفضل مصادر التعلم المفتوحة في المدرسة وإشراك المعلمات وأولياء الأمور ومختلف قطاعات المجتمع المحلي".
وجديد هذا العام من المسابقة، جائزة المشرفة المتميزة التي كانت من نصيب المغربية الدكتورة حورية الظل التي تألقت من بين 75 ألف مشرفة. وأكدت لنا الظل: "حرصنا أنا وزملائي على تقديم كل جهد يسهم في إنجاح المبادرة" مشيرة إلى أن التحدي الأكبر "كان صعوبة إيصال وتوفير الكتاب لكثير من الأماكن المتطرفة والنائية". وشددت على أن الرحلة لا تنتهي هنا لا بل أن هدفها للعام المقبل سيُركز على الوصول بنسبة المدارس المشاركة في التحدي من المغرب إلى 50 %. وقالت إن النسبة بلغت العام الجاري 23 % علماً أن المستهدف كان 20 %.
وشددت الظل على أن نجاحها هو تتويج لتواصلها المستمر مع جميع المشرفين في المدارس لافتة إلى أنها وضعت رقم هاتفها في متناول الجميع للتواصل معها في أي وقت، والتمكّن من معالجة أي مشكلة أو صعوبة قد تواجه المشرف في تأدية عمله. وأهدت هذا الفوز لكل المشرفين في العالم العربي قائلة:  "الجميع يعمل على المشروع بحماسة لأننا نعرف قيمته، فمشروع التحدي العربي يقوم على فتح الطريق أمام الأجيال من أجل بناء أوطانهم وليس أنفسهم فقط…".
طريق الوصول إلى الفوز
وسبق الحفل الختامي مرحلة التصفيات التي دارت خلال يومَين وأدت إلى ترشيح خمسة طلاب للتنافس على المركز الأول. وكان الطلاب قد خضعوا لاختبارَين، أحدهما شفهي والآخر تحريري بغية تقييم القدرة على استعراض أبرز النقاط والأفكار في الكتب التي تمت قراءتها بلغة عربية سليمة، واستيعاب المحصلة القرائية ككل، والتعبير عنها بأسلوب الطالب وشخصيته، وتطوير قدرات مميزة في المناقشة والنقد والتحليل، والربط بين الأفكار والمفاهيم المختلفة، إلى جانب التحلي بالثقة بالنفس، والتمكّن في الأداء عموماً.
وخلال الحفل الختامي، واجه الطلاب الخمسة تقييماً جديداً من لجنة التحكيم إضافة إلى تصويت الجمهور؛ جمهور كان له كلمته أيضاً على موقع المسابقة في اختيار المدرسة الرابحة إذ تُحتسب نتيجة التصويت إلى جانب تقييم لجنة التحكيم الخاصة بالمدارس.
وتجدر الإشارة إلى أن الطريق طويل قبل الوصول إلى التصفيات، فهذا التحدي الذي يأخذ شكل منافسة للقراءة باللغة العربية يشارك فيه الطلبة من الصف الأول الابتدائي وحتى الصف الثاني عشر من المدارس المشاركة من الدول العربية والأجنبية منها. وخلال الفترة التي تمتد من سبتمبر إلى مارس من العام التالي، يتدرج الطلاب المشاركون عبر خمس مراحل تتضمن كل مرحلة قراءة عشرة كتب وتلخيصها في جوازات التحدي. بعد الانتهاء من القراءة والتلخيص، تبدأ مراحل التصفيات وفق معايير معتمدة، وتتم على مستوى المدارس والمناطق التعليمية ثم مستوى الأقطار العربية وصولاً إلى التصفيات النهائية والتي تُعقد في دبي سنوياً في شهر أكتوبر.
ولكن، دعونا نعود إلى البدايات
"أول كتاب يمسكه الطلاب يكتب أول سطر في مستقبلهم"، عبارة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي لعّله اختصر فيها أهمية مشروع "تحدي القراءة العربي" الذي أطلقه في سبتمبر 2015 بغرض تشجيع مليون طالب على قراءة 50 مليون كتاب خلال عام؛ مشروع إقليمي عربي يسعى إلى إبراز جيل جديد متفوق في مجال الاطلاع والقراءة وشغف المعرفة.
لا شك في أن غرس حب القراءة في نفوس الصغار يُساهم بشكل كبير في بناء أوطان متقدمة ومتفوقة. لذلك، تريد مسابقة "تحدي القراءة العربي" تنمية الوعي العام بواقع القراءة العربي، وضرورة الارتقاء به لأخذ موقع متقدم عالمياً، وتعزيز الحس الوطني والعربي والشعور بالانتماء إلى وطن عربي واحد، ونشر قيم التسامح والاعتدال وقبول الآخر، وتكوين جيل من المتميزين والمبدعين القادرين على الابتكار في جميع المجالات، وتقديم نموذج متكامل قائم على أسس علمية لتشجيع مشروعات ذات طابَع مماثل في الوطن العربي، وأخيراً، تنشيط حركة التأليف والترجمة والطباعة والنشر بما يثري مكتبة النشء العربي.
وفي الدورة الأولى من "تحدي القراءة العربي"، كان الطفل الجزائري محمد عبدالله فرح قد فاز بالجائزة الأولى فيما نالت مدرسة "طلائع الأمل الثانوية للبنات" في فلسطين جائزة "المدرسة المتميزة".
هلموا إلى القراءة واستعدوا للدورة الثالثة العام المقبل!