تحدي "كلنا الأردن"

 يلتئم ملتقى "كلنا الأردن" في منطقة البحر الميت اليوم وسط موجات من التشكيك بجدواه. سقف التوقعات لنتائج الملتقى متواضعة. والثقة بقدرته على إنتاج أثر فاعل على مسيرة الإصلاح السياسي محدودة.

اضافة اعلان

مردّ معضلة الصدقية التي يواجهها الملتقى تجارب سابقة مماثلة ("الأردن أولا" و"الأجندة الوطنية"), لم تترجم خطوات تنفيذية. والسؤال المطروح هو لماذا يمكن لملتقى "كلنا الاردن" ان يثمر خطوات إصلاحية ملموسة في حين لم تتجاوز التجارب التي سبقته مراحل التنظير الفكري والاعتراك السياسي في صالات مغلقة؟

الجواب بسيط. لأن الفشل في ذلك سيوجه ضربة قد تكون قاضية لصدقية الطرح الإصلاحي, وسيعمق أزمة الثقة التي ما فتئت تنمو بين المواطنين والمؤسسات الرسمية. وسيكون للإنجاز, مهما كان متواضعا, أثره الإيجابي على ثقة الناس بإمكانية إطلاق فعل ملموس لتسريع خطوات الإصلاح في ضوء انخفاض مستوى التوقعات. ذلك يعني أن التشكيك بنجاعة فكرة الملتقى يمثل تحديا وفرصة في آن.

 التحدي, الذي لا يجوز الاستهانة به وبانعكاساته, هو تفهم أسباب التشكيك ومواجهتها بما تستدعي من الاحترام والإدراك لخطر عدم معالجتها على نظرة الناس للمؤسسات الرسمية. تجاهل هذه الأسباب خطأ. وتبعات رفض التشكيك على أنه سوداويةٌ لا مبرر لها خطرة.

 وتكمن الفرصة في إمكانية مواجهة هذا التشكيك بقرارات حقيقية قابلة نتائجها للقياس ضمن جدول زمني محدد. فالناس لا ينتظرون تنظيرا, يريدون فعلا.

 اما ميادين هذا الفعل فهي واضحة أيضا. إصلاحات تشريعية وممارسات عملية تؤدي تراكميتها إلى تكريس المؤسسية المرتكزة إلى الدستور والملتزمة القانون إطاراً للعمل العام.

فالمؤسسية هي طريق الإصلاح وهي ضامنه وهي السبيل الوحيد لتوتد الاقتناع المجتمعي بجدية إيمان المؤسسات الرسمية به سبيلا لتحقيق الحياة الأفضل للمواطنين, وطريقاً نحو التوظيف الأمثل لموارد البلد. وذلك هدف لن يكون صعبا إنجازه اذا ما توفرت الإرادة السياسية, وإذا ما التزمت الممارسات الرسمية الدستور والقوانين التي يجب أن تحدث بما يكفل مواكبتها أهداف الإصلاح وضروراته.

المطلوب من الملتقى بَيِّن, إذن, اذا ما أراد ان ينتهز الفرصة السانحة: قرار صريح باتخاذ خطوات على الارض لتنفيذ طروحات الإصلاح والاقتراب من أهدافه. وأقصر الطرق لإقناع الناس بجدية هذا القرار هو الاتفاق على جداول زمنية لتحديث تشريعي يشمل قوانين الانتخاب والاحزاب والبلديات والاجتماعات العامة ومكافحة الفساد وإشهار الذمة المالية والمطبوعات والنشر والحصول على المعلومات, إضافة الى تشريعات أخرى لن يتطور الأداء المؤسساتي للبلد من دونها.

وسيصدر الناس حكمهم على الملتقى وجدية التزامه الإصلاح بعد وقت لن يكون طويلاً بناءً على مدى تطبيق الملتقى قراراته ضمن الأطر الزمنية التي يجب ان تحدد لها.

 فإذا رأى الناس التزاما وتنفيذا, يكون ملتقى "كلنا الأردن" حقق خدمة كبيرة للبلد وأسهم في تجسير فجوة الثقة بين الناس ومؤسساتهم العامة. أما إذا فشل في ذلك, فسيكون الملتقى ألحق ضررا كبيرا بصدقية الطرح الإصلاحي وبصورة المؤسسات الرسمية. وذلك ضرر واجب على كل من سيشارك في الملتقى أن يحول دونه.