تحذيرات من شمول "العفو" لقضايا وغرامات الاعتداء على خطوط المياه

6
6

إيمان الفارس

عمان – أثار طرح مشروع قانون العفو العام لبند إعفاء غرامات الاعتداء على خطوط المياه، جدلا في الدوائر المعنية، وسط تساؤلات حول ضرورة إجراء دراسة اقتصادية تبين أثر خطورة الإعفاء من الغرامات الضخمة والمنظورة أمام المحاكم والتي تفوق 30 مليون دينار، بحسب أرقام وزارة المياه والري.اضافة اعلان
وتوقع معنيون في القطاع أن يمتد حجم الخطورة في حال تم إقرار مشروع القانون، الى إمكانية تحصيل الذمم المالية المتعلقة بفواتير المياه، أو قدرة وزارة المياه والري بسلطتيها والشركات التابعة لها في محافظات المملكة على القيام بخدماتها بالدور الأمثل.
ولا يزال مشروع قانون العفو قيد مناقشته بمجلس الأعيان، قبل إقراره، ومن ثم توشيحه بالإرادة الملكية السامية وإصداره بالجريدة الرسمية.
وأبدت أوساط متخصصة في قطاع المياه مخاوفها المتزايدة حيال التوسع في الآبار المخالفة والاعتداءات على المياه في حال تم إقرار ما يتعلق بإعفاء من وصفتهم هذه الأوساط بـ "سارقي المياه"، من الغرامات المترتبة عليهم.
وفي رده على سؤال لـ "الغد" حول تقديراته لحجم الاعتداءات، كشف الناطق الاعلامي باسم وزارة المياه والري عمر سلامة ان هذه "الاعتداءات، والتي جاهدت الوزارة خلال السنوات الماضية وما زالت لمنعها والحد منها، تتجاوز ما قيمته 30 مليون دينار، عدا النفقات الادارية والمالية واللوجستية التي تكبدتها سلطة المياه في رصد وتتبع وردم الآبار المخالفة والتي سيشملها مشروع قانون العفو".
وأوضح سلامة ان العفو "سيشمل نحو 110 قضايا رئيسية مرفوعة لدى المحاكم في العام 2018 في حين تقدر اثمان المياه المعتدى عليها من الخطوط الناقلة، والعائدة لشركة مياه الاردن "مياهنا" في مناطق عمان ومادبا باستثناء الزرقاء نحو 15 مليون دينار، إضافة الى نصف مليون دينار غرامات وصلات منزلية مخالفة".
وأشار الى أن "معدل حفر آبار مخالفة يتراوح بين 100- 150 حالة، وعمليات بيع المياه من مصادر رئيسية بين 50- 100 سنويا"، لافتا الى أن ارقام الوزارة تظهر "ضبط آلاف من حالات الاستخدامات غير المشروعة للمياه سنويا".
وأعاد سلامة التذكير الى ان المادة 30 من قانون سلطة المياه نصت على "معاقبة كل من يعتدي على خطوط المياه الرئيسية والناقلة أو الاعتداء على محطات المياه والصرف الصحي أو إحداث أي تلوث في مصادر المياه او الخزانات والآبار او الينابيع، وكذلك حفر الآبار بطريقة مخالفة، بالحبس مدة لا تقل عن سنة وتصل الى خمس سنوات وبغرامة من 2- 7 دينار وإلزام المعتدي بدفع أثمان المياه المستغلة بطريقة غير مشروعة كونها مالا عاما".
وأشار الى أن هذه الاعتداءات "تؤثر بشكل مباشر على كفاءة ايصال المياه للمواطنين بطريقة منتظمة وطبيعية، وتؤثر سلبا على مصادر المياه وخاصة الجوفية، وإرهاق موازنة خزينة الدولة".
وفي منشور على صفحته الشخصية، استهجن وزير المياه والري الأسبق د. حازم الناصر توجه مجلس النواب، لإعفاء من وصفهم بـ "سارقي المياه ولا افهم الرسالة من وراء هذا الإعفاء"، رابطا بين "إعفاء هؤلاء والدعوات المتكررة لترسيخ سيادة القانون وهيبة الدولة خاصة في موضوع المياه".
وأكد "ان إعادة الفوضى لقطاع المياه ليست من أولويات الدولة لا سيما وان الحكومة لم تضع أصلا قطاع المياه ضمن أولويات برنامجها الاستثماري، وبالتالي فإن "هذا الإعفاء سيحرم سلطة المياه من عشرات الملايين من الدنانير".
الى ذلك، أشارت مصادر مطلعة الى أن جرائم الاعتداءات على المياه التي تندرج تحت "الجرائم الاقتصادية، قد لا يشملها العفو"، وهي الجرائم التي تعد ذات تأثير وانعكاس كبيرين على الاقتصاد الوطني، وعلى كافة الاستخدامات المائية سواء للشرب أو للزراعة أو الصناعة، وهو ما يعتبر أخف حدة من شمول كافة أنواع غرامات الاعتداءات من الإعفاء المنصوص عليه ضمن مشروع القانون.
واعتبرت هذه المصادر في تصريحات لـ "الغد" أن شمول بند الإعفاء من غرامات الاعتداءات على المياه بالعفو العام، "سيفتح من جديد ملف إمكانية القضاء على ظاهرة الاعتداءات على المياه أو استخدامات المياه غير المشروعة، وسيعزز من اللامبالاة في دفع الذمم والمستحقات الضخمة والتي تعتمد عليها ميزانية القطاع المائي لضمان استمراريته في ظل عجز مائي ومالي كبيرين لم يعد ممكنا صرف النظر عنهما، أو إهمال معالجة تحدياتهما".
وأشارت الى أن نص مشروع قانون العفو العام لبند إعفاء غرامات الاعتداء على المياه، "سيرفع أيضا من مخاوف الاعتداءات على الحق العام"، في إشارة لحصص المواطنين الضائعة هدرا نتيجة السرقات، وسط ازدياد تحديات توسع الاعتداءات في موضوع الآبار المخالفة، والاعتداءات على خطوط المياه الرئيسية، والامتناع عن دفع الذمم والفواتير المستحقة للوزارة وسلطة المياه، ما ينعكس على أداء الوزارة وجهود الحفاظ على الأمن الوطني المائي".
وفي الوقت الذي تتكرر فيه اعتداءات على مصادر المياه، ومن ضمنها محولات الكهرباء المتعلقة بتشغيل مصادر مائية في مختلف محافظات المملكة، وتساهم بالتأثير سلبا على استقرار عملية التزويد المائي وانقطاعها عن مناطق بأكملها، رصدرت بيانات وزارة المياه والري 59 حالة سرقة لمحولات ولوحات كهربائية مسؤولة عن تزويد المياه منذ العام 2016 وحتى نهاية آب (أغسطس) العام الماضي.
وبحسب وزارة المياه والري، فإن العجز المالي لقطاع المياه وصل إلى حدود 240 مليون دينار سنويا، في الوقت الذي تشكل فيه كلف الكهرباء أكثر من 50 % من الكلف التشغيلية للقطاع، وسط ارتفاع الكلفة من 42 فلسا في العام 2010 الى 94 فلسا في العام 2015 وبتزايد سنوي.
وتقدم الحكومة دعما يتجاوز 1.08 دينار لكل م3 من المياه، والبالغة كلفته 2.35 دينار، وسط ازدياد مديونية قطاع المياه البالغة 2.01 مليار دينار، والتي تشكل 7.4 % من المديونية الحكومية البالغة 27.2 مليار دينار.
إلى ذلك، وفي حال اختلف مجلس الأعيان مع مجلس النواب حول بعض مواد مشروع قانون العفو العام، فإنه يعود لمجلس النواب أن يوافق على رأي الأعيان أو الإصرار على موقفه، وفي حال استمر الخلاف يصار الى عقد جلسة مشتركة لحسمه.
وكان مجلس النواب أقر مشروع قانون العفو العام الاثنين الماضي، على أن يسري على الجرائم الواقعة قبل 12 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ويشمل إعفاء مخالفات السير بكافة أنواعها وغرامات الإقامة للعمال الوافدين وغرامات الاعتداء على خطوط المياه والكهرباء، والغرامات المترتبة على مخالفة قوانين: ضريبة الدخل، الضريبة العامة على المبيعات، الجمارك، جرائم الذم والقدح والتحقير، إضافة الى جرم تعاطي المخدرات.
ويشمل العفو أيضا الجرائم الواقعة على السلطة العامة، ومقاومة تنفيذ الموظف للقوانين أو الأنظمة المعمول بها، أو إيقاف عمل مشروع، وغيرها.