تحركات في لبنان لحماية ما تبقى من الإرث المهدد للعاصمة

بيروت - أطلقت منظمات المجتمع المدني في لبنان حملة بعنوان "يوم المراقبة" للفت انتباه السلطات والمواطنين إلى معالم التراث الثقافي والطبيعي في لبنان التي توشك أن تندثر أو أن تُحجب عن أنظار العامة.اضافة اعلان
وتمتد هذه الحملة على أربعة أيام تقام فيها جملة من الأنشطة تلقي الضوء على اثنين من المعالم المهددة، قصر "حنينة" أو قصر "داهش" المبني في أواخر زمن السلطنة العثمانية في القرن التاسع عشر، ومنطقة الدالية قرب صخرة الروشة على الواجهة البحرية لبيروت.
وكانت منظمة صندوق رعاية المباني الأثرية العالمية أدرجت هذين المعلمين على قائمة التراث المهدد في العام 2016، وهو ما أعطى دفعا كبيرا لمنظمات المجتمع المدني اللبنانية التي تواصل تحركاتها حاليا مع حملة "يوم المراقبة" (بيروت ووتش داي).
وتحدث أنطوان عطا الله نائب رئيس جمعية "أنقذوا تراث بيروت" لوكالة فرانس برس عن أهمية قصر حنينة الذي يعرف أيضا بقصر "داهش"، نسبة للدكتور داهش (سليم موسى العشي 1909-1984) الذي أسس مدرسة روحية خاصة به ونُسبت إليه خوارق ما يزال كثير من اللبنانيين يتداولون أخبارها.
وقال "قصر حنينية مصنّف كمعلم تاريخي، لكنه مهجور حاليا، نريد أن نعرّف الناس عليه لحض مالكيه على السكن فيه".
وشيّد القصرَ أحد النبلاء الروس الذي كان منفيا إلى لبنان، بحسب بيان الشرح الذي وزعه المنظمون، وتوالت على السكن فيه إضافة إلى الدكتور داهش شخصيات مرموقة منها جاستن كالميت، من أهم أساتذة كلية الطب في جامعة القديس يوسف في أيامها الأولى، والشاعرة ماري حداد شيحا.
وأقيمت أمس سوق أمام القصر للفت الأنظار إليه، وتنظم لهذه الغاية أيضا زيارات موجّهة برفقة أدلاء إلى الحي ومعرض.
ويشدد المنظمون على أن تحركهم لا يرمي للفت النظر لهذا القصر وحده، بل لمجموعة من القصور في منطقة زقاق البلاط وكلها بحاجة للحماية للحفاظ على نسيج عمراني متماسك، ولاسيما في ظل التمدد العمراني العشوائي الذي تشهده حاليا بسبب ارتفاع أسعار العقارات.
ويقول المنظمون "قصر حنينة نموذج معبر عن الوضع الخطير الذي يواجه معظم التراث المعماري في جميع أحياء بيروت"، وهم يأملون أن تدفع الحملة السلطات للتحرك حفاظا على هذه المعالم.
أما موقع الدالية قرب صخرة الروشة الشهيرة على شاطئ بيروت، فهو منطقة غنية بالأنواع النباتية والحيوانية البحرية في المنحدرات والجزر الصخرية الصغيرة والبرك الطبيعية، "ما دفع بعض العلماء والباحثين لاعتبار الدالية كموقع رئيسي للحماية في لبنان"، وفقا للمنظمين.
وقد اقترحت وزارة البيئة في العام 2012 تصنيف الدالية كموقع طبيعي محمي على الشاطئ اللبناني.
إضافة إلى ذلك، شكلت الدالية مساحة مشتركة مفتوحة للعامة، يلتقي فيها الصيادون والسباحون والمصورون والمتنزهون والباعة الجوالون، وتقام فيها احتفالات أشهرها احتفال عيد النوروز الذي يحييه أكراد لبنان هناك في 21 آذار (مارس) من كل عام.
لكن منذ العام 2014، طرد منها الصيادون واستحدث سياج لمنع دخول العامة إليها، و"تشير أدلة عديدة إلى تهديد يلوح في الأفق يتمثّل في مشروع استثماري لتغيير طبيعة المنطقة على طراز فاخر"، وفقا للمنظمين.
وتقول الناشطة في الحملة ساره ياسين لوكالة فرانس برس "صحيح أن بعض المساحات من الدالية هي ملكيات خاصة، لكن المخطط العمراني الموضوع لبيروت العام 1954 يمنع البناء فيها" داعية السلطات إلى الالتزام بهذا القرار. واليوم الأحد، تنطلق جولات على متن قوارب للصيادين وتقام فيها جولات برفقة أدلاء، لحض اللبنانيين على إنقاذ هذا الموقع.
ويندد النشطاء المعنيون بالحفاظ على التراث اللبناني وكثير من سكان العاصمة منذ سنوات بالاجتياح العمراني الذي يكاد يجهز على ما تبقى من إرث عمراني للمدينة. ففي العام 1995 كانت بيروت تحتوي على 1200 مبنى تراثي، لم يبق منها في العام 2010 أكثر من 400، وهو عدد آخذ بالتناقص بشكل مستمر. - (أ ف ب)