تحسين معيشة المواطنين أولوية ملكية

منظر عام لعمان من الجو - (_)
منظر عام لعمان من الجو - (_)

عمان- منح جلالة الملك عبدالله الثاني تطوير الاقتصاد الوطني وتحسين معيشة أبناء شعبه، أولوية كبيرة، ووضعهما بمقدمة اهتماماته اليومية.اضافة اعلان
وانتهج الأردن، خلال السنوات الماضية، سياسة مبنية على الانفتاح الاقتصادي لتحفيز النمو المستدام وتحرير التجارة بما يحقق الاندماج في الاقتصاد العالمي وإعطاء القطاع الخاص الدور في قيادة دفة الفعاليات الاقتصادية وتوفير بيئة تنظيمية عصرية جاذبة للاستثمار.
وسند جلالة الملك البلاد خلال جائحة كورونا من خلال متابعته المباشرة للشأن الاقتصادي وتركيزه على ضرورة إدامة عجلة الإنتاج وانسياب السلع للمملكة لسد احتياجات المواطنين، الى جانب الاهتمام بتحقيق الأمن الغذائي ودعم المخزون الاستراتيجي من السلع الأساسية والغذائية المطلوبة والاعتماد على الذات.
ووجه جلالة الملك، في رسالته إلى الأردنيين بمناسبة عيد ميلاده الستين، الى وضع رؤية جديدة للاقتصاد الوطني للسنوات المقبلة، تكون عابرة للحكومات، لاستكمال ما تم بناؤه منذ توليه مقاليد الحكم، والتي ركزت على تنويع الاقتصاد وتحريره ودمجه بالعالمية.
وفي رسالته، وجه جلالته لعقد ورشة عمل اقتصادية وطنية، تجمع ممثلين من أصحاب الخبرة والاختصاص في القطاعات الاقتصادية، بالتعاون مع الحكومة، مؤكدا أن تحقيق الرؤية الشمولية يتطلب جهودا مكثفة تبنى على مواطن القوة وتعالج نقاط الضعف، في التخطيط والتنفيذ بما يرفع سوية الأداء في مختلف القطاعات، ويوفر الفرص والخدمات لكل الأردنيين، ويضمن إطلاق الإمكانيات، لتحقيق النمو الشامل المستدام، الذي يكفل مضاعفة فرص العمل المتاحة، وتوسيع الطبقة الوسطى ورفع مستوى المعيشة لضمان نوعية حياة أفضل للمواطن.
وأشار جلالته إلى أنه سيتابع تنفيذ هذه الرؤية، لتشكل بما تتضمنه من خطط وبرامج، المرتكز الأساسي لكتب التكليف للحكومات، وبما يضمن الاستمرارية في الإنجاز للحكومات والمسؤولين والحيلولة دون إعادة صياغة الخطط والاستراتيجيات كلما حلت حكومة محل أخرى.
ووجه جلالته الحكومة لوضع الخطط والبرامج لدعم القطاعات الواعدة التي تشمل السياحة والزراعة والتكنولوجيا المتقدمة والطاقة المتجددة، مؤكدا ضرورة القيام بكل ما هو ممكن لتطوير القطاع الطبي ليعود الأردن وجهة رئيسة للسياحة العلاجية في المنطقة، إضافة إلى فتح أوسع الآفاق للشباب الرياديين واحتضان صناعات المستقبل.
ودق جلالته، أجراس الإصلاح الاقتصادي من كل أبوابه، منذ توليه سلطاته الدستورية العام 1999؛ حيث حرص في رؤيته السامية على بناء اقتصاد وطني حر ورفع مستوى معيشة الأردنيين، موجها الحكومات المتعاقبة بذلك على مدى عقدين من الزمن.
ففي تشرين الثاني (نوفمبر) 1999، بادر جلالة الملك عبدالله الثاني بدعوة ما يزيد على 160 ممثلا عن القطاعين العام والخاص للاجتماع في خلوة اقتصادية استمرت يومين، وهدفت إلى تعزيز العلاقة بين القطاعين، بمشاركة عدد من الاقتصاديين والمختصين والخبراء، بهدف تحقيق تنمية مستدامة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي وحياة أكثر ازدهارا للمواطنين.
ولطالما أكد جلالته في كل المحافل المحلية والعربية والإقليمية، وفي جل خطاباته ورسائله وكتاباته ومقالاته، ضرورة تبني سياسة اقتصادية تحررية، والاندماج في الاقتصاد العالمي، وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول العربية، والقضاء على البطالة والفقر، واستقطاب الاستثمار.
وأكد جلالته، في خطاب العرش السامي خلال افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة التاسع عشر في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي؛ أن التحديث الاقتصادي والإصلاح الإداري، يهدفان إلى تحقيق التعافي من الظروف التي فرضتها أزمة كورونا، وبناء أسس راسخة لشراكة فاعلة بين القطاعين العام والخاص، لإقامة استثمارات توفر فرص العمل وتحفز النمو، والاستفادة من القطاعات الواعدة والطاقات البشرية المؤهلة.
ودعا جلالة الملك في كتاب التكليف السامي لحكومة الدكتور بشر الخصاونة في تشرين الأول (أكتوبر) 2020، إلى تكريس الجهود لتحقيق التعافي الاقتصادي من خلال برامج واضحة بأطر زمنية محددة تتضمن خطوات قابلة للقياس والتقييم والمتابعة، ويكون لها أثر ملموس في الحد من التداعيات الاقتصادية الناتجة عن الجائحة وتحفيز النمو وزيادة التنافسية للقطاعات الإنتاجية.
وشدد على ضرورة الاستمرار في تعزيز نهج الاعتماد على الذات، من خلال تمكين الموارد البشرية الواعدة، وتزويدها بعلوم ومهارات مهنية وتقنية ترفع من ميزتها التنافسية، والاستثمار الأمثل في الموارد المتاحة والاستفادة من الفرص المتوفرة في كل القطاعات، وكذلك الاستمرار في الإصلاحات الاقتصادية والمالية والهيكلية بهدف تحقيق النمو الشامل والمستدام، وبما يدعم بيئة الأعمال وتنافسية الأردن إقليميا وعالميا.
وقال "رغم تداعيات أزمة كورونا، إلا أنها أظهرت مكامن قوة وفرصا واعدة في قطاعات عدة، خصوصا الصناعات الغذائية والدوائية والمعدات الطبية، التي يجب استثمارها وفق نهج مؤسسي قابل للتنفيذ، لتحديد الفرص المتاحة، وبما يوفر فرص العمل ويمكن الأردن من لعب دور مهم كمركز إقليمي في المنطقة".
ودعا الحكومة إلى مواصلة النهوض بالقطاع الزراعي وتنظيمه وتعزيز استخدام التقنيات الحديثة لتطوير وتنويع إنتاجيته وفتح أسواق تصديرية جديدة، وتعزيز الأمن الغذائي في المملكة.
وقال: "لأن السياحة من أهم القطاعات في رفد اقتصادنا الوطني وأكثرها تأثرا بالجائحة، فلا بد من تضافر الجهود وإيجاد الحلول المبتكرة لتخفيف الضرر، والتركيز على السياحة الداخلية وتحسين المنتج السياحي وتنويعه، بما يحافظ على المنشآت السياحية ويضمن استمرار فرص العمل في القطاع، واستغلال هذه الفترة التي تشهد انخفاضا في أعداد السياح في العالم كله، لوضع خطط استباقية متوسطة وطويلة المدى، والإعداد الجيد لاستقبال السياح بعد تحسن الأوضاع الوبائية في العالم".
ولم يغفل جلالته عن الشركات الصغيرة والمتوسطة؛ إذ عدها في كتاب تكليف حكومة بشر الخصاونة من دعائم الاقتصاد الوطني، موجها لتصميم برامج لتمكينها، إضافة إلى أهمية تذليل العقبات أمام الاستثمار الوطني والأجنبي، والمضي قدما في جذب الاستثمارات في المشاريع الاستراتيجية الكبرى، وإنجاز مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لتحقيق التنمية في مختلف مناطق المملكة، وتطوير الجهاز الإداري للدولة، وإعداد الموازنة إعدادا واقعيا.
وشدد على ضرورة أن تعكس الإيرادات والنفقات المتوقعة، وتركز على تحفيز الإنتاجية واستمرارية تحسين الخدمات، وتحقق الكفاءة في إدارة موارد الدولة وضبط الإنفاق، إضافة إلى تحسين الإيرادات عبر مكافحة التهرب والتجنب الضريبي والجمركي دون مغالاة على المواطن والقطاع الخاص.
وأكد جلالته أن إنجاز هذا يتطلب الاستمرار في تطوير المنظومتين الضريبية والجمركية وأدواتهما، بشكل يضمن حقوق الخزينة العامة ويمكنها من تقديم الخدمات المثلى التي يستحقها المواطن، والتركيز على تعزيز الاستقرار المالي والنقدي وتحصين الاقتصاد الوطني من الأزمات وحالات الطوارئ.
وبرز الأردن أيضا في المنتدى الاقتصادي العالمي بوصفه قصة نجاح ينظر بثقة إلى المستقبل بفضل إصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية قادها جلالة الملك، وجعلت الأردن أنموذجا متقدما في المنطقة.
وبتوجيهات من جلالته، أسس الأردن البنى التحتية المتطورة من الخدمات الرئيسة، والمناطق الصناعية المؤهلة والمدن الصناعية والمناطق الحرة والخاصة وعلى رأسها منطقة العقبة الاقتصادية، وإنشاء مناطق تنموية في إربد والمفرق ومعان والبحر الميت، وهي مناطق جاذبة للاستثمار، استطاع الأردن من خلالها استقطاب استثمارات خارجية لما يتوفر فيها من حوافز ومزايا وإعفاءات ضريبية وتشجيعية.
وأولى جلالة الملك عناية خاصة لتوفير فرص العمل للأردنيين، من خلال المجلس الوطني للتدريب المهني ومشروع الشركة الأردنية للتشغيل والتدريب، إضافة إلى حرصه على إطلاق مشروع "تطوير التعليم نحو الاقتصاد المعرفي" للارتقاء بمستوى النظام التعليمي في المملكة ومواكبة المتطلبات والاحتياجات المحلية والإقليمية والدولية.
وتكللت مسيرة الأردن في عهد جلالة الملك، بالإصلاحات الشاملة التي طالت مختلف الميادين في عهد جلالة الملك الذي رأى في الإصلاح الشامل الأساس والخيار الأمثل لتحقيق تقدم على جميع المستويات، بحيث يتاح المجال للمواطنين للمشاركة في صنع القرار ورسم واقع ومستقبل بلدهم.
واليوم ونحن نحتفل بذكرى الاستقلال المجيد، يحق للأردنيين جميعا الفخر والاعتزاز بمسيرة وطنهم الذي يدخل مئويته الثانية متجاوزا بفضل قيادته الهاشمية والتفاف أبناء شعبه حولها، مواصلة مسيرة البناء والتحديث وتجاوز الصعوبات وتحويل التحديات إلى فرص واعدة.-(بترا- عائشة عناني)