تحليل قمة ناجحة

اسرائيل هيوم

ابراهام بن تسفي 8/7/2010


لا ريب ان هذا تحول. مكان الضغينة مجمدة المشاعر التي ميزت اللقاء السابق بين اوباما ونتنياهو احتل سلوك ودي على نحو عجيب من جانب ساكن البيت الابيض. على خلفية هذا التحول الدراماتيكي، الذي وقع بعد ثلاثة اشهر ونصف فقط من مظاهرة الترفع الرئاسي الفظ، يطرح السؤال: ما الذي دفع الرئيس إلى تغيير نهجه؟

التدقيق في نهج الرئيس المتصالح تجاه رئيس الوزراء يعكس، جزئيا على الأقل، عملية تعلم سريعة في أساسها الاعتراف بأنه في المحيط العالمي، الإقليمي والداخلي يعمل على أساس سلم أوليات وجدول زمني يختلفان عما تبلور في البداية في واشنطن.

التوقع السائد في الادارة والذي وجد تعبيره في الزيارة السابقة لنتنياهو، وبموجبها يمكن التقدم بمسيرة سريعة في المجال الفلسطيني فقط على أساس استخدام رافعات ضغط على إسرائيل، قد خاب. فلم يتبين فقط لأوباما أن المفتاح لا يوجد فقط في القدس بل وأيضا، بالأساس في رام الله، في القاهرة وفي الرياض، غير أن مركزية المسألة الفلسطينية وأهميتها للاستقرار الإقليمي تضاءلت مؤخرا. وقد حصل هذا على خلفية جملة واسعة من المصاعب التي واجهتها الإدارة: ساحة الحرب في أفغانستان لم تعط النجاح المأمول منها بعد، تحدي التصدي للمصيبة البيئية بفضل بقعة النفط والاقتصاد.

بعد كل شيء، المكانة السياسية للرئيس وفرصه في أن ينتخب من جديد ستكون نتيجة نجاحه او فشله في هذه الأمور البعيدة عن الجبهة الإسرائيلية. وكنتيجة لذلك، وعلى خلفية فهمه بانه لا توجد صيغة سحرية تضمن التقدم فان سلوكه يعكس هجره العملي لرؤية تسوية النزاع دفعة واحدة. وعبر أوباما بموقفه من نتنياهو عن اعترافه بقيود الواقع الحقيقي واضطراراته.

هذا الواقع يملي نمط عمل جديد، في مركزه الرغبة في استقرار الساحة، وذلك في ظل التركيز على خطوات بناء الثقة بين إسرائيل والسلطة كهدف فوري وقابل للتنفيذ. النتيجة المباشرة في عملية الصحوة هذه، مثلما ايضا في استعداد نتنياهو لتقديم مساهمته الكاملة في عملية بناء الثقة على الارض، انعكست في الاسلوب الودي والمريح للرئيس.

في خلاف بارز مع الماضي القريب غاب عن اللقاء الحالي الإلحاح في كل ما يتعلق ببلورة صيغة للتسوية الدائمة، وبالمقابل اندرج فيه الاستعداد للتسليم بجيوب الغموض وتفاهم غير رسمي مع الحليف الاسرائيلي (مثلما في مسألة البناء في المناطق بعد فترة التجميد). على خلفية بنية التأييد الواسعة لإسرائيل في الرأي العام الأميركي. فان هذا هو الوقت للبادرات الطيبة، للإغراءات والتعويضات لإسرائيل.

تعبير مسبق وبارز عن الميل السائد هذا يمكن أن نراه في القرار السابق للرئيس جون كنيدي في آب 1962 – قبل شهرين ونصف من موعد الانتخابات للكونغرس – لتزويد اسرائيل بمنظومة سلاح متطورة في شكل صواريخ هوك. في الحالة الراهنة ايضا لا ريب أن الانتخابات الوسطى (بعد نحو أربعة اشهر)، هي العنصر المهم، إن لم يكن الحصري، في القرار الرئاسي لمنح الزيارة طابعا يختلف كثيرا عما كان عليه الوضع في المرات السابقة.

تطلع اوباما لمنع أي مس في أساس الدعم اليهودي. إضافة إلى موقفه من إيران. وبالفعل، في هذا المجمل اظهر البيت الأبيض استعدادا لتصعيد خطوات العقاب الاقتصادي تجاه طهران فضلا عن رزمة العقوبات التي اقرها مجلس الأمن منذ وقت غير بعيد، وهكذا منح مباركته ومصادقته على مبادرة التشريع بعيدة الأثر للكونغرس. على خلفية الاعتراف بالتهديد الايراني المتعاظم فمن غير المفاجئ ان يشدد الرئيس على التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل ورفضه الحازم لإمكانية أن تطالب إسرائيل باتخاذ خطوات من شأنها ان تعرض أمنها للخطر.

السؤال المركزي الذي يبقى مطروحا أيضا بعد انتهاء القمة الناجحة هذه يتعلق بالوزن النسبي للاعتبارات والحسابات السياسية بالقياس إلى جملة الاعتبارات السياسية والاستراتيجية لأوباما. بمعنى، ليس واضحا بعد ما إذا كان مصدر التحول الذي اجتازه الرئيس هو في الحسابات التكتيكية لـ"الكلفة – الجدوى"، أم بالتوافق بين رؤيته للعالم والواقع الحقيقي والتيارات والقوى العاملة فيه. على أي حال ستتضح الصورة مع نهاية السنة وفي أعقاب الانتخابات الوسطى للكونغرس. اضافة اعلان