تداعيات لقاء زعيم حزب العمال الكردستاني بمحاميه في محبسه

Untitled-1
Untitled-1

معاذ إبراهيم أوغلو – (أحوال تركية) 19/5/2019

في اليوم الثاني من الشهر الحالي، أجرى اثنان من محامي عبد الله أوجلان؛ زعيم حزب العمال الكردستاني، زيارة له في محبسه بسجن جزيرة "إمرالي" الواقعة في بحر مرمرة قرب مدينة بورصة غرب تركيا. وفي السادس من الشهر نفسه نشر أوجلان، عبر محاميه، بياناً أعلن فيه عن آرائه حول الأوضاع الأخيرة لأنصاره في السجون على وجه الخصوص، بالإضافة إلى جملة من القضايا الأخرى. اضافة اعلان
بعد هذه الزيارة وبيان أوجلان المذكور، أكد الرئيس رجب طيب أردوغان عدم وجود مفاوضات سلام جديدة مع حزب العمال الكردستاني؛ فيما قال دولت بهجلي، حليف أردوغان الانتخابي، وزعيم حزب الحركة القومية، بأنه لا يرى بأساً في لقاء أوجلان بمحاميه.
لإضاءة هذا العنوان، أجرينا في "أحوال تركية" حواراً مع ريزان ساريجا، أحد محامي أوجلان، والذي قابله في محبسه، حول انطباعاته عن هذه الزيارة وتداعياتها المحتملة على السياسة الداخلية في الفترة القادمة.
في معرض حديثه عن خلفية المقابلة التي جمعته بأوجلان، قال ساريجا: "لا بد أن نوضح قبل كل شيء أن المحامي لا يحتاج إلى تصريح خاص ليلتقي موكله في السجن عند الحاجة. إلا أن لقاءات المحامين مع موكليهم في سجن جزيرة إمرالي تجري وفق طلب رسمي وصدور موافقة عليه من السلطات المعنية، بصورة مخالفة للقوانين. ومع أننا كنا نتمكن من لقاء موكلنا قبل تاريخ 27 تموز (يوليو) 2011، ولو لم يكن ذلك يحدث بشكل منتظم وبالصورة التي يفترضها القانون. لكن السلطات منعت، بعد ذلك التاريخ، اللقاءات الثنائية بصورة فعلية أو بموجب قرارات تعسفية. ثم انطلقت في الفترة الممتدة من 2013 إلى 2015 في ظل الأجندة السياسية للحكومة زيارات وفد من النواب البرلمانيين لعبد الله أوجلان في محبسه، في إطار مفاوضات السلام الكردي، إلا أن هذه الزيارات انقطعت أيضاً بعدما أطاح أردوغان بالمفاوضات في العام 2015. وكانت السلطات تمنعنا من لقاء موكلنا -بصورة مخالفة للقانون- في فترة تلك المفاوضات".
وواصل ساريجا: "كان أربعة محامين قد قدموا طلباً للسلطات ذات الصلة لزيارة أوجلان في محبسه، غير أنها لم توافق إلا على زيارة اثنين منهم فقط، وأنا منهما. ونلاحظ أن السلطات وافقت على ثلاث زيارات فقط خلال ثلاث سنوات (2016-2019)، اثنتين منها أجراها أفراد أسرة أوجلان، والأخرى جرت بينه وبين محاميه. وكل هذه الزيارات تزامنت مع انطلاق حملة الإضراب عن الطعام التي أطلقها أنصار أوجلان الموجودون في السجون احتجاجاً على العزلة المفروضة عليه. وكان الرأي العام الكردي منزعجاً من حالات الحبس الانفرادي المطبق في السجون لعناصر حزب العمال الكردستاني، كما أن المبادرات والشكاوى التي رفعناها لدى مؤسسات دولية، مثل مجلس اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، كانت قد وضعت الحكومة التركية في زاوية ضيقة ومارست عليها ضغوطاً لتسمح أخيراً بهذه الزيارات.
يشير ساريجا إلى أن حملة الإضراب عن الطعام وصيام الموت التي بدأت بالنائبة الكردية ليلى جوفين، ثم وصل عدد المشاركين فيها إلى الآلاف، كانت قد وصلت قبيل الزيارة إلى مرحلة حرجة من الناحية الصحية للمشاركين. ويقول: "بالنسبة للدولة المسؤولة عن سلامة حياة جميع السجناء، أصبحت هذه العمليات الاحتجاجية نقطة تحدٍّ بلا شك. أضف إلى ذلك أن هناك حساسية متزايدة في الرأي العام أيضاً. لذلك يمكننا القول بأن الحكومة ربما استهدفت إنهاء تلك الحملات بالسماح بهذه الزيارة".
ثم ينقل ساريجا مشاهداته في سجن جزيرة إمرال، فيقول: "وعلى الرغم من أن المكان المخصص للقائنا يجب أن يكون قانونيّاً بمواصفات لا تسمح للآخرين أو الموظفين بأن يسمعوا الحوار الدائر بين المحامين والموكل، فإنهم وضعوا في غرفة مقابلة المحامي مسجل صوت، فضلاً عن وجود الموظفين في الغرفة دائماً. لم يتم إبلاغنا بأي قرار شفهي أو كتابي بخصوص المسجل وحضور الموظفين. ولم يتطرق أوجلان إلى التفاصيل بشأن الأسئلة التي وجهناها إليه حول مشكلاته الصحية، وأكد على أنه يقدم المشاكل الاجتماعية على مشاكله الشخصية. كما شدّد أيضاً على أنه يشعر بالشباب، وبأنه يتمتع بالقوة العقلية والروحية".
وفي إجابته عن سؤالنا حول سبب تجنّب أجلان توجيه دعوة لأنصاره بالإقلاع عن حملات الإضراب عن الطعام، قال ساريجا أن أوجلان يحترم إرادة المشاركين في تلك الحملات، لكنه لا يريد أن تصل الأمور إلى درجة تضر بصحتهم البدنية أو تؤدي إلى حالات الوفاة.
وفي حديثه عن القيود المفروضة على أوجلان، وصف المحامي ساريجا سجن جزيرة إمرالي بأنه "غوانتانامو تركيا"، ومضى إلى القول: "كما تعلمون، فإن سجن إمرالي من فئة ‘ف’، وهو مشدد الحراسة ويشبه غوانتانامو من حيث الشكل والمحتوى. وبالإضافة إلى ذلك، فإن السلطات تحرم أوجلان من حقوقه في مقابلة محاميه وأفراد عائلته، وإجراء المكالمات الهاتفية، والتواصل عن طريق الرسائل والفاكس وجميع أنواع الاتصالات الأخرى. ولا بد من الإشارة إلى أن هذا السجن يشهد دائماً، وبكثرة، انتهاكات لحظر التعذيب".
يذكر المحامي ساريجا أنهم يرسلون إلى موكلهم الكتب والمجلات والصحف اليومية بانتظام، ثم يشير إلى الانتهاكات المشهودة في هذا الصد، ويقول: "أثناء المقابلة، علمنا أن صحيفة يني ياشام (الحياة الجديدة) لا تصل إلى أوجلان. ومع أنه يستطيع الوصول إلى الصحف اليومية الأخرى، فإننا لا نعلم ما إذا كان ذلك يحدث بشكل منتظم أم لا. وقد ذكر أوجلان نفسه أنه يتمكن من مشاهدة التلفزيون، إلا أن عدد القنوات التلفزيونية المسموح بمشاهدتها لا يتجاوز سبعة أو ثمانية قنوات. كما أخبرنا أن السلطات سلمته اثنتين أو ثلاثا من الرسائل التي كنا قد بعثناها إليك. وهناك أيضاً عدد من الرسائل كتبها وبعثها أوجلان إلينا، لكنها لم تصلنا أيضاً.
وعندما تساءلنا عن الدلالات السياسية للبيان الذي نشره أوجلان، أجاب المحامي ساريجا بقوله: "يرى أوجلان أن البلاد شهدت خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية أشياء فظيعة، وأن المجتمع يعيش انفصالاً عميقاً واستقطاباً حاداً، وذلك بسبب عدم تطوير حلول ناجعة قابلة للتطبيق للقضايا المتأزمة منذ عقود، بالإضافة إلى معرفته بالنتائج التي تمخضت عن التناقضات الإقليمية المستمرة. في مثل هذا السياق يخرج أوجلان ليؤكد نفوذه وقدرته على إيجاد حلول لتلك القضايا، ويدعو المجتمع إلى السلام والحوار والحل. ولذلك، من الواضح أن هذه الدعوة موجهة إلى كل الأطراف التي تبحث عن الديمقراطية والتحالف والسلام."

  • صحفي تركي