ترامب يستخدمنا

معاريف

شموئيل روزنر

زيارة المرشح للرئاسة الأميركية دونالد ترامب المخطط لها إلى إسرائيل، هي مشكلة عويصة. فمن جهة يعد هذا مرشحا تجاوز فيه خطابه منذ زمن بعيد حدود المعقول، حتى للآذان الإسرائيلية الاقل حساسة تجاه السلامة السياسية من نظرائها الأميركيين.اضافة اعلان
فقد أعلن ترامب هذا الاسبوع بأنه يجب منع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة. اختبار ديني للهجرة في دولة تتباهى في أنها لا تسأل الوافدين في بواباتها عن دينهم. ومع ذلك، فإن هذا هو مرشح للرئاسة، يحظى، حاليا على الأقل، بتأييد كبير من ناخبي الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهور. ويمكن التخمين أن غير قليل من الناخبين المؤيدين لترامب يؤيدون إسرائيل ايضا.
زيارة ترامب هي مشكلة عويصة لأن إسرائيل هي بالنسبة له مجرد اداة عمل في طريقه لمحاولة احتلال ترشيح الحزب الجمهور، وبعد ذلك البيت الابيض. ترامب سيأتي هنا ويفعل هنا ما هو جيد لترامب، وليس ما هو جيد لإسرائيل. ويبدو أنه يعتقد أن ما هو جيد له هو ان يناكف العالم الاسلامي، يغيظه ويثير الشقاق ضده.
من الصعب أن نرى كيف ستساعد أجندة كهذه إسرائيل، حيث اليهود والمسلمون مطالبون بان يعيشوا معا، ولديها جيران مسلمون، تسعى معهم لأن تعيش بسلام، اذا ما وعندما يتاح ذلك. ترامب سيأتي إلى هنا وسيجتذب النار. سيستخدم إسرائيل كي يثبت عدالة كفاحه ضد العالم الاسلامي. وسيحدد إسرائيل كشريك له في الكفاح ضد العالم الإسلامي. سيلتقط لنفسه الصور بصحبة زعماء إسرائيليين وذلك لأن هدف الزيارة هو لقاء "بيبي" كما يحرص ترامب على تسمية رئيس وزراء إسرائيل. وهو سيصم إسرائيل بلسانه المنفلت.
لعله سيكون لإسرائيل حظ، فيصفي اجتياز ترامب لحدودها سباقه بسرعة عالية بما يكفي لإلغاء الحاجة لزيارته الزائدة. ولكن ليس مؤكدا. فمنذ دخل السباق وارتفع في استطلاعات الرأي العام، يتوقع المحللون سقوط ترامب. لا يحتمل- لا يحتمل! – ان يتنافس مرشح كهذا – مرشح كهذا! – على رئاسة الولايات المتحدة. غير أن الواقع السياسي العاق، حتى الآن على الاقل، يرفض ان يستقيم حسب التوقعات. ومثل ميرن لا بن في فرنسا، مثل زعماء سياسيين آخرين في ارجاء العالم، يلاحظ أن الآن هو الزمن للزعامة الفظة والمتزلفة للشعب.
يجدر بكل واحد أن يتحفظ بشدة وبالقطع من ترشيح ترامب. ومن فعل هذا باستقامة وبشجاعة كان الزعيم الجديد للأغلبية الجمهورية في مجلس النواب، بول ريان. ووصفت صحيفة "واشنطن" ما قاله ريان بأنه "رد يكاد يكون كامل الاوصاف". فقد قال ريان إن هذا ليس ما يتبناه الحزب، والأهم من ذلك هو أن "هذا ليس ما تتبناه هذه الولاية".
وأضاف: "هذه ليست محافظة" خشية أن يفكر أحد ما بأن ترامب وفكره – اذا كان يمكن أن يسمي هذه القفزات فكرا – يمثلان ما يؤمن به أميركيو الحزب الجمهوري.
أما في إسرائيل فليس سهلا التحفظ من ترامب علنا. ليس سهلا، لأنه المرشح المتصدر في الحزب والذي يعد تأييده لإسرائيل في السنوات الاخيرة غير متحفظ. ليس سهلا، لأن لترامب يوجد ناخبون، وهؤلاء الناخبون يعطفون على إسرائيل. ليس سهلا، لأنه يوجد احتمال، مهما كان طفيفا، مهما كان خياليا، مهما كان لا يعقل، في أن يكون دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة. خليفة باراك أوباما.
وهاكم كلمة ايضا عن اوباما. ويجب القول على الفور: لا توجد هنا محاولة للتشبيه بين اوباما وبين ترامب. اوباما إشكالي فقط، اما ترامب فمشجوب بالتأكيد. ولكن يجدر بنا ان نلاحظ أن ترامب هو ايضا رد الفعل، ليس غير المتوقع، لسبع سنوات ولاية اوباما. فهو القطب المضاد لحركة البندول في السياسة الأميركية. فهذا تأرجح بقوة شديدة نحو اليسار بانتخاب رئيس يجبي فكره الآن ثمنا باهظا في أرجاء العالم، والآن يتأرجح بقوة شديدة إلى اليمين بظهور المرشح غير المعقول ترامب، والذي من شأن فكره أن يجبي ثمنا أعلى بكثير. من إسرائيل أيضا.