"ترحال. عدي مدانات. حكاية أعيشها".. إصدار جديد لـ إفلين الأطرش

عزيزة علي

عمان- اهدت إفلين الأطرش كتابها "ترحال. عدي مدانات. حكاية أعيشها 4/7/ 1938-10/11/2016"، الصادر عن الدار الأهلية للنشر والتوزيع، لشريك دربها وحياتها. تقول "إلى عدي.. ستبقى كما أنت، رفيق درب السعي، شريك الحلم والقصة والكلمة، فلا السنوات تكفي، ولا الصفحات".اضافة اعلان
وكتبت إفلين تحت عنوان "ترحال"، "لا نختار مجيئنا الى عالمنا لنعيش فيه، لكننا نقر ذلك بالمضي فيما يرتب لنا، وحين نقدم على تحدي الخوف في دواخلنا، نمتلك قرارانا الأول، وبتحقيقه نبدأ صوغ احلامنا والسعي وراءها، لنصنع أنفسنا وفقها. قد تتكسر او تتبعثر تلك الأحلام، وبخاصة الكبيرة منها، على دروب السعي الصعبة، بوعورتها او انزلاقاتها، التي نملك ازالتها او ازاحتها أحيانا، فهي ضمن محيطها المفروض بقوة من سبقنا الى عيش وسعي. فلكل اجتهاد يصل حد السيادة".
في كلمة على الغلاف يقول الروائي والقاص محمود شقير عن هذه السيرة "بعد رحيل الأديب الكبير عدي مدانات، بأيام وأسابيع وشهور، تأسّينا على افتقادنا لسيرته التي كتب جزءًا منها ثم حذفه وألغاه" جرّاء تشدّده مع نفسه ومع كتابته".
الآن، بعد هذه السيرة التي أنجزتها إفلين الأطرش، "لم يعد من حقّنا أن نتأسّى أو أن نشعر بالأسف. فقد كتبت إفلين سيرة عدي بتفاصيلها بجدارة واقتدار".
ويضيف شقير "نحن هنا أمام ذاكرة متدفّقة حافلة بأدقّ التفاصيل، بحيث نرى عدي مدانات على امتداد الصفحات، كما لو أنه هو الذي يكتب وهو الذي يتذكّر".
هنا، وفق شقير، تتجلّى حرارة التجربة التي تجعل المتلقّي متعاطفًا مع عدي في مسيرته الطويلة الغنيّة المتشابكة، وتتجلّى في الوقت نفسه قدرة الكاتبة على الوصف المسهب لتفاصيل الحياة الأسرية التي جمعتها بعديّ وجمعت عدي بها، وكذلك وصفها للأمكنة سواء أكان ذلك في الأردن وفلسطين أم في غيرهما من البلدان.
وامتاز الكتاب، باللغة السلسة التي لا تعقيد فيها ولا التواء، والتنويه كذلك بالخطاب السردي الموجّه إلى الشخصيّة الرئيسة عبر ضمير المخاطَب؛ فلم يغب عدي لحظة واحدة عن عين المتلقّي، بل كان دائم الحضور بكلّ ألقه وبكلّ صفاته النبيلة.
ويذكر ان الروائي الرحال عدي مدانات كان قد شرع في 2016/3/6، بكتابة كتابة سيرته الذاتية الا انه حذفها ولم تستطع اسرته إعادة سوى صفحتين منها تختم بهما إفلين الكتاب. بعنوان "سيرة فردية في محيط مضطرب". ويصف فيها عدي حينها حالته عندما يفقد أحدا من أصدقائه فيقول "مع كل فقدان صديق، موتا فاجعا او رحيلا، او لأي سبب اخر مؤسف، أفقد جزءا من ذاتي، وأتلفع بالوحدة، فيا لقسوة الحياة! كان لي على امتداد حياتي طيف واسع ومتنوع من الأصدقاء، نلتقي على جوامع مشتركة من الهم الوطني والإبداعي، يساند واحدنا الاخر، ويحفزه لفعل ما هو أفضل".
وقال أيضا "على مرور السنين وتقلبات الدهر، انسلوا فراقا وبعدوا عني، لدواع هي من لعبة الحياة غير القابلة للانضباط، وتركوا لدي باختلاف الأسباب اسفا لا يمحى مذاقه. صارت العزلة في نهاية المطاف محطتي الأخيرة. فقد تكون الأعمار ساهمت في النتيجة، فنحن نتقدم في العمر ويحل محلنا من هم أصغر سنا، وهم يجتمعون ونحن نتباعد.. انا بلغت سن الشيخوخة ولم اعد املك الطاقة الجسدية لأعيد التواصل الى ما كان عليه وقت ان كنت أصغر سنا، وليس من المترجى ان يتجاوز الآخرون هذه العقدة، فالوهن ومتغيرات المرحلة وطبيعة الصراع المستجد، عوامل مجتمعة، ضيقت حلقات الاتصال وأدت الى ضمورها".
وفي مقطع ثان مما كتبه عدي: "مجرد التفكير في كتابة السيرة ورجحانه لصالح الكتابة، غير الدخول إليها وممارستها، فالسيرة شأن شديد الخصوصية وميدان واسع متشعب، لا يعرف صاحبها ما ينتقي منها وما يهمل.. كتابة السيرة مشروطة بقيمتها الأدبية والإنسانية ومضامينها، وصلتها بالتحولات التاريخية الكبيرة، وما تطرحه من أسئلة تتصل بما هو عام، وما تتجنبه من هوى.. ولأن الغرض من السيرة هو تقديم شهادة تبرئة الذمة من جهة عن الأخطاء والنواقص، او المباهاة، فلا بد ان الشهادة لا تخلو من الغرض الذاتي مهما عمل صاحبها على الالتزام بالموضوعية، لهذا كله لم أفكر بكتابة سيرتي. غير ان الحاح زوجتي بلزوم كتابة الإرث الذي سأتركه لها بعد مماتي، دفعني للاقتراب منها في محاولة لامتحان نفسي واخضاعها للشروط الموضوعية".