تركيا لن تغادر سورية في أي وقت قريب

تقرير خاص - (أحوال تركية) 30/7/2022 تستضيف تركيا حاليًا حوالي 3.5 مليون لاجئ سوري، وتخطط حكومة أردوغان لإرسال حوالي مليون منهم، خصوصا المتواجدين في المدن المكتظة بالسكان مثل إسطنبول وأنقرة وغازي عنتاب، إلى بلدات في شمال غرب وشمال شرق سورية حيث تمتلك الفصائل المعارضة المدعومة من تركيا السلطة. وتخطط حكومة أردوغان لإنشاء مناطق تجارية وصناعية، وتشييد مبانٍ من أجل تحسين الوضع الاقتصادي للاجئين في هذه المناطق. * * * فقدت سورية وحدة أراضيها منذ اندلاع الحرب الأهلية التي اندلعت في العام 2011. وفي الوقت الحالي، تدعم الدول الأوروبية الكبرى، إلى جانب الولايات المتحدة، القوات الكردية في سورية، بينما تدعم روسيا وإيران بشكل مباشر نظام الرئي السوري بشار الأسد. وباعتبارها دولة ذات أغلبية سنية مسلمة، فإن الهدف الرئيسي لتركيا هو الحفاظ على العلاقات التاريخية والدينية مع المسلمين السوريين. وكانت تركيا قد فقدت ارتباطها الأرضي بعرب العراق عندما أقام الأكراد حكمهم الذاتي في جزء من شمال العراق على الحدود مع تركيا. كما شكل أكراد سورية إدارة ذاتية في شمال وشرق سورية، والمعروفة أيضًا باسم "روج آفا" على طول الحدود التركية. وهكذا، فإن حدود تركيا التي يبلغ طولها 1.300 كيلومتر مع الدول العربية في العراق وسورية أصبحت خاضعة حاليًا لسيطرة الجماعات المسلحة الكردية. وقد أقامت تركيا علاقات قوية نسبيًا مع حكومة إقليم كردستان، التي تحكم إقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي في شمال العراق. ومع ذلك، فإن حدود تركيا السورية تخضع لسيطرة وحدات حماية الشعب وذراعها السياسية؛ حزب الاتحاد الديمقراطي، وهو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني المحظور، الجماعة الكردية التي شنت حرباً على سورية وخاضت صراعاً مسلحاً ضد تركيا منذ العام 1984. والدافع الرئيسي وراء نية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تنفيذ عملية عسكرية في سورية هو الحفاظ على العلاقات مع المسلمين السنة السوريين. بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، التي استمرت لأكثر من 600 عام وسيطرت على أراضٍ امتدت من أوروبا وآسيا وأفريقيا، برزت تركيا كدولة قومية تركية في الأناضول ومنطقة صغيرة في أوروبا. وعلى الرغم من أن تركيا تتمتع بموقع استراتيجي وما تزال دولة كبيرة يبلغ عدد سكانها أكثر من 80 مليون نسمة، وتبلغ مساحتها السطحية ما يقرب من 800 ألف كيلومتر مربع، إلا أنها فقدت اتصالها بالدول التي كانت ذات يوم عثمانية في القارات الثلاث على مدى قرون عديدة. ومنع جيران تركيا في أوروبا وبلغاريا واليونان قيام علاقات بين أنقرة ومسلمي البلقان. كما فقدت جمهورية تركيا الجديدة علاقاتها مع دول آسيا الوسطى الإسلامية التركية بعد إنشاء الاتحاد السوفياتي قبل قرن من الزمان. وفقدت تركيا اتصالها الإقليمي مع دول آسيا الوسطى التركية منذ أن تأسست أرمينيا في وسط الدول التركية في العام 1990. وإذن، فقدت تركيا علاقاتها مع العرب العراقيين، والآن منعت الكانتونات الكردية في سورية القائمة على طول الحدود التركية إلى حد كبير ارتباط تركيا بالعرب السنة السوريين. ومن جهة أخرى، تمكنت تركيا وقوات المعارضة المدعومة من تركيا من السيطرة على بلدات عفرين، والباب، واعزاز، وجرابلس، وتل أبيض ورأس العين في شمال سورية، بينما نجحت أنقرة في منع قيام وحدة بين الكانتونات الكردية في سورية. وفي حين أن تركيا لا تسيطر بشكل مباشر على محافظة إدلب، التي تضم أكثر من 3 ملايين نسمة، فإنها تحمي المعارضة التي تسيطر على المدينة من هجمات روسيا والحكومة السورية. شجعت الخطوة المفاجئة التي اتخذها الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، في تشرين الأول (أكتوبر) 2019، بسحب القوات الأميركية من شمال سورية على هجوم أردوغان على الأكراد في سورية. وفرضت الولايات المتحدة وكندا، إضافة إلى عدد قليل من الدول الأوروبية الأخرى، عقوبات على تركيا أو علقت مبيعات الأسلحة إليها، بينما أدانت جميع الدول العربية تقريبًا الهجوم العسكري التركي على البلدات الكردية في سورية. وتعارض روسيا وإيران أيضًا العملية العسكرية التركية المزمعة لإنشاء منطقة آمنة بطول 30 كيلومترًا (20 ميلًا) على طول الحدود مع سورية، مما يسمح للاجئين السوريين في تركيا بالعودة إلى ديارهم. تدعم الإدارة الأميركية "وحدات حماية الشعب" الكردية، التي تطورت إلى "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، والتي تضم أعضاء من أعراق أخرى في المنطقة، مثل العرب، والآشوريين، والأرمن، والأيزيديين، والشركس والتركمان الذين قاتلوا ضد تنظيم "داعش" وجماعة "جند الشام" المتطرفة في السنوات الأخيرة. تستضيف تركيا حاليًا حوالي 3.5 مليون لاجئ سوري، وتخطط حكومة أردوغان لإرسال حوالي مليون منهم، خصوصا المتواجدين في المدن المكتظة بالسكان مثل إسطنبول وأنقرة وغازي عنتاب، إلى بلدات في شمال غرب وشمال شرق سورية حيث تمتلك الفصائل المعارضة المدعومة من تركيا السلطة. وتخطط حكومة أردوغان لإنشاء مناطق تجارية وصناعية، وتشييد مبانٍ من أجل تحسين الوضع الاقتصادي للاجئين في هذه المناطق. وقال وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، في 5 أيار (مايو)، إن تركيا تهدف إلى بناء نحو 250 ألف منزل من الطوب الأسمنتي، بمساحات تتراوح بين 40 و80 مترًا مربعًا، وإنه سيتم تسليم حوالي 100 ألف من هذه المساكن إلى المستفيدين بحلول نهاية هذا العام. كما قامت منظمة غير حكومية تركية مثيرة للجدل، "مؤسسة العون الإنساني"، ببناء أكثر من 25 ألف وحدة تسكني في محافظة إدلب والمنطقة التي كانت قد نُفذت فيها عملية عسكرية تركية سميت "درع الفرات" في الفترة ما بين آب (أغسطس) 2016 وآذار (مارس) 2017، وكذلك في ريف حلب الشمالي.اضافة اعلان