تساؤلات مشروعة للإعلاميين والمتلقين

يمر علينا اليوم العالمي لحرية الصحافة العالمي مرور الكرام منذ أعوام عدة، ويتم الاكتفاء عادة بتقرير مقتضب فيه أرقام تتصدر ودول تتراجع، فمثلا الأردن تراجعت مرتبة واحدة بحسب مؤشر حرية الصحافة للعام 2021، ضمن 180 دولة في العالم. وفي تقرير منظمة «مراسلون بلا حدود»، الذي صدر بالتزامن مع اليوم العالمي، تضمن أن الصحافة هي أفضل لقاح ضد التضليل الإعلامي. وأنه أمام انتشار المعلومات المضللة عبر حدود البلدان وعلى المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، تظل الصحافة هي الضامن الرئيسي للنقاش العام الذي يقوم على الحقائق الثابتة. وهنا اسمحوا لي أن أعرض عددا من التساؤلات قد نتفكر فيها ونحاول أن نجد لها إجابات. هل تحتاج قدرتنا على قراءة المشهد الإعلامي لأن تتطور، ونحن نسعى لتحديد القوى المؤثرة والفاعلة في المشهد الإعلامي والتعلم عنها. فما أحوجنا الآن أكثر من أي وقت مضى الى محررين مزينين بطراز العدل والإنصاف ويتحرون حقائق الأمور قبل نشرها. كما نحتاج لإعلام يساعد البشرية على أن تفهم القوى التي تشكل عالم اليوم، وتسهم في نشر الأفكار التي تساعد على تحقيق التحول في المجتمعات نحو عدالتها. ففي هذه الجائحة، وجدنا الحاجة القصوى للتخصصية في الإعلام الصحي الذي يتناول تغطيات متخصصة، ويحاول نقل معلومات صحيحة موجهة للعامة عن هذا المرض واللقاحات، فعناد المواطنين وتجاهلهم للمرض نفسه في وقت مبكر قد يكون سببه فشل في المحتوى الإعلامي الصحي القادر على الوصول للفئات كافة، وبالأخص كبار السن، والتأثير فيها بدلا من أخذ معلومات خاطئة من السوشال ميديا. كما نحتاج أن نسأل أنفسنا ما إذا كانت مساهمتنا على وسائل التواصل الاجتماعي واعية بحيث أصبح كل واحد منا منافسا للصحفي وللإعلام التقليدي، وهل كانت توجه نحو سرعة النشر وإعادة التدوير للأفكار والرسائل التي يتم التخلص منها بسرعة بمجرد أن يأتي البند التالي، وهل استطعنا أن نبتعد عن «الجعجعة» اليومية ونتجه لاستكشاف واقعنا الاجتماعي؟ ففي حالة الفوضى الإعلامية التي تشهدها هذه الوسائل والتنافس الكبير للتواصل الاجتماعي، ولم لا؟ فهو يمثل عنصرا حيويا في المجتمع لأنه يساعد المواطنين على فهم القوى والعمليات التي تشكل العالم اليوم بشكل أفضل وتمكين نشر تلك الأفكار والممارسات التي تسهم في تحول المجتمع في التحرك نحو مجتمع عالمي موحد وعادل. وهنا أشفق كثيرا على المتلقي بحيث يلاحقه الصخب والضجيج الإعلامي من كل صوب وحدب، فالوسائل كثيرة جدا والخيارات أصبحت محيرة، ولكن يبقى السؤال: كيف نفهم الرسالة الإعلامية وليس كيفية الحصول عليها. والسؤال الأخير، هل جعلتنا هذه الجائحة وتغطياتها الإعلامية نسكتشف المفاهيم الأساسية والتطلعات الشجاعة التي كانت غائبة إلى حد كبير عنا؟ والتي تحمل في طياتها إمكانية أن تُسفر عن لحظة من وعي مجتمعي جماعي، وتجعلنا نتفكر في قرارة أنفسنا في أسئلة وجودية. لا شأن لي الآن في أرقام مراتب الصحافة للدول الـ180؛ حيث تمت تغطيتها بكثرة، إلا أننا لا نستطيع المضي قدما باستغلال الجائحة وجعلها شماعة لمضاعفة الصعوبة في الحصول على المعلومة، خاصة فيما يتعلق بوضع الجائحة نفسها والتي هي أيضا كانت سببا في الاستغناء المكثف عن العمل للإعلاميين لأسباب اقتصادية لأن وسائل الإعلام في كل مكان أصبحت غير قادرة على مواصلة العمل وتخلى المعلنون عنها. نهنئ النرويج التي احتلت صدارة التصنيف العالمي للعام الخامس على التوالي، بالرغم من أن وسائل الإعلام فيها، كانت قد واجهت صعوبات في الوصول إلى المعلومات العامة المتعلقة بجائحة فيروس كورونا المستجد.اضافة اعلان