تستحق أن نعطيها كل الوقت..

فيديو عفوي وبسيط، ذلك الذي نشر على مواقع التواصل الاجتماعي. لكنه حمل بين ثناياه معان كثيرة، ربما غابت عنا طويلا، أو نسيناها لانشغالاتنا المستمرة بتفاصيل الحياة غير المنتهية، وبكل من حولنا من زملاء ومعارف وأصدقاء وعائلة مصغرة!!اضافة اعلان
الفيديو الذي نشر، تضمن أسئلة بدت عادية جدا، حيث قام المقدم بسؤال مجموعة من الأشخاص المتواجدين في أماكن عامة: "مع مين أنت هون"؟، لتكون الإجابات على الفور، من شباب وصبايا: صديقي، زميلي، زميلتي، زوجتي، زوجي، أو بمفردي.. إجابات لم تخرج عن الإطار المعتاد.
غير أن الأسئلة غير العادية التي وجهت للأشخاص ذاتهم، أظهرت جانبا آخر قد يغيب عن كثيرين: "أين والدتك الآن؟". كانت معظم الإجابات: "في البيت"، ليأتي السؤال اللاحق: "كم مرة تخرج مع والدتك في الأسبوع؟".
بعد هذا السؤال بالذات، تعم حالة الصمت المتقاطعة مع تفكير مطول، وتأتي الإجابات هذه المرة بشيء من الخجل: "قليل جدا".. ربما "مرة أو مرتين في الشهر".. "بطمن عليها بالتلفون، بس ما بشوفها كثير".. "هي ما بتطلب إنها تطلع"!
ينتهي الفيديو بخلاصة "هي اللي أعطتك كل وقتها.. بتستاهل تاخد من وقتك"، ليؤشر على حالة ربما تكون عامة، ومن دون قصد، بأن الأم قد تكون آخر الأولويات في حياة شباب اليوم. يتذكرون الخروج بشكل متواصل مع أصدقائهم ومعارفهم وأسرتهم الصغيرة، لكن، ووسط هذه الانشغالات يتم نسيان الأم!
في أحيان كثيرة، لا تطلب الأم من ابنها ما قد يبدو بديهيا فعله، مثل أن يتذكرها ويكون قريبا منها، أو أن يدعوها لتناول الغداء أو العشاء خارج المنزل، وأن يقوم بمفاجأتها بهدية تسر قلبها، وأن لا يفوت يوما بدون أن يسمع صوتها ويطمئن عن أنها ليست في حاجة إلى أي شيء. تفاصيل صغيرة، لا تأخذ من وقت الابن كثيرا، لكنها تدخل الفرح إلى قلب الأم.
أمهاتنا اللواتي لا تغادر أفواههن عبارة "الله يرضى عليهم أولادي ويحميهم"، لا يخضعن عواطفهن لمقايضة، لا ينتظرن أو يطلبن شيئا، بل تفرحهن أشياء بسيطة تقدر دورهن في حياة أبنائهن، ويفتقدن أحيانا وجودها، ومع ذلك يخلقن آلاف الأعذار لهم.
سنين العمر تمر مثل لمح البصر، ننشغل جميعنا ونعتقد أن من نحبهم باقون معنا، فإن لم نرهم اليوم، سنعوض الغياب غدا أو وقتما شئنا، في حين تمر الأيام ويكتشف كثيرون متأخرين أن الغياب طوى أحبابا كثيرين، ويكون السؤال: لماذا لا نقدر قيمة من نحب إلا عندما نفقدهم؟
غدا هو عيد الأم، ولعل هذا اليوم فرصة - ليس ليوم واحد- أن لا ننسى أمهاتنا اللواتي أفنين حياتهن من أجلنا. فرصة أن نشاركهن كل اللحظات، وأن نعبر لهن دوما عن أهمية وجودهن في حياتنا، والأهم أن لا نؤجل أمرا ما، فالحياة ليست ملكنا، ولسنا نحن من نتحكم في تفاصيلها.
دعونا نقدر كل أم خلال حياتها، وأن نهدي إليها في هذا اليوم، وفي كل يوم، باقات من الحب والتقدير والامتنان، فهي تستحق أن تكون على رأس أولوياتنا.
في هذا اليوم؛ كل عام وكل الأمهات بألف خير. كل عام وأمي العظيمة، حضني الدافئ وسر فرحي وابتسامتي بخير.