تسخير التكنولوجيا في معالجة أزمة كورونا ودفع عجلة التنمية في المملكة

زانج ليانج*

عمان- تتواصل الجهود الحثيثة لدفع عجلة استمرار دورة الحياة اليومية العامة وإيجاد البدائل لأي من الأنشطة الإجتماعية والاقتصادية المتأثرة بسبب الواقع الجديد الذي فرضته أزمة فيروس كورونا المستجد. وهنا يبرز دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كأحد المحاور المهمة لمساعي الحفاظ على الصحة العامة ومواصلة العمل على تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في الأردن. وفي هذا الإطار، تولّد لدينا مزيد من الوعي حول أهمية التحول الرقمي بالنسبة لقطاع الأعمال والجهات الحكومية في الوقت الذي تسعى فيه لإيجاد وسائل جديدة من أجل مواجهة الوباء والوفاء بالالتزامات.اضافة اعلان
لا شك أن أثر الأزمة قد طال الجميع ابتداء من العاملين في القطاع الصحي وصولاً إلى الطلاب والمعلمين وأصحاب المنشآت التجارية والصناعية وغيرهم. وبات من الضروري على جميع القطاعات في الأردن إعادة النظر في كيفية أداء أعمالها والقيمة التي توفرها من خلال خدماتها، ما يفرض متطلبات جديدة لاستمرارية العمل وتحقيق النجاح بحسب متطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية القريبة. ويأتي دور المنصات الرقمية كعامل حيوي على صعيد مواجهة تحديات المرحلة الحالية والمساهمة بالوفاء باحتياجات المرحلة التي تليها، حيث لا يقتصر دورها على تمكين إنجاز الأعمال مع الحفاظ على التباعد الاجتماعي فحسب، وإنما تتيح كذلك اتخاذ القرارات بسرعة وفعالية أكبر، وتمكن مجتمع الأعمال من توفير خدمات تنافسية جديدة تتماشى مع تطلعات المستهلك. كما أنها تسهم في الارتقاء بالخدمات العامة وتوفير طيف جديد من الحلول والمنتجات والخدمات يرتقي لاحتياجات المواطن خلال فترة الأزمة وما بعدها.
على مدار الأشهر القليلة الماضية، سعينا جادين للعمل مع كافة الأطراف المعنية في مختلف الأسواق لتحديد أهم التقنيات التي يمكن لها أن تؤدي دورا مهما في جهود مكافحة الفيروس والتعافي من الأزمة. على سبيل المثال، أثبتت تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة المربوطة بتقنيات السحابة الالكترونية دورا مهما في دعم جهود العلماء والأطباء من أجل التوصل إلى اللقاح والعلاج للمرض، في حين عملت تقنيات الاتصالات الحديثة والأنظمة الذكية على ضمان تواصل المعلمين مع الطلاب واستمرار العمل عن بعد ضمن العديد من الأنشطة الاقتصادية في جميع أنحاء الأردن. وبرهنت الكاميرات وأنظمة تخزين وتحليل البيانات المتطورة التي سخرتها الجهات الحكومية لمراقبة الأماكن العامة وإجراء الاختبارات عن بعد جدواها كجزء حيوي ضمن دورة جهود الحفاظ على صحة المواطنين والتقليل من الخطر والآثار السلبية للأزمة.
وما كانت أي من هذه الإسهامات ممكنة لولا وجود بنية تحتية ونظام متماسك لتقنية المعلومات والاتصالات في الأردن، والأهم من ذلك العقول النيرة لمواهب وكفاءات محلية ترتقي لمواجهة تحديات المرحلة الحالية والوفاء بمتطلباتها المختلفة. وبفضل التعاون المثمر بين القطاع العام والخاص ومختلف الجهات الحكومية والمواطنين، أصبحت الأردن نموذجا عالميا يحتذى به في مجال التعامل مع الأزمة. ولم يكن ليحصل بدون جهود تسخير كافة الإمكانيات الممكنة، بما فيها التكنولوجية ووضعها في خدمة التعامل مع أزمة الفيروس.
لا شك بأن العناية بالبنية التحتية ورفع مستوى الإمكانات التي تتيحها شبكات الاتصالات وخصوصا الجيل الجديد منها (الجيل الخامس) في المستقبل سيسهم في إضفاء مزيد من أوجه التطوير على الخدمات العامة بفضل إمكانيات الارتقاء بسعة الشبكات وقدرتها على توفير وسائل فعالة من أجل مكافحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) والحفاظ على قدرة استمرارية عمل العديد من القطاعات الحيوية وفي مقدمتها التعليم وفق آليات جديدة. فالأمر الجيد في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات وشبكات الجيل الخامس المتطورة هو أن تأثيرها الإيجابي يمتد لكافة القطاعات والصناعات الأخرى، ويضع بصمة واضحة ليست كسابقاتها في مجال رفع كفاءة الاعمال وسرعة وجودة الخدمات وخفض التكاليف.
ويشكّل النظام الإيكولوجي لتقنية المعلومات والاتصالات حجر الأساس في مواجهة التحديات، حيث يواجه كل قطاع اقتصادي تحدياته الخاصة التي تحتاج حلولاً مخصصة. ولا يمكن لدولة أو شركة إنشاء هذه الحلول من خلال العمل بمفردها، بل يتطلب الأمر اتباع نهج تشاركي وتعاوني منفتح، يدلي فيه كل لاعب بدلوه في إطار العمل على التعافي من الأزمة وخوض غمار تجربة ما بعد مرحلة الفيروس التي أجمع المتخصصون والقادة بأنها لن تكون كمرحلة ما قبل الفيروس.
مواجهة الأزمات تتطلب مشاركة المعارف والخبرات بشكل أفضل، خاصة في المجال التكنولوجي. وتلعب المواهب والكفاءات المحلية دورا مهما في جهود العمل علىة عودة الأمور لنصابها. وما مبادرات التعاون بين وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة ومؤسسة ولي العهد ووزارة التعليم وشركة "هواوي" لتوفير تقنيات تسهم بتعزيز التعلم الافتراضي للطلاب في المدارس العامة إلا مثالا بسيطا عن جهود العمل المشترك التي يمكن لها أن تكون رديفا جيدا للجهود الجبارة التي تقوم بها الحكومة الأردنية لضمان استمرار توفير الخدمات العامة ودورة الحياة الأقرب لطبيعتها الاعتيادية.
ولا يمكن لأحد أن يغمض عينيه عن أهمية العمل على تطوير النظام الإيكولوجي للمواهب المحلية. فمن خلال اعتماد الأردن على مواردها التقنية البشرية المصقولة المهارات وترقية مواطن قوتهم وخبراتهم، يمكن لهم أن يكونوا بالتأكيد عونا كبيرا على طريق تحقيق أهداف الخطط والاستراتيجية الوطنية الطموحة التي تستهدف مزيدا من أوجه التنمية الاجتماعية والاقتصادية. ولا يجب أن نستهين أبدا بالدور المهم لقطاع تقنية المعلومات والاتصالات في الأردن على صعيد المساهمة في تصميم الأنظمة التي تحتاجها المجتمعات والشركات لتتجاوز هذه الأزمة بشكل أفضل، وتطوير أطر العمل على بناء الاقتصاد الرقمي المستدام المبني على المعرفة.

  • مدير عام هواوي الأردن