تسرُّب طلاّب المرحلة الثّانويّة

سامي الوحش

ما يثير قلق المجتمع التّربويّ الأردنيّ هو ظاهرة التّسرُّبD TOPOUT، وقد يكون من الشائع الحديث عن هذه ظاهرة بالنسبة للمدارس في مرحلة التّعليم الأساسيّ، لكنّ الجديد هو الحديث عن "التّسرُّب" أو الهدر التّعليميّ (Educationa) بالنّسبة للمدارس في المرحلة الثّانويّة. ما أعرِضُه هو نتاج تجرِبة وملاحظة استمرّت مدّة طويلة في قطاع التّعليم، متمثِلاً مقولة جلالة الملكة رانيا العبدالله المعظّمة "أيُّها المعلّمونَ الكرامُ.. أنتم خطُّ الدّفاعِ الأوّل لدحر أعداء الإنسانيّة".اضافة اعلان
عرّف أغلبُ الباحثينَ ومنظمةُ اليونسكو (التّسرُّبَ) بأنّه عدمُ إكمالِ الطّالبِ مرحلة تعليميّة معيّنة تمَّ قيدُهُ فيها. أما أسباب التّسرّب من وجهة نظري، فهي
- عدم متابعة غياب الطّالب مع الأهل من قِبَلِ المدرسةِ .
-  يجب على كلّ مربّي صفّ دراسة ملف الطّالب لمعرفة التّطوّر الأكاديميّ والانفعاليّ والاجتماعيّ له، ليتمكّن من تقديم تقريرٍ للإدارة المدرسيّة، يتنبأُ فيها بالحالات الّتي يمكن أنْ تتسرّبَ من المدرسة .
- عدم تفعيل حصص الرّياضة، وعدم وجود حصص خاصّة بالفنّ في المرحلة الثّانويّة، خصوصا الموسيقى والرّسم والتّمثيل، بحيث يُفرِّغ الطّالبُ طاقتَه ويشعر بالسّعادةِ أكثر لوجوده في المدرسة .
- انخفاض دخل الأسرة والفقر يدفعانِ إلى تشجيع الأبناء على العمل وترك المدرسة، خصوصا الذّكور.
- التّفكّك الأُسرِيّ، وتُسَتُّر الأمِّ أحيانا على سلوك الابن.
- عدم أو ضعف متابعة التّحصيل العلميّ للأبناء في سنوات ما قبل المرحلة الثّانويّة.
- أحيانا أسباب نفسيّة تتعلّق بعدم ثقة الطّالب بنفسه، وشعوره بالدّونيّة، فيلجأ إلى تكوين ثقافة خاصّة به تتضمّن التّمرُّد على قيم المجتمع وعاداته.
- التّرفيع التّلقائيّ، حيثُ قد يصلُ الطّالبُ إلى المرحلة الثّانويّة وهو لا يقرأ ولا يكتب، فيشعر بالضّعف وأنّه غير قادرٍ على المنافسةِ، فليجأ إلى الهروب من المدرسة.
- نقص الموارد، وعدم صيانة الأثاث في مدارسنا الحكومية.
- بعض المدارس لا توجد فيها أبواب للغرف الصّفيّة وللسّاحات، ما يسهّل هروب الطّالب.
- عدم نظافة الحمّامات تلعب دورًا مهمّا في تسرُّبِ الطّالب.
- جذب بعض أندية البلياردو ومقاهي الإنترنت الشّباب الصّغار في أوقات الدّوام، حيثُ يمارسُ الطّالبُ حرّيّته في متابعة وإدمان الأفلام الإباحيّة وألعاب الفيديو، لذا يجب على المسؤولين وضع رقابة على هذه الأماكن وعدم السّماح لها باستقبال الطّلاّب خلال ساعات الدوام المدرسي.
بعد أن وضعنا أصابعنا على الجرح لا بد من العلاج لنجعلها سببا في الحل فيعالج الخطأ ويقوّم الاعوجاج. وأعلم أن جلوسك مع الطالب ونصحك له من أهم العلاج، فالطبيب يستمع للمريض قبل إعطائه الدواء، كي يكون الدواء دقيقا، فلكل طالب أسبابه الخاصة، ومن طرق العلاج عرض نماذج تمّ معالجتها من الطلاب لينصحوا زملاءهم فمن خاض التجربة يعرف مرارتها. إضافة إلى عقد دورات للمعلمين والمرشدين بكيفية التعامل مع هذه الظاهرة .
وأخيرًا، فإن الكلمة الطّيّبة صدقة، لذلك على المربي أن يكون الملاذ الآمن والحضن الدّافئ للطالب، وأن يفتح لهم بابه، ويبحث عن وسائل للتّواصل معهم.