تسلل إسرائيلي إلى هواتف المسؤولين

بين وقت وآخر، تسمع عن تهديد إسرائيلي عبر الهاتف الخلوي لأحدهم، وآخر تلك الحكايات التي سمعناها، تهديدات إسرائيلية للنائب ديمة طهبوب، بإطعامها للكلاب، وخلع عينيها.اضافة اعلان
هذه ليست المرة الأولى التي يرسل فيها إسرائيليون رسائل تهديد عبر الهواتف الخلوية، اذ ان كل ارقام هواتف النواب والوزراء، عندهم، ولا تعرف من تطوع وأرسلها لهم، بما يثبت ان الاختراق بلغ حدا كبيرا، وان لإسرائيل جماعتها في عمان، هذا فوق ان هذه الأرقام، قد لا تكون سرا بالمعنى المتعارف عليه، ويمكن الوصول اليها بطرق متنوعة، فوق مراقبتها.
سبق ذلك تشهير إسرائيلي بوزيرة الاعلام، بعد ان راسلها احدهم عبر الواتس اب، ولم ترد عليه، بعد حادثة دوس العلم، فقام بنشر مراسلاته معها على رقم هاتفها الخلوي، عبر حسابه على التويتر، مشهرا بها، وهو يريد ان يقول فعليا للأردنيين ان رقم هاتف الوزير لديه، باعتباره قد حقق نصرا عظيما، ظنا منه ان هذه حرب نفسية مؤثرة.
احد الزملاء الكتاب الصحفيين، تلقى قبل سنوات رسالة بلغة عربية ركيكة، حين كتب مقالا عن قصف غزة الدموي، آنذاك، فوصلته رسالة على رقم هاتفه، كلها تهديدات، اقلها ان الإسرائيليين سوف يذبحون الجميع، في الأردن وفلسطين.
مصدر الرسالة لم يكن رقما إسرائيليا، لكنه كان تعقيبا على مقال نشره في ذلك اليوم، فاقترحت عليه يومها، ان يرد عليه برسالة، مصححا له اخطاءه اللغوية، في سياق تذكيره، بقرب تصحيح خطأ وجود إسرائيل، أيضا، في هذه المنطقة.
ارقام هواتف كل المسؤولين، الوزراء، النواب، وغيرهم، قد تكون متوفرة لدى الإسرائيليين، عبر جماعتها في عمان، المنثورين في غير مكان، او حتى عبر الاختراقات الالكترونية، او أي وسيلة ثانية، خصوصا، ان الحصول على الأرقام، ليس بهذه الصعوبة، في بلد مثل الأردن.
كل هذا يأخذنا الى جانب آخر، يتعلق بالذي يريده الإسرائيليون من هكذا تصرفات، اذ على الاغلب يريدون عبر تهديد النائب طهبوب، إيصال رسالة أوسع، لكثرة تقف ضدهم، ويريدون القول أيضا، ان لديهم القدرة على الوصول الى أي شخص، أيا كان رقم هاتفه، او عنوانه.
فعلوا ذلك في غزة والضفة الغربية، حين كانوا يبرقون برسائل تهديد مسجلة لكل سكان غزة مثلا، او برسائل تهديد موجهة الى اشخاص محددين.
إسرائيل قتلت أردنيين على الحدود، وداخل السفارة الإسرائيلية في عمان، وإذا كانت دولة من هذا الطراز تقتل في كل مكان، فإن الرسالة التي تلقتها النائب اقل ضررا من القتل المباشر، لكنها أيضا تعكس الطريقة التي تتصرف بها إسرائيل، وما تريده من الأردن.
أخطر كتلة بشرية، في جوار فلسطين المحتلة، هي في الأردن، بسبب طول الحدود، والعداء التاريخي من الناس إزاء إسرائيل، ولا شك ابدا ان كل ما تريده إسرائيل هو بقاء الأردن رهينة لديونه، وان يبقى الأردنيون في حالة ضعف وانهاك بسبب أوضاعهم الاقتصادية، وبحيث يتم خلخلة هذه الكتلة البشرية، وتحويلها الى كتلة هشة غير قادرة على تأمين قوتها.
اسرائيل تجد من يساعدها في مخطط تدمير كل خزانات الدم في جوار فلسطين، اما بالحروب والفتن، كما في سورية والعراق، واما بالإضعاف والحصار كما في الأردن، او حتى عبر وسائل كثيرة، هذا فوق ان فينا عوامل ضعف قابلة للتحريك والتجاوب مع هكذا مخططات.
علينا ان نسأل عن الموقف من هكذا خروقات إسرائيلية، وتهديدات تافهة قد يقال عنها لاحقا، انها لم تأت من ارقام إسرائيلية، او انها تنزلت من إسرائيليين لا يمثلون دولة الاحتلال، وان كل القصة قد تنحصر بحق الرد، ما بين نائب أردني يهاجم إسرائيل، وعنصر موساد مكلف بالرد عبر ارسال رسالة، بواسطة الواتس اب، فهذا هو زمن الرأي والرأي الاخر!
هذه مجرد رسالة، يمكن شطبها من سجل المحادثات، لكنها تتطابق كليا، مع ما تظنه إسرائيل، بشأن قدرتها على تهديد خصومها، افرادا كانوا ام شعوبا، عربا ام أجانب، وهذا افراط في الثقة، ثبت عكسه في حالات كثيرة، فنحن الباقون هنا، في هذه المنطقة، حتى يوم القيامة.