تسيبي الاخرى : الثورة التي لم تحدث

يديعوت –  ناحوم برنيع

     

تسيبي حوتوبيلي، 30 سنة ادت مؤخرا اليمين القانونية كنائب في الكنيست عن كتلة الليكود. وعندما التقيتها في مكان عملها الجديد سعيت الى مصافحتها، فسحبت يدها على عجل وتركت يدي في الهواء. الحقيقة، اني فوجئت. عرفت انها متدينة، ولكني لم اعرف الى أي درجة. فاللمس هو موضع خلاف في الوسط الديني – الوطني. وهناك حاخامون يفتون بذلك وحاخامون آخرون يفتون بخلاف ذلك. وهناك نساء متدينات يتصرفن هكذا ونساء متدينات يتصرفن خلاف ذلك.

اضافة اعلان

للوهلة الاولى يرمي هذا الحظر الى حماية النساء. وهو عمليا، يشدد على المعاملة المتعالية من جانب الرجال تجاههن. فالنساء، في كل عمر حتى في العمر الذي انتهى فيه مفعول نزعة الشر، يعتبرن كمدنسات. اوري لبوليانسكي، الذي كان رئيس البلدية الأصولي للقدس، رفض مصافحة النساء اللواتي هن اكبر منه سنا واحتراما. فقد خشي مما سيقال عليه في الشارع الاصولي اذا ما لمس، لا سمح الله، كف يد الحائزة على جائزة اسرائيل.

انا علماني خالص وليس لدي اي ادعاء بالتمسك بالفتوى في هذا الشأن الذي لا تخرج معرفتي فيه عن حديث مع الرفاق وتصفح لمواقع الانترنت. ولكن ما يحصل في المجتمع وفي السياسة الاسرائيلية يثير اهتمامنا جميعا. 23 نائبا يمثلون احزابا ناخبوها متدينون: 11 من شاس، 5 من يهدوت هتوراة، 4 من الاتحاد الوطني، و3 من البيت اليهودي. يوجد بينهم علماني واحد، اري الداد من الاتحاد الوطني، ولكن لا يوجد حتى ولو امرأة واحدة. وفي الكنيست الحالية يوجد لاول مرة امرأة في قائمة عربية – حنين الزعبي من قائمة التجمع الوطني الديمقراطي – ولكن لا توجد اي امرأة في القوائم الدينية.

يحتمل ان يكون كل شيء بدأ بالقصة التي تروى عن الحاخام مائير وهو من اهم الحاخامين في القرن الثاني للميلاد، والذي اعتبرت زوجته، بارورية، ابنة الحاخام حنينة بن ترديون، عظيمة في التوراة، حكيمة وذات رأي، وبتعبير اليوم ذات نزعة نسوية. وكان الحاخامون يقولون إن "النساء عقلهن خفيف"، لكن بارورية سخرت من هذا القول وقرر وزوجها وضعها امام الاختبار حيث بعث احد تلاميذه الى بابها وأغواها، اذ ان النساء عقولهن خفيفة، وبعد الفعل، عندما تبينت لها دوافعه، فقدت عقلها.

في السنوات الاخيرة اصبحت بارورية قدوة في نظر النساء في الوسط الديني – الوطني. فقد التقطن القصة كحيلة من الرجال الذين سعوا الى ابعاد النساء عن كل اتصال بشؤون الدين وعن اي مجال يوجد فيه مجد وقوة. وهذا هو حظر اللمس الحقيقي. واختارت الشابات الانشغال في تعلم الشريعة بالضبط مثل الرجال في المدارس الدينية. وقد طالبن بنصيبهن في تفسير الشريعة وفي قيادة المجتمع، وفي وسط محافظ بطبيعته كالوسط الديني ارتدت يقظة النساء هذه ابعاد ثورة.

يمكن للعلمانيين ان يتعرفوا على التوتر الثوري هذا من مسلسل تلفزيوني مثل "قضبان" ومن فيلم اسرائيلي مشوق يعرض الان في السينما. اسم الفيلم "بارورية". الاغواء لم ينسج في طبريا في القرن الثاني بل في القدس اليوم.

ولكن المكان الذي لم يعرف شرارات الثورة في القطاع الديني هو الكنيست.