تشييع جثامين "شهداء القدس" وسط مواجهات مع الاحتلال

والدة الشهيد محمد امين تحتضن جثمانه قبل تشييعه في الخليل امس -  (ا ف ب)
والدة الشهيد محمد امين تحتضن جثمانه قبل تشييعه في الخليل امس - (ا ف ب)

نادية سعد الدين

عمان - شيع الفلسطينيون، أمس، جثامين شهداء نصرة القدس، الذين ارتقوا الجمعة بعد يوم دام، وسط هتافات الغضب العارم ضد القرار الأميركي ومطلب إبطاله، على وقع تجدد المواجهات الحادة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، مما أسفر عن وقوع عشرات الإصابات والاعتقالات بين صفوف الفلسطينيين المنتفضين للدفاع عن مدينة القدس المحتلة.اضافة اعلان
بينما أكدت الرئاسة الفلسطينية رفضها التصريح الصادر عن البيت الأبيض اعتبر أن "حائط البراق، بالمسجد الأقصى المبارك، جزءاً من الكيان الإسرائيلي"، وذلك عشية زيارة كل من نائب الرئيس الأميركي، مايك بينس، والمبعوث الأميركي لعملية السلام، جيسون غرينبلات، للمنطقة، في ظل رفض الرئيس محمود عباس لاستقبالهما.
واعتبر الفلسطينيون أن زيارة غرينبلات وبينس "لا تحمل جديداً، وإنما تستهدف احتواء ردة الفعل الفلسطينية والعربية الإسلامية والدولية المضادة لقرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب"، حول الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي ونقل سفارة بلاده إليها.
وفي ساحة الميدان المشتعل؛ أطلقت قوات الاحتلال نيران طلقاتها العدوانية ضد المسيرات والتظاهرات الشعبية الاحتجاجية التي صاحبت تشييع جثماني شهيدي القدس والخليل، عبر تصويب الرصاص المطاطي والحي والقنابل الغازية تجاه المنتفضين الذين ردوا بالحجارة والزجاجات الفارغة والإطارات المشتعلة للتنديد بقرار ترامب.
ونشرت قوات الاحتلال عناصرها وتعزيزاتها الأمنية المشددة في أنحاء القدس المحتلة، لاسيما بمحيط المسجد الأقصى المبارك وعند أبوابه، بعدما وفرت الحماية لاقتحام المستوطنين المتطرفين لباحاته، مما أفضى إلى اشتباكات محدودة مع المصلين.
وعم الغضب الجماهيري العارم مناطق فلسطين المحتلة، لليوم العاشر على التوالي، وسط المسيرات والتظاهرات الاحتجاجية المناهضة للقرار الأميركي، والمطالبة بصده والعمل على إبطاله.
فيما نعت حركة "الجهاد الإسلامي"، شهداء "جمعة الغضب" الدامي، مؤكدة "عزمها على تصعيد انتفاضة القدس، إزاء خروج الجماهير الحاشدة لإعلان فشل مسيرة التسوية العبثية، وإسقاط القرار الصهيو- أمريكي الباطل، رغم القمع والإرهاب الذي تمارسه قوات الاحتلال المجرم".
وفي الأثناء؛ شنت قوات الاحتلال حملة مداهمات واعتقالات بين صفوف الشبان الفلسطينيين، خلال اقتحامها لمختلف المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، والاعتداء على المواطنين.
وقد تجددت المواجهات العنيفة في بيت لحم، خلال اقتحام قوات الاحتلال لمخيم "عايدة" للاجئين الفلسطينيين، أسوة ببلدة العيزرية في القدس المحتلة، التي اقتحمتها واعتقلت 7 مواطنين، بينهم 4 فتية، فيما واصلت عدوانها في العديد من الأراضي المحتلة ضد الشعب الفلسطيني.
وفتحت الزوارق الحربية الإسرائيلية نيران أسلحتها الرشاشة الثقيلة باتجاه مراكب الصيادين قبالة السواحل الشمالية في قطاع غزة، حيث قامت بملاحقتهم وإطلاق النار تجاههم ومحاولة اعتقالهم دون أي أسباب.
إلى ذلك؛ أوضح الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية، أشرف القدرة، أن "قوات الاحتلال تتعمد إيقاع أكبر عدد ممكن من الإصابات في صفوف الشبان الذين انتفضوا على الحدود مع قطاع غزة ضد القرار الأميركي بشأن القدس، باستخدام أعيرة نارية متفجرة".
ونوه القدرة، في تصريح أمس، أن "الاحتلال انتهج سياسة القنص المباشر باستخدام أعيرة نارية متفجرة أدت إلى ارتفاع عدد الشهداء والمصابين جراء إحداثها إصابات بالغة بين صفوف المدنيين العزل".
وأضاف أن "الاحتلال استخدم بكثافة قنابل غاز مجهولة النوعية، أدت إلى إصابة عشرات المواطنين بالإجهاد والتشنجات والتقيؤ والسعال وتسارع في نبضات القلب، مما يتطلب المتابعة العاجلة من الجهات المعنية للكشف عن طبيعتها".
ودعا القدرة، "المجتمع الدولي بكافة هيئاته ومنظماته إلى التنديد بعنصرية الاحتلال وتجاوزه للقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة باستخدامه المفرط للعنف بحق المدنيين العزل واستهدافه المتكرر للمسعفين وسيارات الإسعاف والطواقم الصحفية وإعاقة عملهم بشكل متعمد".
‏ويشار إلى أن قوات الاحتلال، وفق "الصحة الفلسطينية"، قد اعتادت على استخدام أسلحة محرمة دوليا خلال المواجهات مع الشبان الفلسطينيين، وأثناء الحروب السابقة ضد الأراضي المحتلة، مما يؤدي إلى زيادة عدد الشهداء والإصابات بين صفوفهم.
إلى ذلك؛ سياسيا، أكد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، "رفض السلطة الفلسطينية لما جاء في تصريحات مسؤول أميركي في البيت الأبيض، قال فيها "إن الولايات المتحدة ترى حائط البراق جزءاً من إسرائيل"، على حد قوله.
وجدد المناهضة الفلسطينية "لأي تغيير على حدود مدينة القدس المحتلة عام 1967، أو المساس بمكانتها الدينية والتاريخية"، معتبراً أن هذا الموقف الأميركي "يؤكد مرة أخرى أن الإدارة الأميركية الحالية أصبحت خارج عملية السلام بشكل كامل"، وفق تقديره.
ورأى أن استمرار هذه السياسة؛ سواء من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي أو نقل السفارة الأميركية إليها، أو البت في قضايا الحل النهائي من طرف واحد، كلها تمثل "خروجاً عن الشرعية الدولية وتكريسا للاحتلال"، مضيفاً "هذا أمر مرفوض وغير مقبول ومدان".
وكانت الأنباء قد نقلت تصريحا عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، قبيل جولة يقوم بها بينس، إلى منطقة الشرق الأوسط، "إن الولايات المتحدة ترى الحائط الغربي (من المسجد الأقصى) كجزء من إسرائيل في إطار اتفاق سلام نهائي بين الإسرائيليين والفلسطينيين"، وفق مزاعمه.
من جانبه، اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد مجدلاني، أن زيارة بينس "لا تحمل جديداً، بل محاولة لاحتواء ردود الفعل من قرار ترامب حول القدس، وتسويق أفكار أميركية عن حل سياسي إقليمي، ينتقص من حقوق الشعب الفلسطيني، ويتحدث عن حل انتقالي جديد لا معنى له سوى إطالة أمد الاحتلال".
وأوضح إن "اجتماعاً للجنة التنفيذية للمنظمة سيعقد خلال الـ 48 ساعة المقبلة، وذلك عند وصول الرئيس محمود عباس إلى رام الله"، مشيرا إلى "إجراء اتصالات مع حركتي حماس والجهاد الإسلامي للمشاركة في أعمال المجلس المركزي الفلسطيني قريبا".
وكان البيت الأبيض قد ألمح، خلال نفس التصريحات، إلى زيارة بينس لحائط البراق، خلال جولته للمنطقة، لتأكيد التوجه الأميركي بشأنه، والذي يخالف قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، الذي ينفي أي علاقة تاريخية بين اليهود والمسجد الأقصى المبارك وحائط البراق.
وبموازاة ذلك؛ يستعد المبعوث الأميركي للسلام في الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، لإجراء مباحثات مع المسؤولين الإسرائيليين، في فلسطين المحتلة الأسبوع الجاري، حول مساعي عملية السلام، في زيارة أولى للمنطقة منذ قرار الرئيس ترامب الذي فجر غضباً وتنديدا دوليا عارما.
بدوره؛ صرح مراقب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، أنه من المرجح أن يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة، يوم غد الأحد، للتصويت على مشروع قرار بشأن اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي.
وقال منصور، في تصريحات صحفية، إنه "من المتوقع أن يوضع مشروع القرار بالحبر الأزرق في وقت متأخر من مساء اليوم"، بما يعني أنه يمكن التصويت على مشروع القرار بعد مرور 24 ساعة عليه.
إلى ذلك؛ أكد رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، إن "الاحتلال الإسرائيلي هو الإرهاب"، مشددا على أنه لا تنازل عن القدس الموحدة "لا شرقية ولا غربية".
وقال هنية، خلال مراسم تشييع الشهيد إبراهيم أبو ثريا، إن "شبان فلسطين يخرجون للدفاع عن القدس والمسجد الأقصى".
من جانبه، كان عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، محمد اشتية، قال إن "النهج التفاوضي الثنائي انتهى بلا رجعة؛ مؤكداً أن "القيادة الفلسطينية ستعمل مع المجتمع الدولي ودول كفرنسا وروسيا والصين، لبناء مسار سياسي جديد تحت مظلة المجتمع الدولي؛ ويستند على القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة كأساس للحل وليس التفاوض"، بحسبه.