تصدعات أولية

معاريف

 يتسحاق بن نير

الاسبوع الاخير، أخيرا، ينزع سخرية الغرور المتمثلة بـ "كل ما أريده أحصل عليه" عن الوجه المعتد بذاته لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (او الأصح رئيس الوزراء والنتنياهو، على وزن د. جاكل ومستر هايد، أو الشرطي الطيب والشرطي الشرير، وباختصار "رزرياهو"). قرار محكمة العدل العليا بأن آنف الذكر خرج عن صلاحياته في منع أعمال الصيانة في شبكة القطارات في يوم السبت، مع الغضب في الجمهور وفي حزبه من هجومه الفظ على الوزير إسرائيل كاتس والاستطلاع الذي يفيد بأن حزب "يوجد مستقبل" ورئيسه يائير لبيد يتغلبان عليه وعلى حزبه لو أنه اجريت الانتخابات الان – تكفي لتصديع العبارة المتناقضة بحد ذاتها "بيبي الى الابد".  فجنون الاضطهاد لدى رزرياهو هو الان من كل الاتجاهات، 360 درجة، ولا يتضمن هذا تحقيقات الشرطة. اضافة اعلان
وعليه، فقد سارع رئيس الوزراء الى الاعلان أن علينا جميعا أن نقبل بقرار محكمة العدل العليا وأن هناك اعمالا من الضروري القيام بها أيام السبت، وان على الوزير حاييم كاتس أن يقرر. لقد كانت نبرة حديثه الحازمة كتوبيخ لتوأمه نتنياهو، الذي تسبب بكل هذه الورطة، السطور الاكبر على القطار واغتصاب السبت بغير عادته. ولا كلمة اعتذار لوزير المواصلات يسرائيل كاتس، الذي حاول أول أمس فقط ان يهينه ويجعل منه كبش فداء ففشل. اسمحوا لي أن افترض أن هذه ستكون الخطوة الثانية، بعد تمرد كاتس على الحاخام الاكبر، في الطريق لتحطيم السدود ضده.
ولكن ما يأتي سيأتي – ورزرياهو بالتأكيد جدير بالحظوة من النوع التي درج على أن ينزعها من الاخرين. لا، لا على مشروع الضرر متعدد الابعاد، قطارات السبت، التي فكر فيها، خطط لها، أنتجها، أخرجها ولعب فيها دور النجم، وأنفق فيها مئات الملايين، بالأموال وبالارواح – وكل شيء، الجهد والفوضى والمال، جنون الاضطهاد والصراعات، فقط كي يدق اسفينا لإسرائيل كاتس وليعلم كل الوزراء بان الويل لهم ان لم يكونوا جميعهم مثل إسرائيل كاتس.
فأكثر مما حافظ السبت على يسرائيل (كاتس) حافظ على مكانة المسموح لهم بتكليف من أنفسهم بان يطالبونا بالحفاظ على السبت كما اعتادوا. حتى الان، عرفوا كيف يغضون النظر عن الشذوذات والاذون المعينة وقد اثيبوا على ذلك جيدا. ولما كان شباب الحريديم ايضا، المعفيين من التوراة ومن المهنة، يضغطون عليهم لمزيد من الابتزاز في موضوع الحفاظ على سبت الحريديم، فقد قفز رزرياهو على الفرصة إذ من مثله يحافظ على لمسة من السبت. لقد شوش زعيمنا مزدوج الوجه الواقع الذي يتصبب عرقا ورفع أكثر فأكثر القوة الابتزازية للدين. فقد تسبب بتعطيل القطارات وباعنا جميعا، بما في ذلك جنود الجيش الإسرائيلي الذين يعودون الى وحداتهم بثمن بخس للمتدينين المتزمتين "الحريديم" وذلك مع العلم أن أيا من الحريديم لم يفكر حتى بالانسحاب من الحكومة اذا ما نفذت اشغال القطار في السبت.
ولكن رئيس الوزراء ونتنياهو جديران بجائزة ذهبية على تحطيمه الوضع الراهن المقدس منذ اجيال. فبإلغاء التصريح بالعمل الضروري في ايام السبت فتحا بغير قصد، شبكة العلاقات بين الدين والعلمانية وبين الدولة والدين امام امكانيات اكثر واقعية، مثل منع اغلاق المتاجر، دور الرياضة والترفيه والمواصلات الحرة في السبت. طوبى للمؤمنين أن هذا سيحصل، ولكن الحظوة على هذا التحطيم التاريخي هي ما يستحقونه.
وكيف ستحل الان، في ضوء الاستطلاع، الازمة بين رئيس الوزراء وكاتس وبين الحريديم والعلمانيين؟ كيف سيحل رزرياهو، الذي تلقى هو نفسه الاسفين الذي حاول أن يدقه لإسرائيل كاتس، هذه الازمة التي خلقها هو نفسه. مصلح الزجاج يكسره ولكنه يجبر الولد على اصلاحه. ولا يكتفي رزرياهو بذلك بل يسرق الحظوة على هذه الفكرة اللامعة من محكمة العدل العليا.