تصرفات الأطفال المؤذية "تحرج" الآباء.. وخبراء يفسرون الأسباب

Untitled-1
Untitled-1
ربى الرياحي عمان- يواجه الكثير من الآباء والأمهات مشكلة حقيقية في كيفية التعامل مع أطفالهم، وخاصة أولئك الذين يميلون للتصرفات المؤذية، والتي غالبا ما تتجاوز الأقارب، ليصل بهم الحال إلى التطاول حتى على الغرباء بدون أن يتحرجوا من ذلك أو يترددوا في أذيتهم والتجرؤ عليهم. وهؤلاء الأطفال، تحديدا، يشعرون ذويهم بالعجز والإرهاق، وذلك لأن تصرفاتهم في أغلب الأحيان غير متوقعة ومؤذية لدرجة أن الأهل قد يفقدون السيطرة عليهم تماما، ويصرحون مرغمين بفشلهم في تقويم تلك السلوكيات السلبية التي تنعكس حتما على الكبار قبل الصغار، وتتسبب في إحداث خلافات كبيرة بين الناس. موقف محرج وغريب تعرضت له الثلاثينية نداء غالب، وذلك أثناء تواجدها برفقة صديقتها في أحد الأماكن العامة، تقول إنها لم تكن تتوقع أبدا أن تعيش تلك الحالة غير المفهومة، والتي جعلتها تقف مصدومة حائرة لا تعرف كيف تتصرف. وتضيف، صحيح لحظات قليلة تلك التي أفقدتها أعصابها، لكنها بالرغم من ذلك دفعتها لأن تتساءل كيف يمكن لطفل لم يتجاوز الأربع سنوات من عمره أن يكون مؤذيا بطريقة مثيرة للاستغراب. وتصف، بينما هي جالسة تتحدث مع صديقتها ومنسجمة بالنقاش، تتفاجأ بأحد يمسك بشعرها ويشدها بقوة للأسفل، نداء في تلك اللحظة شعرت بالغضب كثيرا فأسرعت لتلتفت خلفها، وترى من بإمكانه أن يتجرأ عليها، رؤيتها طفلا يركض هاربا لم تزدها إلا ذهولا وتعجبا. وتبين أنها من جهة غير مصدقة، ومن جهة أخرى عاجزة عن أن ترد عليه كونه طفلا غير مدرك، فما كان أمامها سوى أن تمتص غضبها، وتتقبل اعتذار والدته التي يئست من أن تقومه سلوكيا، مبينة أنه بات بالنسبة لها مصدر قلق وتوتر. تؤكد الأم أنها فقدت السيطرة عليه تماما، لدرجة أنه في كثير من الأحيان قد يوصلها إلى مرحلة البكاء، كما أنها تظل متخوفة طوال الوقت من تصرفاته المتعبة جدا. موضحة أنها لا تستطيع الاستمتاع بحياتها، نتيجة لكثرة المواقف المحرجة التي يسببها لها مع الآخرين. أما رانيا داوود وهي الأخرى أم لطفلين، فترى أن خلافات الكبار تأتي غالبا بسبب تدخلهم المباشر في المناوشات الحاصلة بين الصغار، وتأثرهم بها بدون أن يقدروا أن مرحلة الطفولة بالذات تحتاج إلى تفهم واحتواء وتوعية، مشيرة إلى أنها تستغرب جدا ردود فعل بعض أقاربها تلك المتعلقة بالأطفال. تقول "في إحدى الجمعات العائلية تعرض طفل من الأطفال والمعروف بأفعاله المؤذية وتعديه بالضرب على غيره فألحق الأذى بابن عمه، وتسبب له بنزول الدم، لكن هذا الموقف لم ينتهي عند هذا الحد، بل امتد ليشمل الأسرتين بدون مراعاة لتلك القرابة التي تجمع بينهما". خلافات كبيرة وغير منطقية نتجت عن ذلك الموقف، وأحدثت قطيعة بين الإخوة دامت ستة أشهر تقريبا. وتقول الأخصائية النفسية أسماء طوقان "السلوك المؤذي عند الطفل هو أي سلوك يقوم به الطفل غير مرغوب به، ويكون بطرق وأساليب مختلفة قد تكون أعمالا تخريبية في المنزل أو خارجة أو بإيذاء الآخرين سواء لفظيا أو جسديا". وتضيف "وعادة ما يكون هذا السلوك مكتسبا ومسببا للإحراج لوالديه أمام الآخرين، مما يجعلهم يخفضون من زياراتهم ويتجنبون اصطحابه إلى الأماكن العامة والتجمعات لما يلحقه بالضرر عليهم وعلى الآخرين". وتذكر طوقان أسباب السلوك العدواني عند الأطفال؛ أولا: البيئة المحيطة بالطفل وخاصة المنزل الذي يسوده العنف. ثانيا: الخلل في أسلوب التربية عند الأطفال، وتجنب استخدام الثواب والعقاب. ثالثا: تشجيع الطفل على السلوك العدواني من قبل الوالدين. رابعا: عدم إشباع رغبات الطفل وحاجاته كالحصول على الحب والتشجيع والأمان والاستقرار النفسي. خامسا: ضعف الثقة بالنفس وتدني تقدير الذات لدى الطفل. سادسا: لفت الانتباه والحصول على الاهتمام سابعا: التأثر بالبرامج الكرتونية التي تحتوي على العنف وتقليدها. ثامنا: تقليد الألعاب الإكترونية العنيفة. وتنصح طوقان بهذه الحلول، وهي: العمل على زيادة ثقة الطفل بنفسه، توفير بيئة أسرية يسودها الأمن والحب والاحترام المتبادل بين أفرادها، وتجنب الخلافات والنقاشات الحادة بين الأب والأم أمام الطفل. وتضيف "التعبير الدائم عن مشاعر الحب للطفل والتقدير له ولأهميته، العمل على مدح سلوكياته الجيدة وتجاهل السلوكيات السلبية له، استخدام أساليب العقاب مع الطفل، ولكن مراعاة أن يكون غير مؤذ له جسديا ومناسبا لعمره عند تكرار السلوك المؤذي". وأيضا، تجنب الانتقادات المحبطة للطفل والتقليل من شأنه والسخرية منه أمام الآخرين، الحزم في التربية من قبل الأب والأم، والاتفاق معا على تنفيذ العقاب في حال قام بالتصرف المؤذي، وعدم توسط أحد الطرفين له، في حالة عدم توقف الطفل عن هذه السلوكيات المؤذية. ورغم كل المحاولات، لا بد هنا من الاستعانة بالمعالج النفسي وطلب المساعدة واستخدام العلاج السلوكي مع الطفل، وفق طوقان. ويرى الأخصائي التربوي الأسري د.عايش نوايسة، أن سلوكيات الأطفال وشخصياتهم تتنوع تبعاً للبيئة التي يعيشون فيها، وغالباً ما تلعب سلوكيات الآباء والأمهات دوراً في تشكيل شخصية الطفل وطبيعة سلوكياته. فالسلوك المؤذي جزء غير طبيعي من تطور سلوك الأطفال وهو يشكل عامل نمو سلبيا لدى الطفل. ويضيف "إذ إن للأسرة، والجيران، والرفاق، وأفراد المجتمع، ووسائل الإعلام، وثقافة المجتمع وقيمه، آثارها الكبرى على تشكيل سلوك الفرد المؤذي من خلال عملية التنشئة الاجتماعية. وإن أي أخطاء قد تحدث من هذه المؤثرات سواء أكانت بقصد أو بدون قصد ستترك آثارها المؤذية على السلوك الإنساني". ويلفت "من الملاحظ أن بعض تصرفات الأسرة غير المقصودة تعزز من السلوك المؤذي لدى الطفل، مثل إظهار الموافقة على السلوك العدواني الذي يمارسه الطفل تجاه أقرانه أو إخوته في الأسرة، ومقابلة ذلك بالثناء على اعتبار أنه طفل وغير مدرك لما يقوم به". وتعد معرفة السبب والدافع الرئيسي لظهور السلوك المؤذي عند الطفل الخطوة الأولى التي يخطوها الوالدان في عملية علاج سلوك الإيذاء لديه، وكذلك معرفة وقت حدوثه، ومعرفة الأوقات التي يزداد فيها هذا السلوك، والمؤثرات الخارجية التي ترفع من درجته وحدته، وفق نوايسة. ويضيف "وتكمن أهمية تشخيص جذور ودوافع هذا السلوك؛ في أن كل حالة أو دافع لهذا السلوك يستلزم اتخاذ موقفٍ خاصٍ تجاهه؛ فمثلاً إذا كان سبب الإيذاء سلوكا عصبيا، وجب على الوالدين علاجه، واتخاذ الأسلوب المناسب لهذا الظرف". ويتابع "ويتم ذلك من خلال تعويد الطفل على تفريغ طاقته في جوانب إيجابية مثل لعب كرة القدم وما شابه، وإذا كان سبب هذا السلوك البيئة المحيطة بالطفل، وما فيها من صخب وانعدام للأمن والحب والعطف والحنان، فعلى الوالدين توفير الجو الأسري والصحي الملائم للطفل، وذلك لمعالجة هذا السلوك لديه والحد منه".اضافة اعلان