تصريحات النسور

هي من المرات القليلة التي يتحدث فيها رئيس الوزراء عبدالله النسور في الشأن الخارجي، لكنّ تصريحاته الأخيرة لفضائية "العربية" برّدت من سخونة النقاشات، والتكهنات، بشأن الموقف الأردني حيال سورية. النسور قال بصريح العبارة إن"القوات المسلحة الأردنية لن تجتاح الأراضي السورية لا اليوم ولا غدا ولا في أي وقت".اضافة اعلان
وربط موافقة الأردن على إقامة منطقة آمنة في محافظتي درعا والسويداء،  بقرار من الأمم المتحدة،  يعلم النسور أنه صعب المنال في ضوء الموقف الروسي الرافض للفكرة، والفتور الأميركي تجاهها.
وكان لافتا تزامن تصريحات النسور مع نظيره التركي أحمد داود أوغلو؛ ليس في التوقيت فحسب، إنما في تطابق المضمون أيضا. أوغلو قال لمحطة تلفزيونية: "لايجدر بأحد أن يتوقع من تركيا أن تدخل سورية غدا أو في مستقبل قريب. إنها مجرد تكهنات".وأكد أن التدخل العسكري التركي أحادي الجانب ليس مطروحا.
الأردن لم يكن يخطط لتدخل عسكري في سورية، لكن تركيا أعطت إشارات قوية في هذا الاتجاه،  بعد الانتصارات التي حققتها المليشيات الكردية في المناطق المحاذية للحدود التركية، وشعور أنقرة بخسارة معادلة الحدود.
في المقابل، بدا من التطورات الأخيرة على الجبهة الجنوبية، أن الأردن مايزال يمسك بخيوط اللعبة،  ويتحكم بإيقاع الأحداث ميدانيا، بما يضمن أمن حدوده، دون الحاجة للتفكير بتدخل عسكري مباشر.
لكن ما من شك أن البلدين؛ الأردن وتركيا على دراية بما يدور من اتصالات  أميركية روسية حول سورية، ولا يمكن لهما أن يغامرا بتحرك يتجاوز الحسابات الدولية، أو يتحداها.
القوى الدولية المؤثرة،  بدأت تتحدث عن الأزمة السورية بلغة دبلوماسية جديدة، وثمة رغبة لدى أطراف عديدة بالبحث جديا عن حل في سورية،  بعد أن استنفد التنافس على دور أغراضه.
الأردن هو البلد الوحيد الذي سعى لحل وليس لدور في سورية منذ بداية الأزمة، وبخلاف جميع دول المنطقة، فإن الأردن كان مستعدا على الدوام للقبول بأي حل يرضى عنه الشعب السوري، ويوقف دوامة القتل والعنف، ويضمن بقاء سورية دولة موحدة.
الحالة الوحيدة التي يمكن أن تدفع الأردن لتغيير مقاربته في سورية، هي انهيار الدولة السورية بشكل كلي، وسيطرة الجماعات الإرهابية على المناطق القريبة من حدوده.
لكن رئيس الوزراء تحدث ضمن المعطيات القائمة حاليا التي لا تبرر أي تغيير في السياسة الرسمية، بل التمسك بها، ودعم كل جهد دبلوماسي لاستعادة الأمل في سورية.
على المستوى الداخلي، تفيد تصريحات النسور في تهدئة مخاوف الأردنيين، وتخفف من حدة الخلافات التي ظهرت مؤخرا بشأن الدور المحتمل للأردن في سورية والعراق، وكان لها تأثير سلبي على الاقتصاد المنهك أصلا بتبعات الأزمة، وعلى المزاج العام القلق من"مغامرة" غير محسوبة النتائج.
تصريحات النسور المطمئنة جاءت لتؤكد أن لكل قاعدة استثناء.