تصريحات ترامب تخرج القدس من دائرة المفاوضات

منظر عام لمدينة القدس المحتلة -(ا ف ب)
منظر عام لمدينة القدس المحتلة -(ا ف ب)

محمود الطراونة

عمان- فيما اعتبر خبراء سياسيون أن التصريحات المتتالية للرئيس الأميركي دونالد ترامب التي أخرجت القدس من طاولة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، "تفرض واقعا جديدا"، أكدوا أن المتضررين الوحيدين من قرارات ترامب هما فلسطين والأردن، اللذان عليهما أن يكافحا وحدهما لاحتواء تبعات هذا القرار.اضافة اعلان
وأضافوا في أحاديث لـ"الغد"" إن السياسة الأميركية الجديدة والتي "تعتبر الأكثر تطرفا تجاه القضية الفلسطينية، تنعكس سلبا على الثقة في راعي المفاوضات، حيث إن غياب ملف القدس عن أجندتها مخالف للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة".
وكان ترامب، قال في تصريحات مؤخرا: إن "القدس أصبحت عاصمة إسرائيل، ولم يعد لها مكان على طاولة المفاوضات، وإن اعتراف إدارته بالقدس عاصمة لإسرائيل كان وعدا انتخابيا مهما، وقد نجح في تنفيذه في السادس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي".
ورأى أنه بعد قراره "أصبحت القدس عاصمة لإسرائيل، ولم يعد يمكن الحديث عن ذلك على طاولة المفاوضات"، لكنه استدرك وقال: "لكنني سأدعم ما يتوصل إليه الطرفان بشأن حدود المدينة".
واعتبر المحللون أن "التأخير في بدء المفاوضات يصب في إطار مماطلة الراعي الأميركي لخلق واقع جديد في ظل التوسع الإسرائيلي على الأرض، وغياب الدعم الأوروبي والروسي عن ساحة التفاوض".
وشدد هؤلاء على ضرورة أن يبحث الفلسطينيون والعرب عن استراتيجية جديدة للتخفيف من آثار قرار ترامب والاستمرار في المفاوضات المتعلقة بحل الدولتين وعودة اللاجئين وغيرها من الملفات الشائكة.
في السياق، قال رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري إن "سياسات ترامب متفاوتة ومتغيرة، من خلال تصريحاته في أمور كثيرة وحالات متعددة، إلا أنه بالنسبة لعلاقات أميركا مع إسرائيل، فهي واضحة وضوح الشمس ولم تتغير".
وأضاف المصري: "عندما وعد ترامب في حملته الانتخابية بالاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل تم ذلك خلال أشهر قليلة من توليه منصبه، وقام بتنفيذ هذا الوعد، حيث أكد أنه فخور بما قام به، وبأن هذا أهم نجاح له في سنته الأولى".
ولفت إلى أن "إخراج القدس من المفاوضات أمر في غاية الأهمية بالنسبة لإسرائيل، التي نجحت في تغيير سياسة أميركا، عبر استغلال موقف ترامب وموقف نائبه مايك بنس الأكثر تشددا من رئيسه، وكلاهما غيّرا سياسة أميركا ولكنهما حققا وعد ترامب بهذا الخصوص".
وحول انعكاسات القرار على دول الإقليم، قال المصري: "يفترض أنها سلبية في البلدان العربية، ولكن للأسف فإنها تعرف أن الأمور ستسير كما تريد أميركا، التي تطبق سياسة الأمر الواقع، حيث يتم الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وعلى الآخرين التعامل مع الاعتراف كأمر واقع".
وعبر عن اعتقاده بأن "المسؤولين الأميركيين يعرفون رد الفعل العربي، فيما يكافح القرار المتضرران الوحيدان وهما الفلسطينيون أصحاب القضية، والأردن المتأثر السلبي، على اعتبار أن هذا الأمر يمس الأمن الوطني الأردني".
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية د.خالد شنيكات إن "تصريح الرئيس الأميركي ينعكس بشكل مؤكد على الثقة في راعي المفاوضات، من خلال عدم دخول القدس في أجندة المفاوضات".
وأضاف شنيكات: "لم تعد تعترف أميركا بالقدس عاصمة للدولتين، وبهذه الطريقة فإن الراعي الرسمي والوحيد للمفاوضات أزال القدس عن قائمة المفاوضات، فيما لن تحمل أجندتها إلا ما تبقى من الضفة الغربية والقضايا العالقة".
وأشار إلى أن "القدس ليست بمساحة 6 كم، بل هناك توسع للقدس الكبرى لتضم مناطق واسعة فيها جزء من الضفة الغربية".
واعتبر أن "موقفنا العربي لا نحسد عليه، والأمور تغيرت وجرت مياه كثيرة من تحت الجسر، وهناك تراجع للعالم العربي بشكل عام أفرزه الربيع العربي في الخليج والعراق وسورية، فيما العرب ليسوا في موقف مؤثر، حيث تتحكم الولايات المتحدة في الكثير من القضايا والأبعاد المتعلقة بالقضية الفلسطينية".
وعبر عن اعتقاده بأن العرب "سيتعاملون بشكل واقعي، وسيبدأون بالتفاوض على قواعد التوطين وعودة اللاجئين والقضايا الأخرى المتعلقة بالمفاوضات"، لافتا إلى أن العرب "لن يستطيعوا فرض أجندتهم وليس لهم خيار".
وشدد على أن "صفقة القرن لن تتم، فالولايات المتحدة غير جادة في الضغط على إسرائيل في المفاوضات، وتتبع سياسة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، في عدم فرض أية شروط على إسرائيل".
وأشار إلى أن استمرارية الحديث عن المفاوضات "مماطلة أميركية بدون نتائج على حساب ضياع الوقت، وهذا فيه مكسب لإسرائيل، لتقطيع الضفة الغربية وفرض سياسة الأمر الواقع، وبالتالي تبقى إسرائيل تمارس سياساتها الاستيطانية بدون رادع".
فيما قال أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الله الصوالحة إنه "كان واضحا أن هناك خلافا بين البيت الأبيض والخارجية الأميركية بعد تصريح ترامب حول القدس"، مشيرا إلى أن "التصريح لم يعلن الحدود النهائية للقدس، وترك الحديث للمفاوضات، وهو ما أعلن عنه نائب الرئيس الأميركي مايك بنس".
وأضاف إن "الإدارة الأميركية أزالت القدس من إطار المفاوضات، وهذا أمر غير قابل للتفاوض بالنسبة لها، فيما أعاد الاميركان الحديث عن حل الدولتين، بدون أن يفرضوا أي أمر على طرفي النزاع".
وتابع: "هذا الأمر يطرح سؤالا مهما لا تمكن الإجابة عنه، إلا من خلال المفاوض الفلسطيني، وهو: هل يمكن القبول بالموقف الأميركي فيما البدائل المتوافرة من أوروبا والروس لا تجد قبولا لدى الراعي الأميركي؟ كما أنه ليس لدى الأوروبيين طرق تواصل، وهناك عدم ثقة بهم للعمل كوسطاء، بل هم فعليا خارج قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، كم حيث التأثير على الطرف الإسرائيلي أو حتى الأميركي".
وعبر عن اعتقاده بأن "ترك الوضع القائم هو ضد الطرف الفلسطيني، والخاسر الوحيد فيه هم الفلسطينيون"، مشددا أن "على الفلسطينيين بدء مفاوضات مباشرة إذا أراد الراعي الأميركي البدء بالعملية السلمية".
وأضاف: "مثلما يرفض الفلسطينيون وقف دعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"،  فعلى الفلسطينيين التعامل بجدية مع العملية السلمية، وأن لا يسمحوا بتضرر علاقتهم مع الإدارة الأميركية".
ولفت إلى أن "الأهم هو أن تكون هناك استراتيجية عربية، للتخفيف من آثار تصريح ترامب، إذ إن القرار الأميركي لم يرتب آثارا قانونية على أرض الواقع".