تصعيد معروف مسبقا

جنود الاحتلال الإسرائيلي يتموضعون على الحدود مع غزة أول من أمس.-(ا ف ب)
جنود الاحتلال الإسرائيلي يتموضعون على الحدود مع غزة أول من أمس.-(ا ف ب)

يديعوت أحرونوت

 اليكس فيشمان

بالوتيرة الحالية، حتى منتصف هذه السنة ستدمر معظم الانفاق الهجومية من قطاع غزة، والمعروفة لإسرائيل – وهذا تقريبا شعاع النور الوحيد في جملة الأحداث الأمنية في الساحة الفلسطينية في الأسابيع الأخيرة. فما يحصل في الضفة، في شرقي القدس وفي قطاع غزة ليست اخطارات وعمليات موسمية ترتبط بيوم النكبة، يوم السجين، يوم استقلالنا أو يوم الأرض. كما أن هذا ليس فقط ردا على مبادرة ترامب والاعتراف الأميركي بالقدس كعاصمة إسرائيل.اضافة اعلان
فأمام ناظرينا يتحقق الاخطار الاستراتيجي، الذي تشير اليه شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" منذ أكثر من سنة: العقد الأمني الهادئ نسبيا في المناطق – من خلفنا. أما المواجهة العنيفة الكبرى بين الشارع الفلسطيني والقيادة الفلسطينية وبين الشارع الفلسطيني وإسرائيل فتبحث فقط عن فرصة.
كما أن سلم الاولويات الاستخباري والعملياتي للجيش الإسرائيلي يتغير بناء على ذلك. فاذا كانت الجبهة الشمالية والتدخل الإيراني حتى الآن في أولوية واضحة وتحددت كالتهديد المركزي، فقد عادت الساحة الفلسطينية لتحصل على الوزن ذاته الذي يحصل عليه التهديد الشمالي.
يشير باحثو الاستخبارات إلى ثلاثة مراسي، حافظت على مستوى عنف متدن نسبيا في الساحة الفلسطينية في العقد الاخير: قدرة الاحباط لدى محافل الأمن الإسرائيلية، التنسيق الأمني مع السلطة والحفاظ على نسيج حياة معقول للمواطن الفلسطيني في الضفة. هذه المراسي، المتعلقة الواحد بالاخر، تآكلت. فلم يتبق لإسرائيل اليوم مكاسب توزعها على الفلسطينيين كي تكسب الهدوء والوقت.
"عمليات الافراد" التي سجلت الانعطافة الاستراتيجية قبل نحو سنتين لم تعد منذ زمن بعيد عمليات افراد والمزاج في الشارع الفلسطيني يدل على تضعضع النظام القديم، سواء في غزة أم في الضفة. يوجد هنا ميل ثابت من التفتت الذي يبحث عن حدث دراماتيكي، خارجي كي ينفجر ويؤدي إلى الفوضى. اما الهدوء النسبي، الذي ينقطع في عملية كهذه او تلك، فمخادع. وحتى حكم حماس مهدد من الداخل – دون الحديث عن حكم أبو مازن الذي في نهاية طريقه السياسي.
مسيرة "العودة الكبرى" التي تنظم في الأسابيع الاخيرة في قطاع غزة، لا تتضمن فقط مسيرات جماهيرية من القطاع إلى الجدار. فمع الأكل تأتي الشهية واليوم باتوا يتحدثون عن استعدادات مشابهة في الضفة وفي اوساط عرب إسرائيل أيضا، وعن المسيرات التي ستأتي من الحدود. والعرض الأكبر سيبدأ في نهاية الشهر. الجيش الإسرائيلي، ولا سيما قيادة المنطقة الجنوبية – يستعد لمواجهة مدن خيام على طول حدود القطاع ومسيرات آلاف نحو عشرات النقاط على طول الحدود، في محاولة لاجتيازها. في الضفة سيحاولون الدخول إلى المستوطنات. والاستعداد هو لأعمال الاخلال بالنظام، ولكن واضح تماما بانه إذا تحققت هذه الخطط فسيكون قتلى وجرحى.
لا سبيل لصد مسيرات جماهيرية تعرض حياة الجنود للخطر بالغاز المسيل للدموع فقط. قد يكون هذا هو الحديث الذي يشعل الأرض. هنا لن تجدي عناصر الأمن الفلسطينية. فهذا حدث مرشح للشغب يستدعي خروجا عن السيطرة. والمظاهرات الحالية على حدود القطاع، والتي تترافق وزرع عبوات على الجدار، هي مجرد المقدمة الرامية إلى التسخين وإلى الوصول بالتدرج إلى العرض الرئيس للانفجار الجماهيري.
إحدى الخطوات التي تتخذها إسرائيل اليوم كي ترد وتقلص انفجار البركان هذا، هي محاولة البناء مع الولايات المتحدة وسبع دول عربية ائتلافا يخلق واقع حياة آخر في القطاع. فقد شارك منسق أعمال الحكومة في المناطق، اللواء يوآف مردخاي، في الأيام الاخيرة في اجتماعات طوارئ لاعادة بناء غزة عقدت في القاهرة وفي واشنطن، واليوم سيشارك في بروكسل في مؤتمر الدول المانحة. كل ذلك في محاولة لتحقيق مشاريع بنى تحتية للقطاع بسرعة منعا لمصيبة انسانية فيها امكانية كامنة لتفجير الشرق الأوسط باسره. وكل هذا يحصل بدون الفلسطينيين.
الوضع هو قابل للتفجر لدرجة أن إسرائيل والولايات المتحدة، بموافقة الدول العربية تسيران نحو استراتيجية جديدة تتجاهل نزوات السلطة الفلسطينية في رام الله وتعزز بشكل غير مباشر قدرة حماس على الحكم. يفهم ابو مازن بانهم يدحرونه جانبا وهو يفعل كل ما في وسعه كي يدق العصي في عجلات اعادة بناء غزة. يفهم بانه هنا سابقة، وبموافقة هادئة من الدول العربية يحاولون حل المشكلة الإسرائيلية الفلسطينية من فوق رأس الفلسطينيين. وهذا أيضا يدعو إلى الانفجار.
وبالتالي فإن انجازات إسرائيل في مجال الانفاق مهمة بلا حدود. ولكن الداهس في الضفة، الطاعن في القدس أو زارع العبوات في حدود القطاع هم مؤشرات على مسيرة أكثر تهديدا وعمقا.