تصفيق الإيباك في واشنطن لن يفيد نتنياهو

يديعوت أحرنوت

ناحوم بارنيع

عندما سيصل بنيامين نتنياهو إلى مؤتمر اللوبي اليهودي في واشنطن الأسبوع المقبل، سيستقبل بحماسة هائلة. فالجمهور سيقف على قدميه وسيصفق له تصفيقا عاصفا. الشباب سيطلقون هتافات التشجيع. ولكنهم لن يهدأوا إلا بعد أن يطلب الرئيس الهدوء مرة أخرى. رئيس وزراء إسرائيل سيشعر بأنه مثل نجم الروك، مثل المحتل.

اضافة اعلان

الأكثر صخبا بين الجميع سيكونون الفتيان بالقبعات المحبوكة، من سليلي العائلات الأرثوذكسية. وأكثر العناقات حرارة سيتلقاها نتنياهو من الأثرياء على المنصة، ومعظمهم من المتبرعين الكبار للحزب الجمهوري، فالمواجهة بين نتنياهو وإدارة أوباما هي لحظتهم الجميلة، ومواجهة إسرائيل مع أوباما هي شهادة دخولهم إلى العالم الآخر لأميركا الجمهورية.

اللحظة ستكون مسكرة، ولعلها أيضا كاذبة. للحظة سينسى رئيس وزراء إسرائيل من أين أتى ومصلحة من يمثل. بعد ذلك تأتي الصحوة.

إسرائيل تفقد الجناح الليبرالي في الجالية اليهودية في أميركا. وهذه مسيرة لم تبدأ مع نتنياهو أو ليبرمان أو إيلي يشاي. أسبابها عديدة وليست جميعها مرتبطة بسياسة حكومات إسرائيل أو بالاحتلال، فالكثيرون في هذا الجناح يبتعدون عن أي التزام يهودي، وليس فقط الالتزام بإسرائيل.

ولكن خلافا لإسرائيل، فان الليبراليين، ممن يمكن أن نسميهم بالتعابير الإسرائيلية اليسار المعتدل، هم أغلبية مطلقة بين الجمهور اليهودي. ولديهم تأثير حاسم على الحزب الديمقراطي الذي يوجد في هذه اللحظة في الحكم في البيت الأبيض وفي الكونغرس على حد سواء.

نتنياهو يمكنه أن يتباهى قدر ما يشاء بعطف اليمين اليهودي، أما الحقائق السياسية فلا يمكنه أن يغيرها: أوباما سيجلس في البيت الأبيض لثلاث سنوات أخرى على الأقل، مع عصبة من الليبراليين حوله، بعضهم يهود. والتصفيق العاصف الذي سيستقبل به نتنياهو في مؤتمر إيباك لن يجديه في اتصالاته المستقبلية مع البيت الأبيض. بل إن من شأنه أن يخرب عليه. هذا بالضبط ما حصل لنتنياهو في الولايات المتحدة، حيال بيل كلينتون وعصبة الليبراليين حوله. وعليه، كان يجب على نتنياهو أن يجد حجة جيدة ليببقى في البيت. فالتصريحات المفهومة من تلقاء ذاتها، والممجوجة حتى التعب، عن وحدة القدس، ستستقبل في المعسكر الليبرالي في واشنطن كعمل استفزازي، وسينظر إليها بعتبارها طعنا للرئيس في ظهره.

يهود أميركيون، استثمروا سنوات من حياتهم في العمل من أجل إسرائيل يتحدثون بألم عن التعب من إسرائيل ومن الشرق الأوسط بأسره. ويأتي التعب أحيانا من أبنائهم: الأبناء يصعب عليهم أن يفهموا لماذا يكرس آباؤهم هذا القدر الكبير من الجهود لدولة مشاغبة في الشرق الأوسط لا يمكنها بعد 62 سنة أن تحل مشاكلها بنفسها.

من ناحية 90 في المائة من الإسرائيليين فإن رمات شلومو مثلها مثل تل أبيب. من ناحية باقي العالم رمات شلومو مثلها مثل رام الله. قلائل فقط هم الذين يملكون القوة للتعمق في التفاصيل لفهم الفارق بين الشيخ جراح وجيلو، وبين سلوان وبسغات زئيف. والنتيجة هي إحداث شرخ. واذا كان كاتب رأي مثل توماس فريدمان، لا حاجة للتدليل على محبته وصلته بإسرائيل، يصف رئيس وزراء إسرائيل كسائق سكير يحتاج إلى المعالجة فلدينا مشكلة، لأن فريدمان هو الناطق الأكثر أصالة بلسان أصدقاء إسرائيل في المعسكر الليبرالي في أميركا.

نتنياهو ليس سائقا سكيرا. الأصح هو أن نعتبره واحدا من اولئك السواقين العجائز الذين يقودون سياراتهم على مسارين خشية أن يقعوا في خطأ، وهم يثيرون جنون السائقين الذين يمتدون وراءهم في الطابور ويتورطون في حوادث طرق. عندما يشير غمازه إلى اليسار يتجه يمينا. عندما يتجه غمازه إلى اليمين تجده يواصل إلى الأمام في الطريق. وبدلا من أن يحظى بالتصفيق في واشنطن لعل من المجدي له أن يخضع لدورة قيادة مكثفة في القدس.