"تضامن" تعرض قصصا لضحايا اغتصاب وإجهاض

عمان- الغد- قالت جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" إنها قامت بإجراء دراسة بحثية هي الأولى من نوعها في الأردن  حول "الجرائم الجنسية ضد النساء- المادة 308 من قانون العقوبات الأردني نموذجاً"، للوقوف على التأثيرات القانونية والاجتماعية والنفسية والصحية، الإيجابية منها والسلبية على النساء والفتيات من جهة وعلى الأسرة والمجتمع من جهة أخرى. 

وأكدت الدراسة وفق ما ذكرت "تضامن في بيان اليوم الخميس، التأثير الكبير والبالغ الأهمية للجوانب الاجتماعية والصحية والنفسية على الضحية، ونقلت عن الدكتورة نجوى عارف اختصاصية استشارات زوجية وأسرية قولها "القضايا الجنسية تحمل في طياتها آثاراً مريرة  تنعكس على مجمل حياة الأشخاص الذين يتعرضون لأي نوع من أنواع العنف الجنسي".  

وأضاف البيان أن منظمة الصحة العالمية أكدت أن الجرائم الجنسية تعرض الضحايا وأطفالهم لمشاكل جسدية ونفسية وجنسية ومشاكل صحية إنجابية وخيمة لها آثاراً مدمرة قصيرة وطويلة المدى. وتشمل الآثار الصحية الصداع وآلام الظهر وآلام البطن والألم الليفي العضلي والاضطرابات المعدية المعوية ونقص القدرة على التحرّك وتدهور الحالة الصحية عموماً، وقد ينتج عنها إصابات بالغة أو مميتة.

وذكر البيان أنه يمكن للجرائم الجنسية أن تؤدي إلى حدوث حالات الحمل غير المرغوب فيه والمشاكل الصحية النسائية وحالات الإجهاض المتعمّدة وأنواع العدوى المنقولة جنسياً، بما في ذلك عدوى فيروس الأيدز. كما يمكن أن تؤدي الجرائم الجنسية لاسيما أثناء الطفولة، إلى زيادة احتمال التدخين وإدمان المخدرات والكحول وإنتهاج سلوكيات جنسية خطرة في مرحلة لاحقة من العمر. كما توجد علاقة بين التعرّض لذلك العنف في الصغر وممارسته (فيما يخص الذكور) أو الوقوع ضحية له (فيما يخص الإناث) عند الكبر .

وتضيف "تضامن" بأن عددا من ضحايا الجرائم الجنسية التي تمت مقابلتهن وشملتهن الدراسة حاولن الإجهاض نتيجة الحمل الناتج عن الاغتصاب، حيث قالت المجني عليها لبنى (اسم مستعار) وعمرها 30 عاماً "عدت للمنزل وأخبرت والدتي  وطبعا  حاولت الإجهاض بكل الطرق فذهبت لطبيبة، وطلبت منها دواء لاسقاط الحمل ووصفت لي دواء وقالت لي (إذا الحمل قوي ما بنزل واذا مش قوي بنزل) لكن للأسف ما نفع الدواء، وبعد ذلك ذهبت لطبيب وأعطاني إبرتين ودواء وقال لي أيضا "بعد أسبوع يمكن ينزل ويمكن لأ حسب الحمل لكن هذه محاولة إن شاء الله بتزبط"، وطبعاً ما استفدت ومره ثانيه أخذت إبرتين لكن بدون فائدة، وأصبحت أتنقل من طبيب لطبيب ومن عيادة لعيادة إلى أن أصبحت حامل بالشهر السادس فعدت للدكتور مرة أخرى وكانت المصيبة أنه أخبرني أن "كوكتيل الأدوية" وكثرة محاولات الإجهاض قد شوهت الجنين، فأصبحت مصيبتي  متعددة الأوجه".

أما المجني عليها عطاف (اسم مستعار) وعمرها 23 عاماً وهي ضحية لجريمة اغتصاب، فتقول "مسكني من إيدي المكسورة، صار معي حادث قبل فترة وعملت عملية حطوا في إيدي أسلاك علشان إصابتي بليغة، ولسة براجع المستشفى علشانها، لفها للخلف لدرجة إني بطلت أتحمل الألم وصرت أترجاه أنه يتركني بس ما رضي".

ووفق "تضامن"، أكدت الدراسة أن ضحية الجريمة الجنسية تمر بمرحلتين مرحلة حادة وأخرى مزمنة قد تمتد طوال العمر، والمرحلة الحادة تستمر من ساعات لعدة أيام بعد الاعتداء الجنسي، وتعاني الضحية خلالها من اضطراب في التصرفات والسلوكيات المعتادة، وتهيج وانفعال وغضب، ولوم النفس وشعور بالذل والتحقير والمهانة، ويمكن للضحية كتم أحاسيسها وانفعالاتها، وتختزن معاناتها النفسية شديدة الإيلام في اللاشعور وتتسبب في كثير من الأمراض والمشاكل النفسية.

وفي هذا الصدد، نقلت "تضامن"، عن الدكتور قيس القسوس مدير المركز الوطني للطب الشرعي قوله "هناك آثار تتعلق بالجانب الصحي والنفسي وقد تطال الضحية وأسرتها وتنعكس في كثير من الأحيان على الأبناء، منها على سبيل المثال حالة القلق والخوف والرهاب النفسي أو الحزن الشديد وأعرض كثيرة لكن لكل حالة خصوصيتها من حيث الآثار المنعكسة عليها أثر التعرض للاغتصاب".

ويضيف "وإذا كنا نتحدث عن حالات اغتصاب بمعنى العنف والإكراه والشدة، عادة الفتاة تأتي إلينا بحالة اكتئاب ونعمل على كسر الحاجز النفسي وذلك بوجود ممرضة ويمنع دخول الشرطة بتاتاً وذلك من أجل الحصول على الثقة وقبولها الفحص".

وعند سؤال الدكتورة نجوى عارف عن أبرز التحديات التي تواجه ضحايا الاغتصاب بشكل خاص عند تقديم شكوى أو طلب المساعدة والعلاج أجابت "عدم سرد الحقيقة كاملة وإنما مجتزئه  أو على  دفعات، أو إخفاء أجزاء منها سواء بحالة وعي أو اللاوعي، وأيضاً تلك الأسئلة المحرجة التي تسأل من الجهة المقابلة من قبل الشرطة أو القضاء والمحامين والأطباء وأحياناً من كل الاشخاص خصوصاً في طور التحقيق وجمع الأدلة  فالقضايا الجنسية جاذبة للاهتمام والسمع أيضاً... والأكثر سوءاً إذا كان الشخص الذي يوجه الأسئلة غير مؤهل ولا يراعي الحالة النفسية مثل أن يقوم بتوجيه السؤال وهو مبتسم وطلب إعادة الجواب أكثر من مره، أو تكون الأماكن غير مؤهلة لإستقبال هذه القضايا".

وتقول المجني عليها سهير (اسم مستعار) وعمرها 40 عاماً وهي إحدى ضحايا الجرائم الجنسية وعلى وجه الخصوص الاغتصاب "بعد فترة من الوقت مرضت بشدة وتغيبت عن العمل،  وذات يوم ... أغمي علي  وتم أسعافي ونقلت الى المستشفى  للعلاج وخرجت، لكنني بقيت أعاني من مشاكل نفسية تركت آثاراً صحية وجسدية علي، لذلك أعتقدت أسرتي أنني " مسحورة / جن راكبني" وأصبحت شغل أمي الشاغل من فتاح لشيخ لدجال لمشعوذ  طوال الوقت ولم يتغير علي شيئ لأنني كنت أعرف سبب مشكلتي. وأستمرت هذه الحال لأكثر من أربعة أشهر ودون فائدة تذكر. أما عائلتي فاتهموني بالجنون وتم فحصي بمستشفى الأمراض العقلية / الفحيص وهناك  عندما رأيت النزلاء "شفت المرضى وانجنيت" وبقيت هناك لأكثر من شهرين في هذه المستشفى لفحص قواي العقلية، وفي المستشفى شاهدت أشياء لم أشاهدها من قبل، حيث إن هذه  التجربة بالنسبة لي كانت أشد قسوة وألماً من الاغتصاب  لأنني عشت مع مجانين... ولاحقا كان هناك تقرير يشخص حالتي بأنني أعاني من اضطراب مزاج وتم صرف  العلاج لي على أن يكون لمدة طويلة حتى تستقر حالتي النفسية،  وبعد ذلك تم الطلب من أخواني استلامي  من المركز الوطني للصحة النفسية لكنهم رفضوا استلامي رغم الوعود الكثيرة منهم".

وتقول المجني عليها لبنى (اسم مستعار) وعمرها 30 عاماً وهي إحدى ضحايا الجرائم الجنسية "أنا تعبانة نفسياً لأني لغاية الآن لم أستلم طفلي، ولم يثبت نسبه وأشعر بتأنيب الضمير والعجز...  وأواجه صعوبات كبيرة عند النوم ولا أستطيع التنفس لأنني غالباً اشعر بالاختناق". 

أما المجني عليها عطاف (اسم مستعار) وعمرها 23 عاماً وهي ضحية لجريمة اغتصاب فتقول "حياتي صعبة كثير خصوصاً نفسيتي كنت دائما ببكي ومعي صداع مش عارفة شو أعمل، كنت ضايعة والدنيا لونها أسود، أنا انحرمت من أمي وما بعرف شو شكلها وما بعرف شو حنان الأم، يمكن لو أمي موجودة حياتي  كانت غير  وكانت أكيد رح تدافع عني وتحميني".

فيما قالت المجني عليها خوله (اسم مستعار) وعمرها 19 عاماً وهي أيضاً ضحية لجريمة اغتصاب "وأنا لما روحت من الحادثة، على طول أول ما دخلت البيت قلت لأمي خديني على الشرطة وبعديها أنا مش متذكرة إشي وهي الدكتورة حولتني على طبيب نفسي، كنت تعبانه كتير نفسياً وجسدياً وأنا في نفس المستشفى كنت بدي أقتل حالي أكثر من مرة وصاروا يعطوني مهدئات وأدوية نفسية، تسع أشهر أنا أخذت الدواء مع أنه أمي ما كانت راضية أخذ الادوية".

وأكدت المجني عليها جميلة (اسم مستعار) وعمرها 24 عاماً وهي ضحية لجريمة اغتصاب على أنها وبشكل دائم تعاني من آلام جسدية في مختلف أنحاء جسمها، وتواجه مشاكل في الدخول في النوم، وتواجه الكوابيس والأحلام المزعجة، وتخاف الخروج من المنزل، ولا تشعر بالأمن، وتشعر بلوم الذات والندم الشديد، وتشعر بأنها إنسانة غير عادية وغير سعيدة، وتتجنب أي إتصال مع الآخرين، وتعاني من قلة الشهية للطعام، وتتمنى إحداث تغييرات في حياتها الأسرية، وتتسائل عن مدى أهمية حياتها التي تعيشها في الوقت الحالي .

وتشدد "تضامن" على أن استرجاع ضحايا الجرائم الجنسية للحادثة التي تعرضن لها تسبب لهن اضطرابات قد تكون على شكل كوابيس وأحلام مزعجة، والحزن والألم والتوتر، والاعتقاد بإمكانية حدوث تكرار للحادثة، وشعور بالألم الشديد عند مشاهدة ما يذكرها بالحادث من حيث الأماكن والأشخاص، ولتجنب ذلك فقد تعمد الضحية الى الابتعاد عن كل ما يذكرها بالحادث، وقد تلجأ الى الكحول والمخدرات، أو العزلة والانطواء، وقد تعاني من برود عاطفي، وصعوبات بالنوم ونوبات غضب وسلوك عدواني، وتشنج وصعوبات في الإسترخاء، وصعوبات في التركيز، والمبالغة في ردة الفعل عند أي تنبيه أو ملامسة من قبل الآخرين.

أما إضطرابات ما بعد الصدمة فقد تشمل كل أو بعض الأمور التالية: النوبات العنيفة، والسلوك الإجرامي، والاكتئاب، والميول الإنتحارية، والعنف الشديد، والإسراف الكحولي، والشعور بالغربة، وانخفاض الإنتاجية، ونوبات البكاء ورثاء الذات، والموت المؤقت للعاطفة.

ونتيجة لكل ما سبق، فإن "تضامن" تجد بأن تزويج المجني عليها في الجريمة الجنسية من الجاني سيزيد بالتأكيد من معاناتها الجسدية والنفسية، خاصة وأنها ستشاهد الجاني "الزوج" كل يوم وساعة ودقيقة مما يذكرها باستمرار بالجريمة التي وقعت عليها

وفي ظل هذه المعطيات، فإن "تضامن" والتحالف المدني الأردني لإلغاء المادة 308 يطالبان الحكومة ومجلس الأمة الإستجابة للمطالب التي عبرت عنها الحركة النسائية في الأردن منذ سنوات، والعمل سريعاً على إلغاء نص المادة 308 لإنهاء سياسة الإفلات من العقاب ولتحقيق العدالة الجنائية للنساء والفتيات ولإنهاء النصوص التمييزية ضدهن في التشريعات خاصة قانون العقوبات الأردني، ولوقف نزيف ومعاناة الضحايا الجسدية منها والنفسية.

يذكر أن  مشروع "نجاة – معاً لملاحقة الجناة وحماية النساء الناجيات من جرائم العنف الجنسي" كما تقول "تضامن، هو بدعم من  الشعب الأميركي ومن خلال المنحة المقدمة من برنامج USAID لدعم مبادرات المجتمع المدني والمنفذ من قبل منظمة صحة الأسرة الدولية FHI 360 وبتمويل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID). ويعتبر هذا المحتوى من مسؤولية "تضامن" ولا يعكس بالضرورة آراء الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) أو آراء الحكومة الأميركية أو حتى آراء منظمة صحة الأسرة الدولية  FHI 360.

اضافة اعلان