تطبيقات التعارف بهدف الزواج.. هل تجد قبولا مجتمعيا؟

تغريد السعايدة  عمان- لم يعد البحث عن الشريك المناسب لبناء مؤسسة زواج ناجحة، فقط عبر طرق الزواج التقليدية أو الاعجاب بالطرف الآخر حينما يراه أو يلتقي به؛ إذ وصل الحال إلى توفر تطبيقات إلكترونية خاصة تهدف إلى إطلاق خدماتها للتعارف بهدف الزواج فقط. تطبيقات مختلفة ومسميات عديدة لها، يعرفها القائمون عليها بأنها فقط للجادين والباحثين عن شريك الحياة، وبإمكان الشاب والفتاة الدخول لتلك التطبيقات والتعامل معها بكل سرية، وهي منتشرة على مستوى العالم، وليس فقط في الوطن العربي.

الحب الحديث: التعارف عن طريق الإنترنت

وانتشر العديد من هذه التطبيقات في أميركا، على سبيل المثال، بهدف تسهيل مهمة البحث عن الشريك. ولكن قد تجد رفضا وعدم قبول في كثير من المجتمعات، لذلك عكف اشخاص من دول إسلامية إلى إنشاء تطبيقات مماثلة تراعي العادات والتقاليد في التعارف، ما دفع بالكثيرين إلى التوجه لها والبحث عن "الحب الحلال" كما يصفونه.

تعارف ولكن...

تطبيق يُدعي "موزماتش Muzmatch، انتشر في العالم بهدف التعارف الجاد المبني على فكرة الزواج وتكوين أسرة، وذلك منذ العام 2014. ويعمد القائمون عليه إلى مراقبة المحتوي، بحيث يبقى ضمن الإطار الذي تم إنشاؤه له، ومساعدة الطرفين على الاطمئنان ووضع تعريف مناسب لهم يضمن لهم إيجاد الغاية التي يطمحون لها في "الزواج". غدير، اسم مستعار، تقول لـ"الغد" إنها لا تجد أي مشكلة من التواجد في مثل هذه التطبيقات بهدف البحث عن الشريك، بشرط أن تضمن حقيقة المعلومات وطريقة التأكد منها، بالإضافة إلى أهمية الشعور بالأمان الذي توفره، والسرية، والجدية. ولكنها في الوقت ذاته، وعلى الرغم من عدم معارضتها لهذه الفكرة، تجد نفسها حريصة على عدم الإدلاء بكل تفاصيلها الخاصة واسمها الكامل، أو طبيعة عملها، حتى لا يكون من السهل البحث عن باقي تفاصيلها الشخصية. وبالتالي تعرضها للإحراج في حال تم التعرف عليها من قِبل بعض المقربين، ولكن في حال تم التوافق مع احد الأشخاص فلا تجد ضيرا من إخبار عائلتها وإتمام أمور الزواج. وعلى الجانب الآخر، المعارض، تقول دانا، وهي طالبة جامعية، إنها ترفض تماماً الولوج في مثل تلك الأمور "المبهمة" والتي لا يمكن أن تكون موثوقة المصدر عدا عن يقينها بعدم موافقة عائلتها على التعارف والزواج بهذه الطريقة، كونها في الوضع الطبيعي تتبنى فكرة الزواج التقليدي الذي يكون تحت إشراف ومعرفة الأهل. لذلك، تعتقد دانا ان من يقبلون على هذه التطبيقات بهدف التعارف قد يعانون كثيراً من تبعات هذا الموضوع، قد يكون بسبب اختلاف الطباع التي لا يمكن التعرف عليها من خلال التواصل الإلكتروني. كما انها ترى أن العديد من المجتمعات العربية وفي الأردن كذلك، لا يتقبل الأهل فكرة أن تتعارف الفتاة بأي شخص دون علم الأسرة سواء أكان ذلك وجاهياً أو إلكترونياً.

الابتزاز الالكتروني وارد

ظهور العديد من القضايا المرتبطة بالابتزاز الإلكتروني، قد تكون عائقاً في وجه كل من يفكر بالتعارف والارتباط، وفي تطبيقات ومواقع التعارف قد تظهر العديد من القضايا المماثلة، والتي تنتشر تفاصيلها في كل حين عبر المواقع الإخبارية أو التواصل الاجتماعي. وهذا يشكل حاجز خوف سواء للشاب أو الفتاة الباحثين عن فرصة للالتقاء بشريك الحياة في بحر هذه المواقع التي باتت تتحول من عالم افتراضي إلى واقع يلمسه الكثيرون في حياتهم اليومية. استشارية الأسرة والنفسية الدكتورة خولة السعايدة، تعتقد أن الزواج الأصل به أن يكون بين "الراشدين البالغين". ولكن إتاحة التعارف والتواصل عبر تلك التطبيقات قد يكون وسيلة وأداة للجميع يمكن استخدامها، بعد أن كان هذا التعارف يتم من خلال الأهل وبوجودهم ومعرفتهم، إلا أن تلك التطبيقات، كما تصفها السعايدة، قد تكون ايجابية أو سلبية. ووفق السعايدة، فإن بناء العلاقات يجب ان يكون على اسس سليمة وراسخة، وخاصة في العلاقات التي تهدف إلى الزواج. ولكن هناك الكثير من التساؤلات حول تلك التطبيقات من قبل المجتمع، " فعلى اي اساس تقوم هذه العلاقات، وكيف يتم التعارف، وكيف يمكن معرفة شخصية الآخر؟" كل هذه الأمور المهمة قد تغيب إجاباتها في الطريق لتشكيل العلاقات، فلا يمكن للتطبيقات أن تحل محل الإنسان في هذه العلاقات التي تحمل الكثير من المشاعر الإنسانية، بيد أننا لا يمكن أن ننكر وجودها وتأثيرها في تفاصيل الحياة، كما تقول السعايدة.

العلاقات الوجاهية أن الافتراضية

استشاري العلاقات الزوجية والأسرية أحمد عبد الله يقول عن تلك التطبيقات وصعوبة تقبلها اجتماعياً ونفسيا " إن العلاقات الوجاهية المباشرة كثير منها قد يكون من الصعب التأقلم معها، فما بالنا بالعلاقات غير المباشرة والتي تتم عن بُعد"،. ويشير إلى أن العلاقة الزوجية تحتاج إلى مقومات نجاح تقوم عليها، وعلى رأسها بناء انطباعات "حقيقية وواقعية عن الطرف الآخر". لذا، يؤكد عبدالله أن أياً من تلك التقنيات المذكورة والمنتشرة في العالم لا يمكن أن توفر هذا الانطباع الذي يلمسه الإنسان في العلاقات الإنسانية اليومية، وبالتالي فإنه من الصعوبة بمكان أن نعول على نجاح تلك العلاقات. ويتفق عبدالله مع السعايدة أن "الارتباط" ليس بهذه البساطة، لأن قرار الزواج مصيري، ويحتاج إلى ترو وتعارف منطقي يتم من خلاله الارتكاز على بناء الأسرة الصحيحة ضمن أسس اختيار صحيحه وسليمة وواقعية. السعايدة كذلك، تشير إلى أن تطبيقات التعارف قد تحمل شيئاً من الإيجابية البسيطة، وهي ان العلاقات تتم بكل حيادية دون تدخل وسطاء ووجود اشخاص يتدخلون بكافة التفاصيل. وهدفها فعليا هو الزواج وليس التعارف، منوهة إلى أن انتشار الوسائل الالكترونية تساهم بشكل آخر في زيادة نسبة المشاكل في المجتمع، من تحرش ومضايقات سواء من ذكور لإناث او العكس. ويمكن للشخص المتحرش أو المُبتز أن يخفي هويته أكثر، بالتالي ممارسة إزعاجه وجرائمه على الطرف الآخر. ولكن في حال كانت هذه التطبيقات آمنة وموثوقة وهدفها فعلا التعارف، فإنها لن تسبب إشكالية للبعض، خاصة إن تمت مراقبتها وتحت ضوابط محددة، وفق السعايدة. ولكن في ذات الوقت قد تكمن الخطورة والجانب السلبي فيها بتأثيرها على العلاقات فيما بعد، وهذا يعود إلى طبيعة الأشخاص المتعارفين وقدرتهم على النجاح في الاختيار. فضلا عن ضبط أسس الجذب للآخر، سواء أكان بتطبيق إلكتروني او تواصل مباشر بين الأفراد. كما انها ترى أن من سلبيات التطبيقات هو غياب التفاعل الطبيعي بين الأفراد، فإذا ما ضمنت تلك التطبيقات توفير التفاعل والأسس السليمة في الاختيار والمحافظة على سرية الأشخاص، فإنها قد تكون آمنة ويمكن استخدامها ضمن الحدود المطلوبة.اضافة اعلان