تعديلات "الضمان".. مرة جديدة الحل جيب المواطن

محمود خطاطبة ها هي المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي تُقدم من جديد على تعديل قانونها، علمًا بأن آخر تعديل على قانون الضمان كان قبل نحو 30 شهرًا فقط، وقبل ذلك بثمانية أعوام أقدمت على إجراء تعديل شامل لمواده.. لكن المؤسسة كانت هذه المرة جريئة جدًا بالتعديلات، إذ أقدمت على تعديل 47 مادة من أصل 110، هي مُجمل مواد القانون، أي ما نسبته 42.7 بالمائة من مجموع المواد. ما يدعو للتساؤل، هو أن المدير العام لمؤسسة الضمان، الدكتور حازم رحاحلة، استرسل كثيرًا، خلال مؤتمر صحفي عقده يوم الأربعاء الماضي، في شرح 11 مادة فقط من أصل الـ47، التي أُعلن عن إجراء تعديلات عليها، والتي تُشكل نسبة 23.4 بالمائة من مجموع المواد المُعدلة، ما يعني أن 76.6 بالمائة تم التغاضي عنها، بغض النظر عن أنها شكلية أو ذات أهمية أقل. وما يدعو للاستغراب، أن مسودة التعديلات لم يتم الإفصاح عنها، ولم يتم نشرها على أي من الصحفيين والإعلاميين، باستثناء الزميلة رانيا الصرايرة التي استطاعت الحصول على مسودة التعديلات!. وللأمانة المهنية والموضوعية، فإن هُناك الكثير من المواد التي تم تعديلها، كانت إيجابية، وتُعزز وتوسع مظلمة الحماية الاجتماعية، وفي صالح المواطن، من قبيل استفادة الأنثى من راتب والدها أو شقيقها حتى لو تطلقت أو ترملت بعد وفاتهما، والانتفاع من تأمين الأمومة، والسماح لأبناء الأردنيات المُتزوجات من أجانب، وكذلك أبناء قطاع غزة، من الاشتراك الاختياري في “الضمان. لكن، المُلاحظ بأن مؤسسة الضمان ماضية قدمًا، ومُستمرة في تعزيز الحماية الاجتماعية من جيوب المُشتركين، التي باتت بلا شك فارغة، وكذلك من “قاصات” المنشآت، التي تتحجج دومًا بأن قيمة الاشتراكات “مرتفعة جدًا”، وهي كذلك.. كيف لا؟، وقد وصلت مع التعديلات الجديدة إلى 26.75 من قيمة إجمالي الراتب، الأمر الذي يعني رُبع ما يتقاضاه العامل!، وذلك بعد أن كانت 21.75 بالمائة. الخوف، كُل الخوف، من أن يكون ما أقدمت عليه مؤسسة الضمان، هو بداية “تخلي” الدولة عن مسؤولياتها الأساسية، والتي تتمثل بتأمين التعليم وتوفير العلاج للمواطنين. فالتأمين الصحي، الذي بالأصل أن توفره الدولة لمواطنيها على الأقل، فإنه بات قاب قوسين أو أدنى من مسؤوليات مؤسسة الضمان، والتي ستطبقه على العاملين في القطاع الخاص غير المؤمنين صحيًا وكذلك المُتقاعدين.. ويا ليت الأمر يقف عند هذا الحد، بل سيتم اقتطاع نسبة 5 بالمائة، من أُجور جميع المُشتركين، كي ينعموا فقط بمراجعة بعض المُستشفيات، بعيدًا عن أي أدوية أو تحاليل مخبرية أو صور إشعاعية. إلى جانب استحداث حساب التكافل الاجتماعي، بُغية تغطية نفقات التعليم لأبناء المؤمن عليهم والمُتقاعدين، وتغطية إضافة مدة الخدمة للحصول على راتب تقاعدي للمؤمن عليهم. نقطة ثانية، تدعو للاستهجان، هي تلك التي تتعلق السماح بتخصيص نصف بالمائة من الفائض التأميني السنوي لتنفيذ أنشطة تثقيفية.. هذا التعديل يُثير الاستغراب والتندر، إذ بأي حق تستولي على نسبة ليست بسيطة من أموال الأردنيين بحجة إقامة أنشطة تثقيفية هي أصلًا من صُلب عمل مؤسسة الضمان. نقطة ثالثة، لا تقل غرابة عن سابقتها، تتعلق بالسماح بتخصص 1 بالمائة، من صندوق إصابات العمل، بهدف تنفيذ برامج تختص بالسلامة والمهنية.. وما ينطبق على النقطة السابقة ينطبق على الثالثة، فهذه أموال الأردنيين، لا يجوز التسلط عليها، لإقامة برامج هي من صميم عمل مؤسسات الدولة. كُل ذلك، وتأتي تعديلات “الضمان” وتقوم برفع سن تقاعد الشيخوخة إلى 62 عامًا للذكور، و59 للإناث، وإلغاء التقاعد المُبكر، لمن تقل اشتراكاته عن 36 اشتراكًا مع بداية العام 2026.. لكن المؤسسة تناست عن ظروف العمل الصعبة، وكيف يُعاني المواطن الأردني الأمرين، إلى درجة أن يلهث حتى يستطيع مواصلة العمل في منشآت أصحابها همهم الأول والأخير كسب المال فقط، ولو على حساب عامليها وموظفيها. المقال السابق للكاتب  للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنااضافة اعلان