تعديل قانون الإدارة العامة ضرورة لتطوير الأداء الحكومي

مبنى معهد الإدارة العامة - (أرشيفية)
مبنى معهد الإدارة العامة - (أرشيفية)
عبد الله الربيحات - أجمع خبراء إداريون على أن إنشاء "هيئة الخدمة المدنية والإدارة العامة"، التي نادت بها اللجنة الوزارية لتحديث الإدارة العامة يكمن في تعديل قانون الإدارة العامة لسنة 1965، بحيث تنشأ بموجبه الهيئة المشار إليها، ترتبط برئيس الوزراء؛ وتعطى صفة الضابطة العدلية، وممارسة مهام الرقابة الإدارية والإستراتيجية غير منقوصة. وأكد هؤلاء الخبراء لـ"الغد" ضرورة أن يكون من مهام الهيئة، أيضا؛ الإشراف على تخطيط الموارد البشرية على مستوى القطاع العام وتحديد وضبط الطلب على الموارد البشرية وفق أفضل الممارسات الدولية، واعتماد مؤشرات ومستهدفات الأداء الإستراتيجي ومستوى الخدمات المقدمة للجهاز الحكومي، فضلا عن إلزام الجهات الحكومية بذلك. وبين أمين عام وزارة تطوير القطاع العام سابقًا، عبدالله القضاة، أن اللجنة الوزارية لتحديث الإدارة العامة اقترحت من ضمن مخرجاتها، إنشاء هذه الهيئة، تبني تشريعات داعمة للتغيير الإيجابي تستشرف المستقبل، وتوظف التكنولوجيا، وتضمن الامتثال التلقائي للمعايير الفضلى ومواجهة المخاطر، كما تطلعت اللجنة ‘لى إيجاد جهاز خدمة مدنية قادر على اختيار الكفاءات المطلوبة وتعيينها وتنويع مصادرها وفقا لمبادئ الاستحقاق والتنافسية والشفافية وتكافؤ الفرص. وأضاف القضاة أن "وجود الهيئة ضرورة إدارية، لكن اللجنة لم تبين نوع التشريع الذي ستنشأ بموجبه هذه الهيئة، وما يزال البعض يتحدث عن تعديل نظام الخدمة المدنية، والتخوف من أن يتم التعديل ليتم بموجب النظام استبدال مسمى ديوان الخدمة المدنية بهيئة الخدمة والإدارة العامة؛ وعندها ستعيدنا للمربع الأول، ولا أعتقد أن أي نظام للخدمة المدنية سيكون قادرا على معالجة الأسباب الجذرية لتراجع أداء الإدارة العامة والتي تم تشخيصها من أكثر من مرجعية استشارية في الدولة". ورأى أن الحل يكمن في تعديل قانون الإدارة العامة لسنة 1965، بحيث تنشأ بموجبه الهيئة المشار إليها وترتبط برئيس الوزراء؛ وتعطى صفة الضابطة العدلية، وممارسة مهام الرقابة الإدارية والإستراتيجية غير منقوصة، ويكون من مهامها أيضا؛ الإشراف على تخطيط الموارد البشرية على مستوى القطاع العام وتحديد وضبط الطلب على الموارد البشرية وفق أفضل الممارسات الدولية. ودعا إلى أن يكون من مهامها كذلك اعتماد مؤشرات ومستهدفات الأداء الإستراتيجي ومستوى الخدمات المقدمة للجهاز الحكومي وإلزام الجهات الحكومية بذلك، وأن يلزم القانون المقترح مؤسسات الدولة بتطبيق سياسة وطنية للتوظيف ترتكز عل مبدأ الجدارة والاستحقاق وتكافؤ الفرص، ما يعني حتما نقل صلاحيات التوظيف للدوائر والمؤسسات العامة، شريطة أن تراقب الهيئة حسن سير الإجراءات وسلامتها، وتعطى حق إلغاء القرارات الإدارية المخالفة. وبموجب هذا القانون، تكون الهيئة الخلف الإداري والقانوني لديوان الخدمة المدنية، ويمنحها كل متطلبات القوة المؤسسية، ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، اعتماد الهياكل التنظيمية والأوصاف الوظيفية للدوائر والمؤسسات الحكومية، ومتابعة الأداء الإستراتيجي لدوائر ومؤسسات الإدارة العامة بعد اعتمادها للمستهدفات الوطنية. وقال: "قد يتساءل البعض عن المرجعية الدستورية لإنشاء الديوان، حيث المادة (120) من الدستور تنص على أن "التقسيمات الادارية في المملكة الأردنية الهاشمية وتشكيلات دوائر الحكومة ودرجاتها وأسماؤها ومنهاج إدارتها وكيفية تعيين الموظفين وعزلهم والإشراف عليهم وحدود صلاحياتهم واختصاصاتهم تعين بأنظمة يصدرها مجلس الوزراء بموافقة الملك". وأضاف: "وبالتالي يتعذر إنشاء ديوان الخدمة المدنية بموجب قانون، ونظامه لا يمكن أن يمنحه صفة الضابطة العدلية، وبالتالي فهم بهذا التفسير يضعون العربة أمام الحصان". وتابع: "ولذلك، فإن الحل الإداري والقانوني هو أن تنشأ الهيئة بقانون يعطيها جميع الصلاحيات الممكنة، وفي نفس الوقت تصدر أنظمة للموارد البشرية استنادا للمادة (120) من الدستور، وليس بالضرورة نظاما واحدا، فقد يكون هناك نظام خاص للمعلمين، وآخر لأطباء وزارة الصحة، وآخر للوظائف المساندة في الجهاز الحكومي وهكذا، وفي كل الأحوال تعطى الهيئة سلطة الرقابة على تطبيق هذه الأنظمة". وزاد: "وعندها ستتولى كل وزارة/ دائرة تنفيذ عملية التوظيف بعد أن تأخذ موافقة الهيئة على شواغرها وأوصافهم ومواصفاتهم متضمنة أجور الوظائف، ويكون التنافس على شغل هذه الشواغر من خلال الإعلان عنها في المحافظة/ اللواء وضمن إجراءات التوظيف التي يتم تشريعها وبأعلى درجات النزاهة والشفافية التي تعتمد على الكفايات الأساسية وليس الأقدمية، وبعيدا عن عملية الدور المعمول بها حاليا". واستطرد القضاة: "القيمة الجديدة التي يمكن أن تضيفها هذه الهيئة للعدالة الوظيفية إضافة لما سبق، اتساع مظلة تطبيق رقابتها لتشمل، إضافة لجهاز الخدمة المدنية كافة وظائف القطاع العام في جميع الهيئات والجامعات الرسمية، إضافة إلى أمانة عمان والبلديات، وكذلك الشركات الحكومية المملوكة بالكامل للحكومة أو مؤسسة الضمان الاجتماعي التي تبلغ مساهمة الحكومة أو الضمان في رأس مالها (50 %) فأكثر". ودعا إلى اعتماد مؤشرات ومستهدفات الأداء الإستراتيجي الحكومي ومستوى الخدمات المقدمة؛ على أن تتولى الوحدة المعنية في رئاسة الوزراء متابعة هذا الأداء وفق المؤشرات والمستهدفات المحددة مسبقا، بالتنسيق مع وحدات التطوير المؤسسي في الدوائر الحكومية؛ وتقديم التقارير الدورية لمجلس الوزراء بذلك. وقال إن من متطلبات نجاح التوجه اللامركزي في التوظيف، بناء القدرات المؤسسية والبشرية لإدارات الموارد البشرية في الدوائر والمؤسسات العامة لتمكينها من القيام بهذه المهمة بكفاءة وفاعلية، ويمكن تبني خطة للتغيير والتهيئة بدءا بوزارتي الصحة والتربية ليكون الانتقال تدريجيا ومدروسا يرافقه خلق ثقافة جديدة داعمة وتوعية إعلامية ممنهجة. وفيما يتعلق بحوكمة عمل مجلس الخدمة المدنية، والذي لم تتطرق له لجنة التحديث؛ اقترح القضاة أن يعاد النظر بهيكلته من جانبين الأول: أن يتشكل من مملثين عن الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني لتعزيز النهج التشاركي، والثاني: أن يقتصر دوره على اقتراح السياسات وتقديم الدراسات وأي توصيات تخص القطاع لمجلس الوزراء لاتخاذ ما يلزم بخصوصها؛ دون أن يكون له أي تدخل أو تأثير على الهيئة المقترحة. بدوره، بين مدير عام معهد الإدارة العامة السابق، راضي العتوم، أن أسباب تراجع القطاع العام هو "تسلط أصحاب القرار على إعداد التشريعات وتعديلاتها، فأصحاب القرار أي الوزراء ورؤساء المجالس، والمديرون والأمناء العامون هم من يقترح التعديلات على التشريعات دون مشاركة ذوي العلاقة، وحتى دون مشاركة الدوائر الحكومية المعنية بشكل مباشر وغير مباشر بعملهم". وأضاف العتوم أن ذلك يعني أنه "لا مشاركة لمؤسسات الأعمال، ولا مشاركة للمؤسسات المجتمع المدني، ولا للنقابات، ولا لأي طرف يتأثر بتلك التشريعات؛ وهذه التشريعات تشمل: القوانين، والانظمة، والتعليمات، والقرارات ذات العلاقة المنظمة للتطبيق، لذا فالمشاركة كمفهوم غائب عن فكر الإدارة العليا في الاردن برمته". وأضاف أن من أسباب التراجع أيضا، "عدم إدراك أصحاب القرار بسُبُل الإدارة الديمقراطية، فالتسلط ما زال سيّد الموقف، ويعزز ذلك نظام الخدمة المدنية، وكذلك غياب الرقابة والمحاسبة والمساءلة على القرارات العليا، وعلى إنجازات دوائر الحكومة، على الرغم من أن جائزة جلالة الملك عبدالله الثاني للتميز والشفافية الحكومية تُطبق منذ ما يزيد على عشرين عاما". وزاد على الأسباب "عدم إعطاء الموظف حرية في التفكير، والتعبير، وإطلاق الأفكار الريادية على الرغم من وجود نصوص واضحة في نظام الخدمة المدنية، فضلا عن غياب التنسيق والمتابعة، وافتقاد الموضوعية، والتشاركية في رسم الخطط الاستراتيجية بين أجهزة الحكومة ذاتها، فكل وزارة، ومؤسسة عامة، والكل يخطط بمعزل عن الآخر، وهذا عكس نهج العالم المتقدم برمته". وتابع: " نعاني أيضا من غياب تدريب القادة قبل ممارستهم لمهامهم، فعلى الرغم من أنهم أشدّ الناس حاجة للتدريب والتأهيل لممارسة قراراتهم وصلاحياتهم، وأقترح تدريبهم من قبل توليفة شركات اجنبية أوروبية وشرق آسيوية بالتعاون مع خبراء محليين بشكل تشاركي متوافق ومتوازن". وكان رئيس ديوان الخدمة المدنية، سامح الناصر، قال في تصريحات خلال اللقاء الحواري الذي نظم من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي الخميس الماضي إن هناك مجموعة من التحديات التي تعيق تنمية الموارد البشرية في الأردن. وأشار الناصر إلى أن من أبرز أسباب التراجع الإداري إضعاف وتهميش معهد الإدارة العامة وديوان الخدمة المدنية.

اقرأ المزيد : 

اضافة اعلان