تعزيز استثمارات القطاع الخاص يوقف مسار النمو الهابط

سماح بيبرس

عمان- خلصت دراسة تشخيصية حديثة عن القطاع الخاص في الأردن والصادرة عن مؤسسة التمويل الدولية والبنك الدولي الى أنّ وجود قطاع خاص ديناميكي ومرن أمر ضروري إذا أراد الأردن كسر مسار النمو المنخفض والبطالة المرتفع الذي يجد نفسه فيه اليوم.اضافة اعلان
وأشارت الدراسة التي تناولت ثلاث قطاعات (السياحة، الخدمات اللوجستية، وتكنلوجيا المعلومات والاتصال) إلى أن تعزيز الاستثمارات الخاصة في أنحاء البلاد، بما في ذلك هذه القطاعات من شأنه أن يدعم توفير فرص العمل، ويحفز الابتكار، ويساعد الأردن على التعافي من التداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا (كوفيد19).
وأضافت أنّ الهدف الأهم للأردن هو الاقتصاد - والقطاع الخاص الذي يوفر المزيد من الوظائف التي يطلبها الأردنيون، مشيرة الى أنّ السمة الأبرز للنمو الاقتصادي في الأردن كان في السابق أنّه لم ينجح في خفض البطالة.
وبينت انّ القطاع الخاص الأردني يلعب دورًا حاسمًا في مواجهة التحديات الرئيسة الأخرى التي يواجهها البلد، ألا وهي إنعاش النمو الاقتصادي القائم على التصدير.
وفي ظل سوقه الصغير، فالنمو يجب أن يكون مدفوعا بالصادرات والاستثمار، ولا سيما الاستثمار الأجنبي المباشر الداعم للتصدير.
وبينت الدراسة أنّ نشاط القطاع الخاص في الممكة يقوض بسبب مجموعة من التحديات التي تحد من قدرته على توفير فرص العمل والمنافسة في الأسواق الدولية.
ومن أهم هذه التحديات تكاليف الأعمال المرتفعة، وعدم القدرة على التنبؤ بالسياسات ومخاطر الاستثمار، والتجزئة المفرطة لسوق العمل، وأوجه القصور المتعلقة بالمنافسة في السوق.
وبالرغم من وجود هذه التحديات إلا أنّ هناك فرصا فالأردن بلد شاب، مع قوة عاملة متنامية ومتعلمة وماهرة بشكل متزايد.
وقالت "هناك إمكانات كبيرة لتعزيز الابتكار والإنتاجية والنمو من خلال تسخير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT)".
وأكدت الدراسة أنّ هذه القطاعات الثلاثة (السياحة التكنولوجيا اللوجستيات) " ما تزال تبشر بالخير للاقتصاد "، موضحة أنّ وباء كورونا أبرز الدور المهم للرقمنة والبنية التحتية القوية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات الداعمة في خلق اقتصاد مرن واستمرارية الأعمال.
وأضافت الدراسة أنّ إمكانات وخدمات التجارة الإلكترونية واللوجستية تعد فرصة للأردن في السنوات المقبلة؛ حيث ازدهرت خلال الأزمة الحالية ومن المتوقع أن تكون أحد قطاعات النمو في مرحلة ما بعد الوباء.
وعلى العكس من ذلك، تعد السياحة، التي كانت تشهد انتعاشًا قويًا في الأردن على مدى السنوات القليلة الماضية، واحدة من أكثر القطاعات تضررًا في جميع أنحاء العالم وفي الأردن من أزمة كورونا، حيث إنّ القطاع حوالي 19.2 % من الناتج المحلي الإجمالي (إجمالي المساهمة) و 32 % من الصادرات، لذلك فإن صياغة استراتيجية تتصدى بشكل فعال للعقبات العديدة التي تمنع قطاع السياحة من تحقيق إمكاناته هو استثمار ضروري لتحقيق انتعاش قوي مستقبلي.
وقالت الدراسة إنّ الأردن أحرز تقدمًا في الإصلاحات التي أدخلت على اقتصاده وبيئة الأعمال في السنوات الأخيرة، لكن التحديات المتبقية كبيرة وقد تفاقمت بسبب جائحة كورونا.
وأشارت الى أنه ومنذ العام 2016، بلغ متوسط النمو 2 % فقط، وكان دخل الفرد في 2019 أقل بنسبة 10 % من مستواه قبل عقد من الزمن، مشيرة الى أنّ كليهما سوف ينخفض أكثر في العام 2020 بسبب تأثير الأزمة، اضافة الى ارتفاع معدل البطالة إلى 19 % (باستثناء العمالة الأجنبية) في العام 2019 ، مع تركزها بشكل كبير بين الشباب والنساء.
لم يُترجم التقدم الأخير في تحسين مناخ الأعمال حتى الآن إلى زيادة الاستثمار المحلي أو الأجنبي. وعلى الرغم من تعزيز المالية العامة للقطاع العام في 2016-2017 ، فقد تدهور عجز المالية العامة مرة أخرى في 2018-2019، والدين الحكومي مرتفع للغاية عند 99 % من الناتج المحلي الإجمالي (2019) ومن المتوقع أن يرتفع بشكل كبير في العام 2020.
وعليه فقد أكدت الدراسة على أنّه وفي ظل هذه الظروف، ربما يكون تعزيز مساهمات القطاع الخاص في الإنتاجية هو السبيل الوحيد المستدام للنمو بالنسبة للأردن نظرًا للقيود المالية ومحدودية أدوات السياسة الاقتصادية لتحفيز النمو.
وأشارت الدراسة الى أنّ الأردن يستضيف أصلا قطاعًا ناشئًا لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فقد أنشأت شركات عالمية عملاقة مثل Cisco و Expedia و HP وMicrosoft و Oracle بالفعل عمليات في البلاد؛ وتوسعت شركات تعهيد تكنولوجيا المعلومات الأردنية (ITO) وشركات التعهيد الخارجي لتجهيز الأعمال (BPO) لخدمة العملاء الإقليميين والدوليين؛ وظهر نظام بيئي رقمي وريادة أعمال ناشئ.
وبغض النظر عن وعد القطاع نفسه، يمكن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن تحفز وتدعم التحديث والتحول في الصناعات والخدمات الأخرى.
وأوصت الدراسة بعدة نقاط أهمها إنفاذ قوانين مكافحة الاحتكار من أجل إذكاء المنافسة؛ الحد من ضوابط الأسعار التي تشوِّه السوق للخدمات المهمة مثل الكهرباء؛ تقليص الإجراءات البيروقراطية من أجل التيسير على رواد الأعمال في بدء تأسيس الشركات وإدارتها؛ توسيع خدمات رعاية الطفل لتمكين مزيد من النساء من الالتحاق بالقوى العاملة؛ التشاور بشكل منهجي مع القطاع الخاص بشأن التحديات الرئيسة على صعيد السياسات التي قد تُؤثِّر على منشآت الأعمال؛ تبسيط القواعد الخاصة بالاستثمار الأجنبي التي تُثنِي كثيرا من الشركات اليوم عن دخول الأردن.