تعزيز هيبة "التوجيهي" بتطويره أيضا

قبل أن يبدأ امتحان الثانوية العامة "التوجيهي"، أعلنت الحكومة أنها بصدد اتخاذ إجراءات مشددة للحفاظ على سلامة الامتحان وهيبته، وإعادة الثقة فيه بعد أن كاد يفقدها نتيجة كثرة الخروقات في السنوات القليلة السابقة؛ بمنع المخالفات، ليكون امتحانا عادلا، ومقياسا صحيحا، قادرا على قياس قدرات الطلبة العلمية بكل موضوعية. اضافة اعلان
واتخذت الحكومة، ممثلة بوزارتي "التربية والتعليم" و"الداخلية"، إجراءات أمنية مشددة لمنع الخروقات ومحاولات الغش، وتدخل الأهل والأقرباء والأصدقاء في سير الامتحان. وقد وصفت مجريات الامتحان في اليومين الأول والثاني بـ"الناجحة"، حتى إن وزير التربية والتعليم، الدكتور محمد الذنيبات، وصف نجاح الإجراءات الحكومية في اليوم الأول بـ"الإنجاز الوطني بامتياز". 
التشدد الحكومي، والحرص على سير الامتحان بانضباط، ظهرا أيضا في تصريحات رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، في جلسة مجلس النواب أول من أمس، حيث قال: "إن هيبة امتحان الثانوية العامة من هيبة الدولة. وإن هيبة الدولة لا تتجزأ". وأكد النسور أن "العقوبات ستكون صارمة على كل من يتدخل في سلامة الامتحانات. وقد أخذنا كل الاحتياطات ليكون الامتحان دقيقا".
أعتقد أن هذه الإجراءات صحيحة للحفاظ على هيبة امتحان "التوجيهي" التي كاد يفقدها جراء الخروقات العديدة والواسعة التي جرت سابقا، لاسيما التي وقعت العام الماضي. لكن، مع أهمية هذه الإجراءات، فإن هناك ضرورة لإعادة النظر في الامتحان ككل، كمقياس لقدرات الطلبة، حتى يتسنى لهم الانتقال إلى المرحلة الجامعية، ودراسة التخصص المناسب الذي يتلاءم مع قدراتهم وإمكاناتهم.
منذ سنوات والحكومة، ممثلة بوزارة التربية والتعليم، تتحدث عن ضرورة تطوير "التوجيهي"، وتتحدث عن خطوات على هذا الصعيد. لكن، وللأسف، فإن هذه التوجهات تتغير، بتغير الوزراء والحكومات؛ وما هو مقبول وضروري أثناء ولاية حكومة ما، يصبح غير مقبول وثانويا في عهد حكومة أخرى. فقد قطعت وزارة التربية والتعليم في عهد الوزير الأسبق وليد المعاني، شوطا جيدا في الإعداد لتطوير الامتحان، إلا أن ذلك توقف بعد تغيير الحكومة آنذاك.
غالبية المؤتمرات والندوات وورش العمل التي عُقدت لتطوير التعليم، طالبت بتطوير امتحان "التوجيهي"، وكان آخر هذه الفعاليات ملتقى "سياسات إصلاح التعليم العام في الأردن"، الذي عقدته "مجموعة المبادرة النيابية" والجامعة الأردنية وصندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، الأسبوع الماضي في البحر الميت، بمشاركة واسعة من أكاديميين ومختصين وخبراء في العلوم التربوية، ولجنة التربية في مجلس النواب. وقد أوصى الملتقى، ضمن مجموعة من التوصيات التي صدرت عنه، بضرورة إصلاح وتطوير امتحان الثانوية العامة، وإعادة هيكلته. وقدمت توصية محددة في هذا السياق.
المهم، وبعيدا عن التفاصيل، ان "التوجيهي" بحاجة ماسة إلى التطوير والتحديث. فهذه الخطوة ضرورية للحفاظ على هيبة الامتحان، وليس فقط اتخاذ إجراءات أمنية مشددة لمنع الخروقات والتجاوزات.

[email protected]