تعليم جامعي مجاني يحقق أهداف الإصلاح الاقتصادي

وليد المعاني

يزداد عدد الطلبة المتقدمين للحصول على منح أو قروض من صندوق دعم الطالب الجامعي في وزارة التعليم العالي سنويا بحيث وصل الأمر لأن يقل عدد المستفيدين ويظهر عجز في تمويل الصندوق ‬وذلك لعدم قدرته على الاستمرار بنفس وتيرة اعداد المستفيدين في الاعوام السابقة، -انظر الغد 2022/11/9- والتي تمت في محاولات لاسترضاء الطلبة وذويهم وغيرهم من قوى الضغط، وفي ظل عدم مواكبة التمويل الحكومي للزيادات المطردة في أعداد المقبولين.‬‬اضافة اعلان
تشكل قضية تمويل التعليم الجامعي مشكلة عالمية يعاني الطلبة منها، ليس في الحصول عليها وانما في ارتفاع كلفته وفي طول المدة الزمنية اللازمة لتسديد قروض تمويله هي وفوائدها، وقد شكلت قضية القروض نقطة مهمة على اجندات النواب المترشحين في دول عديدة على أساس أنها قضية وطنية يتنافس المرشحون في كيفية حلها.
ويشكل تمويل التعليم الجامعي في الأردن مشكلة تقض مضاجع الآباء والأمهات في ظل الحاجة للمؤهلات العالية في اقتصاد وسوق صغيرين والحاجة لتأهيل عالي المستوى قادر على المنافسة في السوق المحلي قبل الإقليمي، وفي ظل ضائقة اقتصادية تعصف بالأردنيين نتيجة تدني الدخول وارتفاع كلفة المعيشة.
لم يعد بالإمكان دفن الرؤوس في الرمال والادعاء بعدم وجود مشكلة في التعليم الجامعي وعلى وجه الخصوص في تمويل الدراسة الجامعية.
ولم يعد بالإمكان السكوت على اولئك الذين يدعون بأنهم مع إصلاح التعليم الجامعي وهم في حقيقة الأمر من عمل على تدميره.
وكذلك لم يعد من المنطقي قبول التبريرات الحكومية بعدم المقدرة المالية، وبالتالي تركها للجامعات دون تمويل كاف لتهوي في حضيض المديونية والتراجع على الرغم من الإصرار على تسميتها بالرسمية دون تحمل الأعباء المالية لهذه التبعية.
لم يعد من المناسب ولا من الحصافة ترك الإدارات الجامعية لهوى المتدخلين والمتنفذين ولمجموعات الضغط لتملي عليها اتجاهاتها ومن يلتحق بها من اساتذة وكم تقبل من طلبة.
لم يعد بالإمكان السماح لأي إدارة جامعية ان تتصرف في مقدرات الجامعة كمزارع خاصة او حقول تجارب.
وقد كنت قدمت سابقا مقترحا لإنشاء بنك للإقراض الطلابي لتمويل التعليم الجامعي دون فوائد وبمدد سداد طويلة وذلك علم 2009 ولكن المزاج النيابي لم يقبل الطرح، وحاولت تجديد طرح المشروع عام 2019 ولكن تم حرف البوصلة باتجاه آخر، استغرق الوقت والجهد كليهما.
وعليه فإني أتقدم هنا بمقترح محدد لوضع حل لقضية تمويل الدراسة الجامعية لمن يلتحق بها، وأترك المواضيع والتساؤلات الأخرى وكلها تتعلق بالحوكمة وحسن التصريف والإدارة المالية لمحددات وشروط توضع في أطر عامة ملزمة التنفيذ، مشددا على ضرورة المساءلة والمحاسبة للمقصرين بغض النظر عمن هم.
يتلخص المقترح في عدد من النقاط المحددة:
الغاء البرنامج الموازي للطلبة الأردنيين تدريجيا وعلى مدى 5 سنوات.
الإبقاء على البرنامج الدولي للطلبة غير الأردنيين على ألا يتجاوز عددهم في أي تخصص على 30 % من عدد الطلبة في ذلك التخصص.
تخفيض مجموع الطلبة في كل جامعة ليصل الى العدد الذي حددته هيئة الاعتماد، ويكون التخفيض على مدى 5 سنوات.
يكون القبول في الجامعات للطلبة الأردنيين على برنامج واحد هو البرنامج العادي ومن خلال القبول الموحد فقط.
يكون قبول الطلبة الأردنيين مجانا ابتداء من الملتحقين بالسنة الأولى بعد تطبيق البرنامج طوال مدة الدراسة شريطة المحافظة على معدل تراكمي محدد، ويتحمل المقصرون كلفة المواد التي يعيدونها.
ينشأ صندوق لتمويل التعليم الجامعي في البنك المركزي باسم الجامعات الأردنية الرسمية، يدار من قبل لجنة مكونة من نواب رؤساء الجامعات الرسمية الإداريين، ومعهم كرئيس للجنة أحد نواب محافظ البنك المركزي، ويوضع للصندوق نظام تنص اولى مواده على منع الحكومة من التدخل في شؤون الصندوق بأي صورة.
يقوم كل المواطنين الأردنيين بدعم وتمويل هذا الصندوق متكافلين من أجل تعليم الأبناء الذين يقبلون في الجامعات الرسمية الأردنية في البرنامج العادي وهو البرنامج الوحيد المتاح لهم.
يقوم المواطنون الأردنيون مالكو هذا الصندوق بتمويل هذا الصندوق من خلال ضريبة متدرجة تفرض على مادة البنزين تكون 20 فلسا على كل لتر من البنزين في السنة الأولى من البرنامج لتصل الى 100 فلس في السنة الخامسة والأخيرة.
نتيجة لوجود الصندوق ستتوقف الحكومة عن دفع رسوم طلاب مكرمة ابناء القوات المسلحة وأبناء مكرمة المعلمين، وستتوقف عن دعم صندوق الطالب في وزارة التعليم العالي لعدم الحاجة له، ويكون هذا التوقف تدريجيا وعلى مدى 5 سنوات ويبتدئ بطلبة السنة الأولى بعد تطبيق البرنامج، وينتهي هذا الأمر في نهاية السنة الخامسة من تطبيق البرنامج. ستختفي مشكلة الجسيم للأبد ويتوقف نزف الجامعات السنوي.
تواصل الحكومة دعم موازنات الجامعات بالمبالغ المعتادة وتواصل الحكومة تسديد ديون الجامعات القائمة عند اقرار الصندوق حتى انتهائها.
يحتاج الأمر لقرار جريء يصحح الخلل الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي الذي اعترى منظومة التعليم العالي ويكون مؤازرا لخطة الإصلاح الاقتصادي التي عزم الأردن على تنفيذها.
والله من وراء القصد.