تعيين الفئات العليا!

قد يكون أحد الأسباب الرئيسة التي ساهمت أو أدت إلى تراجع الإدارة العامة الأردنية، والتي كانت مميزة وكنا نباهي بها الكثير من الدول، هو موضوع اختيار أو تعيين القيادات العليا. دولة، كانت تُصدر قبل أعوام قليلة كفاءات إدارية إلى عدة دول، من ضمنها دول الخليج العربي، أصبحت اليوم تُعاني من أمراض في بنيانها، ولا نبالغ إذا ما قلنا إن الإدارة العامة في الأردن أصبحت تُعاني من أمراض الشيخوخة، ناهيك عن أن "السوس" ينخرها أفقيًا وعاموديًا. كما قلنا آنفًا، إن أحد الأسباب الرئيسة لتراجع كفاءة الإدارة العامة هو طريقة أو آلية تعيين القيادات العليا، والتي من أولى نتائجها هو فقدان الانتماء للمؤسسة أو الوزارة التي يعمل بها الموظف. إن طريقة تعيين تلك الفئة، ستكون من نتائجها الوخيمة فقدان الانتماء والولاء للمؤسسة.. قد يقول قائل بأن ذلك من الأمور العادية، وليس سببًا لفقدان الانتماء أو الولاء للعمل، لكن عند التمعن جيدًا فهو سببب مهم جدًا، فعندما يكون الموظف ليس لديه أي قابلية للعمل أو التطور أو حتى الإخلاص، سيتأكد الجميع وقتها بأن ذلك أحد أسباب انهيار أو تراجع القطاع العام. عندما يفني شخص شبابه ما يقرب من ثلاثة عقود، في مؤسسة معينة، وصل خلالها إلى درجة متقدمة في العمل الوظيفي، ثم بكل بساطة وسهولة يأتي شخص من خارج مؤسسته ليصبح عليه مديرًا أو مسؤولًا... فهنا تقع الكارثة أو المصيبة. الأصح والأولى، أن يكون المدير أو المسؤول في مؤسسة ما قد جاء من رحم المؤسسة نفسها، وذلك بعد أن يكون قد تدرج في السلم الوظيفي حسب معيار الكفاءة والخبرة ومثابرة وجهود أعوام.. لا أن يأتي شخص ما ليتبوأ ذلك المنصب، لمجرد أن يحمل درجة علمية معينة أو يتحدث أكثر من لغة أو لديه دورات، قد لا تفيد المنصب الذي تبوأه. ليس شرطًا أن يكون من يحمل درجة الدكتوراة مثلًا، مؤهلا لشغل منصب من المناصب العليا في مؤسسة ما.. فقد يكون أحد الموظفين، الذين تدرجوا في السلم الوظيفي، أهلًا لذلك المنصب، رغم أنه لا يحمل سوى درجة البكالوريوس.. نعم، ابن المؤسسة أولى بالمنصب من شخص يأتي من خارجها، وخصوصًا إذا تم تعيينه من خلال واسطة ما، أو بعد توصية من جهة أو شخصية معينة. ابن المؤسسة أولى بالمنصب، وبالأخص إذا تدرج بالسلم الوظيفي، من خلال الكفاءة والجدارة والخبرة والمثابرة... وعكس ذلك سينعكس سلبًا وحتمًا على كفاءة الإدارة العامة، ومن قبل ذلك سيؤدي إلى "اختلال" في قناعة الموظف بمؤسسة ومن ثم إحباطه ووصوله إلى أقصى درجات عدم الانتماء والولاء. أحد أسباب عدم تطوير الإدارة العامة، هو شعور موظف الخدمة المدنية بالظلم والإهمال وهضم حقوقه، وإيمانه إلى درجة اليقين بأن مؤسسته لن تعطيه حقه، بأن يكون يومًا ما مديرًا لها، وذلك بعد خدمة عشرات الأعوام فيها. تطوير الإدارة العامة، يبدأ من أصغر موظف بالسلم الوظيفي، وإخضاعه لدورات تؤهله لاستلام مناصب تبدأ من رئاسة قسم فمدير مديرية ومن ثم مدير إدارة، وبالتالي يصبح مؤهلًا لاستلام أعلى منصب في مكان عمله... فشيء عظيم، أن يشعر الموظف بأنه عندما يجتهد ويخلص سيجد من يكافئه. اختيار القيادات العليا، يجب أن يكون على أساس الكفاءة والتدرج الوظيفي.. ولا ضير عندما يكون هناك رقابة من قبل مجلس الأمة، والابتعاد عن خلق دوائر ومؤسسات تفصل لشخص ما!.اضافة اعلان